في عالم متغير بسرعة البرق لا تُعد القيادة الفعّالة ميزة فحسب بل ضرورة، ويأتي كتاب “The 5 Levels Of Leadership” لكاتبه الأمريكي “جون سي. ماكسويل” بمثابة دليل لفهم أعماق القيادة وتطبيقها في الحياة العملية والشخصية؛ من خلال استكشاف المستويات الخمسة للقيادة الفعّالة.
ويسلط الكتاب الضوء على كيف يمكن لكل شخص أن يتحول من مجرد شاغل لمنصب إلى قائد يُلهم الآخرين ويُحدث تغييرًا إيجابيًا يدوم لأجيال، وأن هذه الرحلة ليست مجرد تسلق للسلم الوظيفي، بل مسار للتطور الشخصي والمهني الذي يُثري الذات والمحيطين بها.
“The 5 Levels Of Leadership”.. ماهية القيادة
يوضح كتاب “The 5 Levels Of Leadership” أن القيادة هي فن وعلم توجيه وتحفيز الأفراد أو الجماعات نحو تحقيق أهداف مشتركة.
وتتطلب مجموعة من المهارات الشخصية والاجتماعية، بما في ذلك القدرة على التأثير، والتواصل الفعّال، واتخاذ القرارات الحكيمة؛ إذ إن القائد الناجح هو الذي يُلهم الآخرين ويُمكنهم من العمل بشكل متناغم نحو تحقيق الرؤية المنشودة.
في جوهرها القيادة تعني القدرة على رؤية ما لا يمكن للآخرين رؤيته، وتحويل الرؤية إلى واقع. القائد يُعتبر محورًا للتغيير، يُرشد بحكمة ويُدبر بعزم، ويُعزز بيئة تُشجع على الابتكار والتطوير المستمر؛ فالقيادة ليست مجرد موقع يُشغل لكنها مسيرة مستمرة من التعلم والنمو والتأثير الإيجابي.
المستويات الخمسة للقيادة الفعّالة
-
المستوى الأول: المنصب
يُعد المنصب الأساس الذي يقف عليه كل قائد جديد، وهو المستوى الذي يُمنح فيه القائد سلطة رسمية بموجب لقب أو وظيفة.
في هذا المستوى يتبع الأشخاص القائد لأن الهيكل التنظيمي يتطلب ذلك، وليس بالضرورة لأنهم مقتنعون بقدراته القيادية أو رؤيته، والقيادة هنا تُمارس عبر الأوامر والتوجيهات، ولكنها تفتقر إلى العمق الذي يأتي من الاحترام والثقة المكتسبة.
للانتقال من هذا المستوى يوضح جون سي. ماكسويل أنه يجب على القائد أن يُظهر أكثر من مجرد القدرة على الإدارة؛ فيُبدي القدرة على التأثير والإلهام ، إلى جانب الاستماع الفعّال والتقدير الصادق لمساهماتهم، وإثبات بأنه يستحق الاتباع ليس بسبب المنصب الذي يشغله، بل بسبب القيمة التي يُضيفها للفريق والمنظمة.
القيادة في المستوى الأول تحدٍ يواجه كل قائد؛ فهي تتطلب منه أن يتجاوز حدود السلطة الرسمية ويُصبح مصدر إلهام وتوجيه.
عندما ينجح القائد في تحقيق ذلك يكون وضع الأساس لمستويات أعلى من القيادة؛ حيث يُصبح الأتباع أكثر تفاعلًا والنتائج أكثر إيجابية.
-
المستوى الثاني: القبول
عندما يتجاوز القائد حدود المنصب يدخل إلى مستوى القبول؛ حيث يُصبح القائد محط ثقة واحترام، وفي هذا المستوى لا يتبع الأشخاص القائد لأنهم مضطرون، بل لأنهم يشعرون بالتقدير والانتماء.
القائد الذي يصل إلى هذا المستوى يُظهر اهتمامًا حقيقيًا بفريقه، يستمع إلى آرائهم، ويُقدر مساهماتهم، وتُبنى القيادة هنا على العلاقات الشخصية والتواصل الفعّال؛ إذ يُصبح القائد مصدر إلهام ويُعزز الروح الجماعية، بشجع الأشخاص على العمل بحماس أكبر ويُحفزهم على تحقيق أهدافهم. القائد في المستوى الثاني يُعد مُحفزًا ومُرشدًا، وليس فقط مُديرًا يُصدر الأوامر.
التحدي في هذا المستوى يكمن في القدرة على تعزيز الثقة والولاء دون الاعتماد على السلطة الرسمية. يجب على القائد أن يُثبت بأنه يستحق الاتباع من خلال الأفعال وليس الكلمات فقط.
يُعد الانتقال إلى هذا المستوى خطوة مهمة نحو قيادة أكثر نضجًا وفعالية؛ إذ يُصبح القائد قادرًا على تحقيق التزام أعمق من فريقه وتحفيزهم على العمل بشكل جماعي نحو الأهداف المشتركة.
-
المستوى الثالث: الإنتاج
يُمثل المستوى الثالث من القيادة، والإنتاج، والنقطة التي يبدأ فيها القائد بتحقيق نتائج ملموسة تُسهم في نجاح المنظمة، وهذا المستوى يُظهر قدرة القائد على تحويل الرؤى إلى واقع، والأفكار إلى إنجازات.
ويكشف كتاب “The 5 Levels Of Leadership” عن أن القائد الفعّال يتسم بقدرته على تحفيز فريقه ليس فقط على العمل بجد، بل على العمل بذكاء، مُحققًا أهدافًا تُعزز من مكانة المنظمة وتُساهم في تطورها.
في هذا المستوى يُصبح القائد نموذجًا للإنتاجية والكفاءة؛ لأنه يُظهر كيف يُمكن تحقيق النجاح من خلال العمل الجماعي والتزام كل فرد بالمعايير العالية.
التحدي في المستوى الثالث يكمن في القدرة على الحفاظ على الزخم وتحفيز الفريق على الاستمرار في تحقيق النتائج.
يجب على القائد أن يُبقي الفريق مُركزًا على الأهداف ويُعزز من روح التعاون والابتكار.
والقائد الناجح في هذا المستوى هو الذي يُمكن فريقه من النمو ويُساهم في تطوير مهاراتهم ليس فقط لمصلحة المنظمة، بل لمصلحتهم الشخصية أيضًا.
-
المستوى الرابع: تطوير الأشخاص
يُعد المستوى الرابع من القيادة، الذي يُركز على تطوير الأشخاص، أحد أهم المستويات التي تُظهر التزام القائد بنمو وتقدم فريقه. في هذا المستوى يُصبح القائد مُعلمًا ومُرشدًا، يُكرس وقته وجهوده لتعزيز قدرات أتباعه وتمكينهم من تحقيق إمكاناتهم الكاملة.
القائد الناجح هنا لا يُركز فقط على الأهداف العملية بل يُعطي أولوية للتطوير الشخصي والمهني لأعضاء فريقه.
وتتطلب القيادة في هذا المستوى الصبر والتفهم والقدرة على الاستماع؛ إذ يُعد القائد مصدر إلهام لأنه يُظهر أن النجاح الحقيقي يأتي من خلال تمكين الآخرين ومساعدتهم في النمو والتطور.
التحدي في المستوى الرابع يكمن في القدرة على تحديد وتنمية المواهب والقيادات الناشئة داخل المنظمة.
يجب على القائد أن يُبدي استعدادًا لتقاسم الخبرات والمعرفة، وأن يُعطي الفرصة للآخرين للتألق والقيادة؛ فمن يُحقق النجاح في هذا المستوى يُعتبر مُحفزًا للتغيير الإيجابي ويُساهم في بناء جيل جديد من القادة.
-
المستوى الخامس: القمة
المستوى الخامس، المعروف بالقمة، يُمثل ذروة القيادة؛ حيث يُصبح القائد مصدر إلهام ليس فقط داخل المنظمة بل في المجتمع ككل، ويُعد تتويجًا لرحلة القائد الطويلة في تطوير الذات والآخرين.
القائد في القمة يُعرف بتأثيره العميق والمستدام، ويتبعه الناس لما يمثله من قيم ومبادئ؛ فالقيادة هنا تتجاوز الإنجازات الفردية لتشمل تأثيرًا يُحدث تغييرًا إيجابيًا ويُلهم الأجيال القادمة.
وهو يُصبح رمزًا للنزاهة والتميز، ومثالًا يُحتذى به في القيادة الأخلاقية والفعّالة، كما يُظهر أن النجاح الحقيقي يأتي من خلال ترك إرث يُعزز النمو والتطور المستمرين.
التحدي في هذا المستوى يكمن في الحفاظ على التواضع والتركيز على الخدمة والمساهمة في الخير العام.
يجب على القائد إثبات أن القيادة ليست مجرد مسألة سلطة بل هي مسؤولية تجاه الآخرين؛ إذ إن القائد في القمة يُعد مُلهمًا للتغيير الإيجابي ويُساهم في بناء مجتمع أفضل.
اقرأ أيضًا:
مهارات تحتاجها لتصبح ناجحًا.. كيفية تطوير الذات في 9 خطوات بسيطة
السوق السعودية.. مكاسب قوية وارتفاعات متتالية لأكثر من 120 شركة