منذ انطلاق منصة “عاين” الإلكترونية في أغسطس 2018م، يتزايد الإقبال على خدماتها بمعدل يتراوح بين 60% و120% شهريًا؛ ما جعلها تستعد للانطلاق للأسواق العالمية لتقديم خدماتها بالخارج.. في هذا الحوار مع المهندس علي آل محسن؛ مؤسس ومدير المنصة التنفيذي، نتعرف عن قرب عن المنصة وما تقدمه من خدمات..
نود في البداية التعرف على منصة “عاين Ayen”؟
“عاين” عبارة عن “منصة إلكترونية متخصصة في خدمات فحص المنازل والعقارات”، تعمل حاليًا بالسعودية، ونخطط لتوسيع نطاق خدماتها إلى دول أخرى خلال عدة أعوام.
وما الداعي لتأسيسها؟
خلال عملي لسنوات في مجال إدارة المشاريع والتطوير العقاري، شاهدت كثيرًا من أصدقائي وأقاربي وعملائي تضرروا من شراء عقارات سيئة الجودة؛ ما عرضهم لخسارة مدخراتهم، مع كونهم سيضطرون للعيش فيها لسنوات طويلة؛ لأنهم اشتروها من خلال تمويل عقاري طويل الأجل.
لذلك قررت إيجاد حل لهذه المشكلة؛ بتوفير خدمات متخصصة في مجال فحص العقارات تساعد المشترين في معرفة المواصفات الحقيقية للعقارات قبل شرائها.
ومن هنا ظهرت فكرة “عاين”، التي انطلقت في تنفيذها في أوخر عام 2017م، وانضم إليَّ فريق شغوف؛ إذ عملنا سويًّا بجهد لنصل إلى ما نحن عليه الآن.
هل هذه المشكلة كبيرة لهذا الحد؟!
ذكر وزير الإسكان أن 90% من المنازل بالمملكة لا يوجد ما يضمن جودتها. وهذا التصريح يوضح لنا حجم المشكلة، وما يعطيها بُعدًا أكبر هو حجم الاحتياج الكبير للمنتجات السكنية بالسوق السعودي؛ ما يدعونا للتحرك بسرعة، وتوفير هذه الخدمات لأكبر عدد من المستفيدين، وعلى أوسع نطاق بالمملكة.
أليس من الأفضل العمل على تطوير مشاريع مضمونة الجودة، بدلًا من شراء عقارات غير مضمونة الجودة؟
هذا ما تعمل عليه وزارة الإسكان وبقية الوزارات، خاصة وأن هناك أزمة إسكانية ضخمة، ولا يمكن توجيه المجتمع للانتظار؛ حتى يتم بناء عقارات جديدة مضمونة الجودة.
لا بد من توضيح حقيقة أن هذه المساكن ليست كلها سيئة بالحد الذي لا يجعلها قابلة للعيش، بل تتفاوت في درجات الجودة، فكثير منها عالي الجودة، لكن لا يوجد- للأسف- ما يثبت ذلك. وهنا تظهر أهمية فحص العقارات لتمييزها وتصنيفها، علمًا بأن الحاجة لخدمات الفحص ليست مرتبطة فقط بالمباني القائمة، بل أيضًا بضبط الجودة خلال عمليات البناء.
هناك شركات متخصصة في الفحص، كما تقدم المكاتب الهندسية هذه الخدمة، فما الجديد في “عاين”؟
هذا صحيح، لكنه للأسف جزء من المشكلة؛ فبرغم وجود شركات ومكاتب متخصصة في الفحص، لكن هناك عوائق تحول دون استفادة المجتمع منها، أبرزها قلة الوعي بأهمية الفحص، وعدم معرفة آلية التعامل مع الجهات المقدمة لهذه الخدمات، إضافة إلى تكلفتها العالية؛ ما جعل هذه الشركات تستهدف دومًا العمل مع الجهات الحكومية والشركات الكبرى.
وهنا يظهر أثر منصة “عاين” التي يتولى فريقها تصميم الخدمات المناسبة للأفراد وتوحيد إجراءات الفحص، وتستخدم التقنية لتسهيل عملية الفحص وإصدار التقارير؛ وبالتالي أصبحت تكلفتها مقبولة لدى الأفراد.
تقديم الخدمة
كيف تقدمون الخدمة؟
يستقبل فريق منصة “عاين” الطلب إلكترونيًا؛ عن طريق رابط مخصص للخدمة Ayen.app؛ ليتم إحالتها ومباشرة إلى فاحص مستقل ومعتمد في الموعد الذي حدده طالب الخدمة. بعد ذلك، يصل الفاحص إلى موقع العقار، ويُجري جولته الفاحصة بحسب المعايير، والإرشادات التي تدرب عليها، ويسلم تقريره بعد انتهاء جولته ليراجعه مسؤول جودة التقارير من قبلنا، ثم يتم إرساله إلكترونيًا إلى طالب الخدمة.
ويمكن لطالب الخدمة أيضًا الحصول على اجتماع مع نفس الفاحص لفهم ملاحظاته بالتقرير، أو أن يطلب استشارات من مهندسين خبراء آخرين حول ما ورد بالتقرير.
معايير الفحص
ما المعايير التي تتبعونها في عمليات الفحص؟
مجال الفحص والمعاينة مجال فني وهندسي، يرتبط بمعايير عالمية ومحلية مختلفة، ونحن نتبع المعيار الأنسب لبيئتنا وللخدمة التي نقدمها؛ وذلك من خلال لجان هندسية مؤهلة نتعامل معها، باستخدام التقنية؛ لتطوير وتسهيل وابتكار خدمات الفحص والمعاينة للمنازل والعقارات.
نجاحات ملموسة
كيف بدأت المنصة، وما النجاحات التي تحققت حتى الآن؟
بدأنا العمل على تنفيذ المشروع وتطوير الخدمات منذ سبتمبر عام 2017م، وتحولنا إلى منصة إلكترونية في أغسطس 2018م، ولم نظهر للجمهور بشكل واسع إلا في أغسطس 2019م، ومنذ ذلك الحين يتزايد الإقبال والطلب على خدمات المنصة بمعدل يتراوح بين 60% و120% شهريًا، واستطعنا بفضل الله تأهيل عشرات الفاحصين والمكاتب الهندسية في مختلف أرجاء المملكة.
ورغم أننا نركز على خدمة الأفراد؛ كونهم الطرف الأضعف دائمًا في هذا المجال وأكثرهم تعرضًا للمخاطر، إلا أننا أتممنا عدة اتفاقيات مع جهات تمويلية لتوفير الخدمة لعملائها من طالبي التمويل العقاري.
مزايا تنافسية
ما المزايا التنافسية لمنصة عاين؟
نملك عدة مزايا أهمها: سرعة الاستجابة، وتوحيد إجراءات الفحص، إضافة إلى التواجد الجغرافي الواسع؛ ما يجعل التعامل من خلال المنصة مريحًا وسهلًا وبتكلفة واضحة.
والأهم من ذلك أن يستلم العميل تقريره بشكل واضح وسهل القراءة، ويتضمن إرشادات ومعلومات مهمة جدًا تجعله في منطقة قوة خلال التفاوض على شراء العقار أو صيانته.
تحديات على الطريق
وماذا عن التحديات التي واجهتكم تحديات كبيرة؟
إضافة إلى ما تواجهه الشركات التقنية الناشئة من تحديات تسويقية ومالية، واجهنا تحديات أخرى تتمثل في قلة وعي المجتمع بماهية وأهمية الفحص، وتحديات أخرى ترتبط بعدم وجود مرجع واضح محليًا لمجال الفحص؛ ما جعلنا نبذل كثيرًا من الجهد للعمل مع عدة جهات محلية وعالمية في هذا الملف.
هل تلقيتم دعمًا من أي جهة؟
منذ أن انطلقنا أخذنا على عاتقنا مسؤولية نجاحنا، ورغم أن الدافع الأساس وعامل النجاح الأهم لهذه المنصة هو نجاحها المالي والتجاري بالطبع، إلا أن ما يحفزنا فعلًا هو أثرها الإيجابي على اقتصاد الوطن، ومساهمتها في تحقيق الرؤية الطموحة لبلادنا، وفتح فرص لآلاف المهندسين والفنيين من أبناء الوطن.
تلقينا بالفعل دعمًا رائعًا من عدة جهات، فمثلًا تكفل صندوق التنمية العقاري باستضافتنا عدة مرات في المعارض التي يقيمها لمستفيدي الصندوق؛ ما ساعدنا كثيرًا في لقاء العديد من المستفيدين وفهم احتياجاتهم.
كما أن شركة الاتصالات السعودية لديها برنامج لدعم الشركات الناشئة السعودية الواعدة بمسمَّى إنسبايريو InspireU ، وهو برنامج استراتيجي ذكي جدًا من شركة الاتصالات التي تتمثل رؤيتها بالتحول إلى شركة تقنية؛ حيث تم قبولنا بالبرنامج، وتلقينا دعمًا ماليًا بقيمة 100 ألف ريال، إضافة إلى برنامج تدريبي لفريق الشركة، وفرصة المشاركة في عدة معارض مهمة؛ مثل: معرض GITEX Dubai 2019 ، ومعرض عرب نت الرياض 2019م، مع الظهور الإعلامي والدعم اللوجستي والمعرفي من خلال فريق وموارد شركة الاتصالات.
ونحن نبذل كامل الجهد لتحقيق النجاح، سواءً تلقينا أو لم نتلق دعمًا، فنحن من يجب أن نعطيه ونبنيه لا أن ننتظر منه الدعم على كل مبادرة نقوم بها؛ وهذا ما أنصح به رواد الأعمال لتحقيق طموحاتهم، يجب أن يتحملوا مسؤولية نجاحهم، ويعملوا بما لديهم من موارد حتى لو لم يصلهم أي دعم.
يوجد برنامج حكومي تابع لوزارة الأسكان باسم “منصة استدامة” يوفر خدمات مشابهة، أليس ذلك منافسًا لعملكم؟
وزارة الإسكان والجهات الحكومية بالمملكة حريصة على عدم منافسة القطاع الخاص بأي شكل؛ أما “منصة استدامة” فتأسس بهدف تحفيز المهندسين السعوديين للعمل في هذا المجال الواعد، وتوفير الخدمة لعملاء الوزارة من المطورين وعملاء الدعم السكني، وربما يكون ما يقدمونه من خدمات يمثل منافسة بشكل ما، لكننا ننظر لوزارة الإسكان كشريك استراتيجي في صناعة الوعي بأهمية فحص العقارات ومعاينتها بواسطة مهنيين متخصيين قبل شراء العقارات؛ لتخفيف المخاطر التي قد يتعرضون لها حال الشراء بدون تقارير الفحص التي تكشف لهم الكثير عن حالة ومواصفات العقار.
ونسعى لأن نكون شريكًا لوزارة الإسكان التي تحمل على عاتقها مسؤولية ضخمة في توفير منتجات سكنية ذات جودة عالية.
رؤية مستقبلية
ما رؤيتك المستقبلية؟
ستكون “عاين”- إن شاء الله تعالى- العلامة الأكثر موثوقية في مجال فحص ومعاينة العقارات بالسعودية، وستكون خدمات الفحص أساسية في جميع التعاملات المرتبطة بالعقار من شراء واستئجار وتمويل وتأمين.
كيف ترى واقع ومستقبل المنصات الإلكترونية في مجال العقار؟ وكيف يمكنها الإسهام في رواج وانتعاش العقارات؟
تتوجه التقنية والابتكار دومًا نحو توفير خيارات أقل تكلفة وأكثر قيمة بالقطاع الذي تنشط فيه. والمنصات الإلكترونية هي أحد أشكال توظيف التقنية، وبالتالي سيكون لظهورها في القطاع العقاري أثر إيجابي.
ولأن القطاع العقاري هو الأكثر تأثيرًا على حياة الشعوب والأكبر حجمًا باقتصادات الدول، فإن ظهور موجة عالمية في تبني التقنيات العقارية والاستثمار فيها أمر طبيعي، ينتج عنه ظهور فرص ضخمة تؤدي بالنتيجة إلى انتعاش القطاع.
بم تنصح رواد الأعمال؟
أن تكون رائد أعمال لا يعني أنك ستحيي حياة مثيرة ورائعة فقط، ولا يعني أنها ستكون حياة صعبة وشاقة فقط.
رحلتك كرائد أعمال مزيج من المعاناة والعمل الشاق والتحديات المستمرة، ولكن رواد الأعمال هم من يتأقلمون مع هذا الوضع، ويتعايشون معه؛ لأن شغفهم وطموحهم يهون عليهم كل ذلك؛ حتى يحققوا ما يصبون إليه.
فإن كنتم قد اخترتم هذا الطريق فأدركوا ما أنتم مقبلون عليه وتهيأوا له واستمتعوا بالرحلة، وتأكدوا أنكم ستصلون بإذن الله.
اقرأ أيضًا:
مها شيرة مؤسسة “She Works”: جائحة كورونا نقطة تحول مطلق نحو الثورة الصناعية الرابعة
المحامية ريم الصالح: عدم حماية المحاماة من الدخلاء أهم عقبة تواجه المهنة
د. علياء ألفي: أنتجنا كمادات أوفر ماديًا وأطول تبريدًا وأكثر تعقيمًا