أدت حاجة السوق إثر بعث الحيوية في مجال الإعلانات، وحملات الترويج للمنتجات، إلى ارتباط فن تصميم الجرافيك المعاصر بالعلامات التجارية من خلال “البراندينج”؛ وهو مصطلح حديث يعني صبغ جميع مكونات الشركة من مواد إعلانية، ومنتجات وسيارات، ولوحات إعلانية، وغيرها، بصبغة واحدة تجعل من يلمحها، يدرك تلقائيًا انتسابها للأصل.
قديمًا، لم تكن عملية بحث طلبات العملاء لإكساب منتجاتهم السمة المميزة لها في الأسواق تتجاوز حدود اللقاءات السريعة مع موظفي المبيعات أومندوبي التسويق. فكانت النتيجة مجرد ملاحظات فردية أو تصورات معبرة عن انطباعات شخصية. أي نابعة من رؤية ذاتية محضة قد تلتقي بصدفة التوفيق أو تصيبها خيبة الفشل.
تصميم الجرافيك
واليوم، يتولى هذه المهمة فريق يجمع بين أصول ممارسة فنون تصميم الجرافيك المعاصر من جهة. ومن جهة أخرى امتلاك أدوات الانتشار ومهارات الترويج؛ لتعزيز الحضور المؤثر والجذاب لإنتاج شركة من منتجات أو خدمات؛ بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن في الأسواق من إعجاب المستهلكين؛ من خلال التصميمات المقدمة وأسلوب المخاطبة.
والأمر يتعلق أساسًا بتصاميم الجرافيك لشعار الشركة وهويتها البصرية؛ لتتجاوب مع تفكير انتشار استراتيجي بعيد المدى، يتجاوز المنطلق الشكلي والجمالي الآني للتصميم؛ حيث يتولي هذه المهمة عادة دور متخصصة في التصميم الفني وشركات الإعلانات؛ وهذا هو ”البراندينج”؛ أي صناعة علامة تجارية تعاظم الوعي بدورها وأهميتها في نجاح الترويج للمنتج.
البراندينج علم وفن
والبراندينج علم وفن؛ فلتصميم الشعار (اللوجو) قواعد، فالناس يبدؤون بفكرة مبتكرة، تتطلب من يحوّلها إلى عمل تجاري يُقدَّم للمستهلكين، في شكل منتج سلعي أو خدمي. وبقدر تجاوب المستهلكين مع الفكرة، بقدر ما يمكن تلمُّس مصير هذه الفكرة؛ أي إذا ما كانت مقبولة لتتبلور إلى علامة تجارية ناجحة؛ أيbrand .
عادة ما يتم في البداية تقديم عيّنة من المنتج للناس؛ كقوة دفع أولى للعلامة التجارية، وعليها سيتبين دور الشعار ومكانته في عملية “البراندينج” عندما يكون التصميم لشعار واحد وليس لعدة خيارات.
وحين ينجح المصمم في تكوين صورة ذهنية واضحة عن ماهية المنتج ويحوّل إحساسه به إلى صورة ملموسة في شكل شعار؛ فحينئذ يكون قد حقق النتيجة المثلى.
تطوير العلامات التجارية
وبمرور الوقت ينبغي تجديد وتطوير العلامة التجارية وكل الهوية البصرية الممثلة في شكل تكوينات محددة؛ مثل الشعار باستخدام الحرف السميك المختصر الذي يوحي بالجدية والثقة، والحروف الموحية بالإنجاز، والألوان المتصفة بالحيوية؛ وذلك ليكون جذّابا ومؤثرًا؛ فتصبح بالتالي المهمة أسهل، وأكثر فاعلية، وتثير عند رؤيتها مشاعر الإعجاب والثقة.
قوة الشعار
وهذا هو أهم ما تحققه عملية البراندينج حين تصبح مهمتها المحافظة على نجاح المنتج ومستقبله؛ ما يؤكد فرضية أن قوة الشعار تعزز المهمة؛ وبالتالي تبرز 3 وجهات نظر حول العلاقة بين العلامة التجارية وطبيعة العمل ومستوى نجاحه؛ أي تحديد واقع العلامة التجارية في السوق بين الشكل والفعل:
1. أن الهوية البصرية أو العلامة التجارية هي التي تدفع تلقائيًا إلى رواج المنتج.
2. أن جودة المنتج هي التي تؤدي إلى اتساع نطاق التعريف بها وتدفع العلامة التجارية نحو الشهرة.
3. أن المستهلك النهائي هو من يدفع المنتج والشعار بتمام الترويج وكامل الانتشار إلى النجاح بناءً على ما يحققه له هذا المنتج من نفع.
المنتج الجيد
والواقع أن المنتج الجيد هو السبب المباشر وراء نجاح العلامة التجارية. ثم تصبح العلامة التجارية أداة المحافظة على النجاح. ما يعني أن بناء العمل الجيد يبني الشهرة وبريق العلامة التجارية سوقيًا.
إذ لا يمكن الإبقاء على مكانة علامة تجارية لمنتج سئ. لأن العلامة تعكس قيمًا حقيقية. ولها أدوار إيجابية. كتقليل الحاجة إلى مزيد من الإنفاق الإعلاني على المدى البعيد. لأنها تأتي بالمستهلك إلى البائع. وتزيد من جاذبية التوظيف والعمل بالشركة. وتساعدها على مواجهة تبعات حالات الكساد السلعي. أو تداعيات فترات الركود الاقتصادي.
كما تمكنها من استغلال سابق سمعتها الطيبة في تعزيز قدرتها على عرض المزيد من تشكيلة منتجاتها الأخرى.
صياغة الهدف المثالي
عمومًا، يستند صنع العلامات التجارية المميزة للمشروع، إلى صياغة هدفه المثالي. وتحديد فكرة العمل بوضوح. وهي خطوة تتطلب احتلال مكانة معينة مسبقًا في السوق. ثم التفكير فيما يميز المنتج عن غيره، بأن يكون ذا قيمة فريدة. أي يتمتع بالمقومات التنافسية الأساسية اللازمة.
ويستند البريندينج. كما يذكره أبرز الاستراتيجيين في هذا المجال. إلى ثلاثة عناصر: فعل يومي. وجهد مستمر. وموضوعه هو المستهلك. وهي عناصر ترفع الهوية الجرافيكية من مجرد تصميم جمالي إلى مستوى التناول الكلي ليكون فعلًا مستمرًا. يوسع دائرة حضور صورة الشركة- ممثلةً في شعارها وموادها الإعلامية- لدى كل الناس.