دكتور سانتياجو انجويز
كاتب أسباني، بروفوسور الإدارة الاستراتيجية، عميد كلية IE لإدارة الأعمال، واحد من أعلام إدارة الأعمال في أوروبا، عمل كمستشار في إدارة الجودة و تطوير التعليم في أوروبا، متحدث في المؤتمرات الدولية ووسائل الاعلام المختلفة، محرر مشارك في موقع www.deanstalk.netحول قضايا إدارة التعليم
https://es.linkedin.com/in/siniguez
طريقة رخيصة لتحسين جودة الحياة
كم عدد الكتب التي يجب علينا قراءتها كل عام؟ الجواب يعتمد إلى درجة كبيرة على مدى سرعة قراءتنا، والأذواق الشخصية لدينا، أو مقدار الجهد الذي بذلناه في القراءة، ولكني أقول إنها فكرة جيدة أن نحدد هدفنا بقراءة كتاب كل أسبوع، وهو ما يعني، حوالي 50 كتاب كل عام، وهكذا قيل، عندما يتعلق الأمر بالقراءة، فالجودة تكون أكثر أهمية من الكمية.
السؤال التالي الذي ربما نسأله لأنفسنا هو ما إذا كان يجب علينا الانتهاء من كل كتاب نبدأه، عادة الانتهاء من قراءة كتاب، قد ينظر إليه على أنه واجب، أو مهمة تقريبا مع المناهج الفلسفية، وفي حالة المناهج الأكاديمية، ينظر إليه على أنه التزام دراسي، علاوة على ذلك، فإن التجربة غالبا ما تظهر، المثابرة مع كتاب قد يبدو أنه لا يمكن اختراقه، يمكن أن تكون مجزية. وعلى مر الزمن فإن معنى و مقاصد المؤلف تبدأ تنبثق للقارئ.
وأعترف أنني بدأت الاطلاع بقراءة “جيمس جويس يوليسيس” ثلاث مرات قبل التحديد المطلوب لوقت الانتهاء من ذلك. وينبغي القول الآن أن جهودي قد أثمرت كثيرا في شكل من التأملات والإشارات إلى الكتاب والأفكار والروابط التي تنشأ في الحياة اليومية، فضلا عن الأفكار المثيرة للاهتمام والموضوعات التي تناقش مع الأصدقاء والزملاء، و حسب قول بعض الناس أن أفضل شيء نفعله هو النقاش حول كتاب، لا نتمتع بالتوقف عن قراءته، وكما أشار الكاتب والناقد البريطاني تيم باركس: “شوبنهاور فكّر وكتب الكثير عن القراءة، عن جانب دكتور جونسون، بأن الحياة “قصيرة جدا بالنسبة للكتب السيئة” و ينبغي أن تكون بضع صفحات كافية تماما كتقدير مؤقت لإنتاج المؤلف” وبعد ذلك يمكن تقدير الأعمال التالية إذا كنت غير مقتنع ” وواصل باركس.. أنه ينبغي علينا نحن البالغين أن نقوم بتطوير غريزة القراءة الآن حتى يمكننا إنقاذ أنفسنا من الكتب السيئة، وأنه علاوة على ذلك ينبغي أن نتخلي عن الشعور بالالتزام بما قد نكون قد بدأناه في سن أصغر.. ومع مرور الوقت، فإننا كمستهلكين لكل الناتج الثقافي، فقد أصبحنا نطلب أكثر وعلى وعي أكثر بالوقت وعرضة أكثر للتخلي عن الكتاب، ونفضل الخروج لمشاهدة فيلم، أو أننا نغلق الاستماع إلى قطعة من الموسيقى عندما نفقد الاهتمام بها. بل إن باركس ذهب إلى أبعد من ذلك إلى حد القول بأننا يجب أن نتوقف عن قراءة كتاب عندما نصل إلى النقطة التي نتمتع فيها بما فيه الكفاية، مضيفا إلى أن بعض روائع الأعمال لم تكتمل على أي حال، وأنها ربما تكون أكثر متعة للتنظير كما يمكن أن تكون هناك نهايات بديلة.
وبالنسبة لبعض الأعمال الأكاديمية، فمن خلال تجربتي الخاصة، يجب القول بأن نهايات بعض الأعمال التي أثني عليها على نطاق واسع في الشريعة الأكاديمية مخيبة للآمال، ويمكن بالتأكيد أن يتم تحسينها، وقد نرى أننا نخلو من الالتزام بإنهاء كل كتاب لسبب آخر، حيث أننا نبدأ بهدف الاطلاع على 52 من المجلدات على مدار السنة ليصبح هدف أكثر واقعية، والسؤال المختلف جدا حول ذلك الاطلاع الواعي، وربما المبرر على كتاب وما إذا كنا فقدنا الاهتمام به لأننا ببساطة غير قادرين على التركيز.
نحن نعيش في عصر متقطع، عندما يتم استهلاك الكثير من وقتنا في القيام بمهام متعددة في الوقت نفسه مثل: فحص رسائل البريد الإلكتروني، الرسائل النصية، التعامل مع ضوضاء الخلفية، والأنشطة التي تدور حولنا. وهناك بالطبع تلك النفوس المتميزة التي تستطيع قراءة العديد من الكتب في نفس الوقت، وفي رأيي، أن هذه ممارسة تعتمد على مدى العمق الذي يرغب المرء أن يخوضه في الكتاب، فضلا عن مستوى مهاراتنا المتعددة المهام، والتي تتطلب أن تكون قادرا على تحويل الانتباه من مهمة لأخرى دون فقد التركيز، ولكن الحقيقة البسيطة هي أن القراءة واحدة من تلك الأشياء التي لا يمكن القيام بها بالتزامن مع نشاط آخر، فهي تتطلب تكريس حصرى لوقتها إذا أردنا التمتع الكامل بها و كنا مقدّرين لها.
وهذا هو السبب الذي يجعل الكثير من الناس يتمتعون بالقراءة عند السفر بالطائرة، التي تعد واحدة من عدد قليل من الأماكن حيث يتم قطع الاتصال بيننا و بين العالم ويمكننا أن نتمتع بعزلتنا، حيث تتوسع التكنولوجيا الرقمية الآن من خبرتنا بالقراءة من خلال الكتب الإلكترونية أو الكتب الصوتية، وأنا معجب جدا من الكتب المسموعة، وأستمع إليها حين أسافر أو عندما أكون في صالة الألعاب الرياضية.
والنقاد للكتب السمعية، الذين يقولون أن تجربة الاستماع لا يمكن مقارنتها بالقراءة، ينبغي عليهم أن يتذكروا أنه على مدى قرون عديدة قبل اختراع الطباعة، وحتى لفترة طويلة بعد ذلك، كانت القراءة بصوت عال في مجموعات هي القاعدة، سواء كنا نقرأ وحدنا أو في مجموعات، كما قال مارك هادون، مؤلف كتاب الحادث الغريب للكلب في الليل ” The Curious Incident of the Dog in the Night ” حيث أشار إلى أن القراءة هي “في المقام الأول علامة على التصور الصحي، لاهتمامنا بالعالم و على قدرتنا على أن نظل في هدوء، و على قدرتنا على الحلم أثناء النهار “
وختاما: يمكننا عمل الكثير بقراءتنا من خلال توظيف عدد قليل من أفضل الممارسات، على سبيل المثال: دائما تكون فكرة جيدة لمناقشة الكتب التي تقرأها أو قرأت للتو مع الأهل والأصدقاء. والمحادثات حول كيف أثرت الكتب علينا ليست فقط مسلية، ولكنها تزيد من قدرتنا النقدية والقدرة على وضع الحجج، وعند بدء قراءة كتاب، ينبغي لنا أن نضع لأنفسنا مهلة زمنية، والتي يمكن أن تمتد دائما إذا قررنا إتباع نهج أكثر مهلا. حيث أن وضع أطر زمنية تلزمنا أيضا أن نفكر في إذا كنا نستمتع بالكتاب الذي نطّلع عليه أم لا.
محاولة قراءة العديد من أنواع الكتب قدر الإمكان، فالقراءة الأدبية تحفز على الخيال، ويمكن أن تعطينا نظرة ثاقبة للعالم ولسلوك الآخرين، فالشعر يحفز إحساسنا الغنائي ، و يضاعف حساسيتنا ، و السير التاريخية تساعدنا على التواصل مع الناس من فترات أخرى، ورؤية القواسم المشتركة على مدى القرون تساعدنا على فهم العالم من حولنا اليوم ، وتوصيات الأصدقاء والزملاء هي دائما موضع ترحيب، بل إنها فكرة جيدة لا تسمح للآخرين لممارسة تأثير كبير جدا على ما نقرأ، وأن نختار الكتب التي تعكس معاييرنا الخاصة و أفضلياتنا، و نتحقق بانتظام من قوائم أكثر الكتب مبيعا، وكذلك قراءة مراجعات الكتب في الصحف العالمية الرائدة، ولكن أيضا نخصص وقت لتصفح المكتبات أو المواقع المتخصصة.وبالمثل، فليس من الخطأ الحكم على الكتاب من غلافه، فإذا كانت هناك صعوبة في الانجذاب إليه ولم يكن يشد الأنظار إليه، ربما يكون بسبب أن الكتاب له قيمة في حد ذاته.
وأخيرا، إنها دائما فكرة جيدة أن نقرأ المؤلفات الكلاسيكية، ولكن أيضا ينبغي أن نولي الاهتمام للأعمال المعاصرة التي يمكن أن تساعدنا على فهم أفضل للعالم من حولنا، ولا سيما تلك التي ألفها كتاب من ثقافات أخرى، حيث يمكن أن تساعد على تواصلنا مع أناس من عوالم مختلفة، و العمل على انفتاح أنفسنا بهذه الطريقة يمكن أن يمدنا بنظرة ثاقبة متنوعة، وربما تجعلنا أكثر تسامحا مع وجهات نظر عالمية بديلة عن وجهات النظر بمنطقتنا. و من خلال ذلك فإننا نزيد من حساسيتنا العالمية وقدرتنا على العمل كمواطنين عالميين.