في ظل الثورة التكنولوجية الهائلة خلال العقود الأخيرة برزت سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي كظاهرة عصرية ذات وجهين؛ حيث باتت أدوات فعالة للتواصل والتسويق في عالم الأعمال، بينما أصبحت في الوقت نفسه مصدرًا لمخاطر جمة تهدد سمعة الشركات وتعوق مسيرتها نحو النجاح.
فمن ناحية تتيح منصات التواصل الاجتماعي للشركات فرصة التواصل المباشر مع عملائها، وفهم احتياجاتهم، وبناء علاقات قوية معهم؛ ما يساهم في تعزيز الولاء للعلامة التجارية وزيادة المبيعات.
كما تقدم هذه المنصات أدوات فعالة للتسويق والإعلان؛ فهي تتيح للشركات استهداف جمهورها بدقة وعرض منتجاتها وخدماتها على نطاق واسع.
ولكن من ناحية أخرى تخفي سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي مخاطر جمة على الشركات. فسرعة انتشار المعلومات على هذه المنصات قد تحوّل أي خطأ أو تصريح غير مدروس إلى أزمة تهدد سمعة الشركة، ناهيك عن خطر التعرض للابتزاز أو القرصنة الإلكترونية.
وإضافة إلى ذلك قد تؤدي ثقافة المقارنة السائدة على وسائل التواصل الاجتماعي إلى شعور الموظفين بعدم الرضا عن عملهم أو راتبهم، وذلك يؤثر سلبًا في الإنتاجية ويعوق نمو الشركة.
لذا أصبح من الضروري على الشركات اتباع نهج مدروس في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والاستفادة من إيجابياتها مع التخفيف من سلبياتها؛ لضمان تحقيق التوازن المطلوب بين الترويج للعلامة التجارية وحماية سمعتها.
سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي
لا يمكن إنكار دور وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز التواصل والتسويق إلا أن تجاهل سلبياتها يفضي إلى نتائج عكسية تهدد مسيرة الشركات والأعمال.
وفي هذا الجانب كشف غاري فاينرتشوك؛ من الأعلام البارزة في مجال المحتوى الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي، النقاب عن ستة اتجاهات رئيسية تشكل مشهد هذه المنصات في عام 2024، مقسمة إلى ثلاثة أقسام: ممارسات ينصح بها وثلاثة يجب التخلي عنها.
1- لا تعبر عن مشاعرك
التعبير عن مشاعرك على لينكد إن: يرى غاري فاينرتشوك أن مشاركة المديرين التنفيذيين لمقاطع فيديو يبكون فيها على لينكد إن للإعلان عن تسريحات أو اعترافات بالخطأ أمر غير صادق وغير مجدٍ.
ويوضح أن مثل هذه التصرفات ينظر إليها بأنها عاطفية مصطنعة ولا تفيد في بناء صورة إيجابية.
-
استمتع بوقتك على وسائل التواصل
الرقص عبر وسائل التواصل الاجتماعي: يشجع “غاري” الرؤساء التنفيذيين على الاستمتاع بوقتهم على وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها، حتى لو كان ذلك يعني الرقص على تيك توك، دون الاهتمام بآراء من ينتقدون.
ويرى أن الانطلاق والاستمتاع يعزز صورة إيجابية أكثر من التصنع.
2- لا توزع هدايا لجذب المتابعين
إجراء حملات توزيع الهدايا لزيادة المتابعين: يحذر “غاري” من استخدام حملات توزيع الهدايا لجذب المتابعين، فالمتابعون الذين يتم جذبهم بهذه الطريقة لا يهتمون بالعلامة التجارية ولن يستمروا في المتابعة على الأرجح.
-
استخدم روبوتات المحادثة الذكية
استخدام روبوتات المحادثة بالذكاء الاصطناعي: ينصح “فاينرتشوك” باستخدام روبوتات المحادثة بالذكاء الاصطناعي على الرغم من عدم كفاءتها التامة حاليًا؛ لأنها تمثل تقنية واعدة ذات إمكانيات كبيرة في المستقبل.
3- لا تتباهي بامتيازات الموظفين
التباهي بامتيازات الموظفين: يحذر “غاري” من مشاركة صور وجبات الغداء المجانية ورحلات التخييم للشركات على وسائل التواصل الاجتماعي لجذب المواهب، فالموظفون يهتمون أكثر بالراتب والثقافة والفرص للنمو.
وينصح بدلًا من ذلك بالتركيز على مشاركة قصص حقيقية تظهر كيف تساعد الشركة الموظفين في النجاح والتطور.
مشاركة أخبار الشركة السلبية دون شفافية: يشدد على ضرورة الشفافية عند مواجهة الشركة لتحديات، مع تجنب التغريدات الغامضة أو المحيرة.
وينصح بتقديم شرح واضح للوضع ومشاركة خطط الشركة لمعالجته.
-
تواصل مع جمهورك عبر البث المباشر
استخدام الفيديو المباشر للتواصل مع الجمهور: يشجع غاري فاينرتشوك على استخدام البث المباشر عبر المنصات مثل: فيسبوك وإكس وإنستجرام للتواصل مع الجمهور بشكلٍ شخصي وتفاعلي.
ويمكن من خلاله الإجابة عن الأسئلة، ومشاركة تحديثات حول عمل الشركة، أو استضافة خبراء في مجالات ذات صلة.
البث الصوتي لبناء جمهور مخلص: ينصح باستخدام البودكاست لبناء جمهور مخلص من خلال مشاركة الخبرات والمعرفة مع مستمعين مهتمين.
وذلك باختيار موضوع يناسب تخصص الشركة وجماهيرها. مع الحرص على تقديم حلقات عالية الجودة تُقدم قيمة حقيقية.
التعاون مع المؤثرين في مجال عملك: يمكن للشراكة مع المؤثرين الذين لديهم جمهور متفاعل أن تساعد في الوصول إلى جمهور أوسع وتعزيز مصداقية الشركة.
وينصح باختيار المؤثرين الذين يتوافقون مع قيم علامتك التجارية ويقدمون محتوى ذا صلة بجمهورك.
بعد استكشاف سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي نؤكد أن مسؤولية استخدام هذه المنصات بشكل إيجابي تقع على عاتق جميع الأطراف المعنية؛ بدءًا من الشركات والمؤسسات، وصولًا إلى الأفراد والمستخدمين.
فمن خلال التعاون والتوعية يمكننا جميعًا:
- تعزيز الأمان الرقمي: يجب سن قوانين تحارب المحتوى الضار على الإنترنت، مثل: خطاب الكراهية والتنمر الإلكتروني، وتعزز قيم التسامح والاحترام. كما ينبغي على الحكومات التعاون مع شركات التكنولوجيا لضمان تطبيق هذه القوانين بشكل فعّال.
- تمكين المستخدمين من خلال التثقيف الرقمي: يعد التثقيف الرقمي ضروريًّا لتعليم المستخدمين مهارات التفكير النقدي، وفهم مخاطر الفضاء الرقمي، وكيفية الاستخدام الآمن والمسؤول للإنترنت. ويجب على الحكومات والمؤسسات التعليمية والمنظمات المدنية التعاون لتنفيذ برامج تثقيفية تساهم في رفع وعي المستخدمين وتعزيز قدراتهم الرقمية.
- تحويل الفضاء الرقمي إلى أداة للتنمية والتقدم: يتم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر المعرفة، ودعم المبادرات الإيجابية؛ وتعزيز التواصل بين أفراد المجتمع. كما يمكن استخدام التكنولوجيا لتوفير فرص جديدة للتعليم والعمل والريادة.