من الأقوال المأثورة فيما يتعلق بـ طرق إدارة الوقت القول التالي: “أن تكون حكيمًا في الوقت فذلك تسعة أعشار الحكمة”، ورغم أن الوقت يعد من أهم عناصر أي عمل، يصادف أيضًا أنه أحد أكثر الأمور المُدارة على نحو سيء، خصوصًا في الأعمال التجارية.
أفاد نحو 62% من رواد الأعمال بأنهم يقضون ما لا يقل عن 50 ساعة أسبوعيًا في إدارة شركاتهم. وهو أعلى بكثير من المتوسط العالمي لعدد ساعات العمل.
ومع ذلك، فإن أولئك الذين يقضون كل هذه الساعات الإضافية في أعمالهم غالبًا ما يجدون أن الوقت الإضافي لا يصل إلى الحد الذي يريدونه، وأن أعباء أعمالهم تتراكم يومًا تلو الآخر.
كيف تدير وقتك بصفة خبير؟
للإجابة على هذا السؤال علينا بدايةً أن نتعرف على أهمية إدارة الوقت.
ما إدارة الوقت؟
تمكننا مهارات إدارة الوقت من استكمال مهام العمل في الوقت المحدد دون المساس بجودة إنتاجنا. وعندما لا ندير وقتنا بكفاءة، تمر مواعيد التسليم النهائية، وتتأخر المشاريع، وترتفع مستويات التوتر لدينا.
وقد يؤدي عدم إدارة الوقت بكفاءة إلى كثرة التعرض لارتكاب الأخطاء. ومن المرجح أن نهمل احتياجاتنا الجسدية والعقلية الأساسية على الصعيد الشخصي؛ لأننا ببساطة نحاول اللحاق بالركب باستمرار.
كما تعد المهارات القوية لإدارة الوقت، بما في ذلك تحديد الأولويات الفعالة، والتغلب على عوامل التشتيت، وتفويض المهام، ضرورية لرواد الأعمال الذين يرغبون في تنمية أعمالهم مع الحفاظ على حياة متوازنة.
ما الذي يسبب سوء إدارة الوقت بين رواد الأعمال؟
هناك العديد من الأسباب الشائعة التي قد تجعل رواد الأعمال يواجهون صعوبة في إدارة وقتهم، وفيما يلي أكثرها شيوعًا:
الأهداف غير الواضحة
تسعى الأهداف إلى إكمال مهام العمل على الوجه الأمثل. لكن إذا لم يتم التفكير في الأهداف جيدًا، فلن يتمكن رواد الأعمال من اتخاذ القرارات الصحيحة فيما يتعلق بإدارة وقتهم. وسينتهي بهم الأمر إلى قضاء الوقت في مهام غير مهمة بدلًا من تركيز طاقتهم على المهام ذات الأولوية العالية.
الافتقار إلى التنظيم
يساعد تنظيم الوقت رواد الأعمال على تقسيم المهام المعقدة إلى أجزاء أصغر لإنجازها في الوقت المناسب. لكن إذا كان رواد الأعمال يفتقرون إلى المهارات التنظيمية أو لديهم مساحات عمل غير منظمة. فمن السهل عليهم أن يفقدوا إحساسهم بالوقت ويصبحوا غارقين في عبء العمل.
سوء التخطيط
لا يقتصر التخطيط على تحديد الأهداف أو إنشاء الجداول الزمنية فحسب. ولكن يتعلق الأمر أيضًا بتطوير استراتيجيات للوصول إلى تلك الأهداف ضمن الإطار الزمني المتاح. ودون التخطيط السليم، يمكن أن يقع رواد الأعمال بسهولة في فخ الفشل بالالتزام بالمواعيد النهائية.
المماطلة في تنفيذ المهام
التأجيل المتعمد مشكلة شائعة بين رواد الأعمال؛ لأنهم يميلون إلى التسويف حتى اللحظات الأخيرة. ومع ذلك، قد يتم تشتيت انتباههم عن طريق أنشطة أو مشاريع أخرى تبدو أكثر أهمية، بالتزامن مع توقيت المهام المكلفين بالانتهاء منها. وفي نهاية المطاف، تؤدي المماطلة إلى تفويت المواعيد النهائية، فضلًا على إهدار الكثير من الوقت.
قلة التركيز
التركيز هو أحد الأمور الضرورية لإدارة الوقت بفعالية. ولسوء الحظ، غالبًا ما يعاني رواد الأعمال من عوامل التشتيت التي تمنعهم من الاستمرار في إتمام مهامهم بفاعلية. وقد يؤدي هذا النقص في التركيز إلى “تعدد المهام”؛ ما يؤدي إلى تدني جودة العمل أو التأخير في إنجاز المشروع.
التوقعات غير الواقعية
يميل الكثير من رواد الأعمال للمبالغة في تقدير مقدار ما يمكنهم إنجازه في يوم أو أسبوع معين. وغالبًا ما يكون تقديرهم لإتمام المهام التي تثقل عاتقهم خاطئًا؛ ما يؤدي إلى مشاريع غير مكتملة وتفويت المواعيد النهائية بسبب ضيق الوقت.
ممارسات الرعاية الذاتية السيئة
لا شك أن الإرهاق الجسدي والعقلي يؤثر على العديد من قدراتنا المعرفية، إن لم يكن كلها. بما في ذلك التركيز، والذاكرة، والتفكير المنطقي، والإدراك. وعندما لا تعمل عقولنا كما ينبغي، نجد أنفسنا في حالة من الجمود العقلي. حتى أبسط المهام يمكن أن تستغرق وقتًا أطول بكثير لإكمالها. وقبل أن ندرك ذلك، نجد أنفسنا تأخرنا كثيرًا عن الانتهاء من جداولنا الزمنية.
كيف يمكن أن يؤثر سوء إدارة الوقت على الأعمال؟
إن عدم دفع الفواتير المستحقة في الموعد المحدد، والتعرض لغرامة بسبب التأخر في الدفع، ليس سوى مثال على مدى تأثير إدارة الوقت بطريقة غير فاعلة على محفظتك المالية. ومع ذلك، ليست العقوبات المالية فقط التي يمكن أن تؤثر على نجاح شركتك، إنها فرص زيادة الربحية والنمو التي تفوتك عندما تكون منهكًا باستمرار ولا يوجد لديك وقت لتكريسه للتخطيط لاستراتيجيات العمل الكبيرة.
كيفية إتقان إدارة الوقت
الخبر السار الآن هو أن أي رائد أعمال، يمكن أن يصبح خبيرًا في إدارة الوقت، باستخدام النهج الصحيح.
ومن خلال بعض النصائح المؤكدة لإدارة الوقت التي ستساعدك في إدارة وقتك بصورة أكثر كفاءة وفاعلية، على النحو التالي:
1- حدد أهدافًا واضحة
خذ لحظة للتفكير في بداية كل يوم فيما تريد تحقيقه. ورغم أنه قد يبدو سؤالًا بسيطًا، إلا أن إجابتك ستساعدك على التخطيط لجدول أعمالك على نحو هادف. لذا؛ فكر في الأهداف القصيرة والطويلة المدى التي حددتها لعملك. وما الذي يمكنك فعله اليوم ويقربك من تلك الأهداف.
2- ركز على أولويات المهام
يساعد الفهم الواضح لما هو مهم وعاجل على ضمان عدم تفويت أي مواعيد نهائية أو إغفال أهدافك. لذا؛ ابدأ بإنشاء قائمة بكل ما يجب عليك تنفيذه حاليًا. وجميع المشاريع والخطط المعلقة الكبيرة والصغيرة على حد سواء.
تعامل دائمًا مع الأمور العاجلة والمهمة أولًا، ثم يمكنك الانتقال إلى المهام الأقل أولوية والأقل إلحاحًا. بينما قد يكون من السهل تأجيل هذه المهام، لكنها توفر الكثير من القيمة عند إنجازها. لذلك من المفيد أن تضعها أعلى قائمة مهامك، واهدف إلى الابتعاد عن الأعمال غير المهمة وغير العاجلة قدر الإمكان، إن لم يكن كلها.
3- صمم جدول زمني يناسبك
يعد وجود خطة استراتيجية لوقتك أمرًا أساسيًا لتحقيق أقصى استفادة يوميًا. وهذا لا يعني تبني نظام صارم على الطراز العسكري. بل يعني التحلي بالذكاء بشأن ما يجب القيام به ومتى. وضع في الاعتبار، أنه يمكنك تعزيز كفاءة أكبر من خلال تحديد أوقات الذروة للإنتاجية.
إن معرفة “متى” و “أين” و” كيف” تجعلك تقدم أفضل ما لديك، وهم وسيلة لا تقدر بثمن لمساعدتك على إنجاز المزيد كل يوم. لذا؛ اهدف دائمًا إلى جدولة المهام ذات الأولوية القصوى خلال الساعات الأكثر يقظة ونشاطًا.
ورغم انعدام وجود نهج واحد يناسب الجميع للجدول الزمني المثالي، فإن القليل من التخطيط المدروس سيساعدك على البقاء منظمًا والتأكد من أن عملك الأكثر أهمية يحظى بالتركيز والاهتمام الذي يستحقه.
4- استفد من التكنولوجيا
من المؤكد أن التكنولوجيا تعد مصدرًا عظيمًا لإدارة وقتك بكفاءة. هناك العديد من الأدوات والتطبيقات المتاحة التي يمكن أن تساعدك في البقاء منظمًا وعلى المسار الصحيح لمهامك.
على سبيل المثال، يمكن أن يساعدك برنامج “إدارة المشاريع” في تتبع المواعيد النهائية وتحديد أولويات مهامك، كما تعد أدوات “تتبع الوقت”، مفيدة خصوصًا عندما يتعلق الأمر بزيادة كفاءتك.
ويمكن لبعض المهام التي قد تبدو صغيرة أن تضيف الكثير حقًا لإدارة وقتك، مثل الاستمرار في التحقق من بريدك الإلكتروني الذي يستغرق عادةً ما لا يقل عن “5 دقائق” لمدة أطول مما ينبغي؟ وأوقات الراحة “القصيرة” على وسائل التواصل الاجتماعي.
5- ركز على الجودة
بالنسبة للعديد من رواد الأعمال، فإن أكبر التحديات التي يواجهونها في إدارة الوقت، بسبب وجود الكثير من المهام في قائمة الانتظار التي تفتقر إلى الأهمية أو الإلحاح، في حين يعد التخلص من المهام التي تستغرق وقتًا طويلًا ومنخفضة القيمة أحد أبسط الإجراءات وأكثرها فاعلية، التي تتيح لك تنفيذ المزيد في وقت أقل. لذا؛ لقد حان الوقت لأن تبدأ بالتركيز على الجودة.
في الختام..
تعد مهارات إدارة الوقت الجيدة أمرًا بالغ الأهمية لرواد الأعمال الذين يرغبون في تحقيق النجاح على المدى الطويل وتجنب الإحباط، والتوتر، والإرهاق الناتجين عن الفشل دائمًا. لذا؛ من المؤكد أن تنفيذ الاستراتيجيات سالفة الذكر سيساعدك على البقاء على اطلاع بكل ما يأتي في طريقك دون المساس برفاهيتك، أو علاقاتك، أو رضاك الوظيفي.
وإذا كنت لا تزل تتساءل كيف يمكنك إدارة وقتك عندما يكون لديك عمل أكثر مما يمكنك التعامل معه؟ الإجابة ببساطة، تخلص من المهام التي تستغرق وقتًا طويلًا وتستنزف طاقتك، وتحول وادفع أعمالك إلى الأمام.
بقلم/ بارنابي لاشبروك.
المقال الأصلي (هنـــــــــا).