مع زيادة التركيز على الاستدامة العالمية نشهد تحولًا سريعًا في كيفية عمل الشركات؛ وربما سيأخذ مستقبل ريادة الأعمال الواعية كلًا من الربحية والاستدامة وخدمة الآخرين نحو خطوة أخرى أبعد من الإطار المألوف.
تتمثل الخطوة التالية في تطور ريادة الأعمال الواعية في بناء نموذج عمل يلبي أيضًا الأهداف الشخصية لرائد الأعمال وشغفه وقيمه _بغض النظر عن الصناعة أو المشروع الخاص به_ وقد تسمي مناهج الأعمال الجديدة والناشئة هذا العنصر الريادي بـ “التأليف الذاتي”.
الرأسمالية الواعية
قد تكون ريادة الأعمال الاجتماعية بدأت مع المنظمات الشعبية في الثمانينيات من القرن الماضي إلا أن مصطلح “الرأسمالية الواعية” صاغه كل من جون ماكي؛ المؤسس المشارك لشركة “هول فودز”، وراج سيسوديا؛ أستاذ التسويق في جامعة بينتلي، حتى بات فلسفة تشجع رواد الأعمال على إنشاء أعمال مستدامة ذات غرض؛ ما يعني أن الشركات يجب أن تعمل بشكل أخلاقي أثناء سعيها لتحقيق الأرباح.
المأمول من المسؤولية الاجتماعية.. رد على كوارث عولمية
وتركز ريادة الأعمال الواعية على 4 مبادئ أساسية، هي: الغرض الأعلى، توجه أصحاب المصلحة، القيادة الواعية، والثقافة الواعية، بينما بُنيت الرأسماليّة الواعية على أساس الرأسمالية التقليدية التي تتضمن المنافسة وريادة الأعمال وسيادة القانون والتبادل الطوعي، وأضافت لها الثقة، التعاطف، التعاون، وصنع القيمة.
ومع ذلك فإن ريادة الأعمال الواعية تسد الفجوة بين هذه المبادئ الأربعة والقيم الأساسية لرائد الأعمال وشغفه وطموحاته، بغض النظر عن المجال الذي يعمل فيه.
ويتواجد رواد الأعمال الواعون بشكل متزايد في عالم الأعمال وهم ليسوا منتشرين فقط في الصناعات التي تعتمد على الاستدامة مثل الأغذية العضوية أو الطاقة الخضراء؛ حيث يمكن أن يتواجدوا في أي مكان تقريبًا، سواء كانوا يديرون مقهى أو مكتب محاسبة.
استدامة المسؤولية الاجتماعية.. الفكر المركب وفهم الغايات
تمكين الشركات
من جهتهم أكد استشاريو مجال الاستدامة أن هناك منظمات تركز على تحول النظام الاقتصادي وتمكين الشركات؛ من خلال استراتيجيات قابلة للتنفيذ لتصبح أكثر وعيًا. والبعض، على سبيل المثال، يوفر المعايير والإرشادات في الصناعات، بما في ذلك التصنيع والاستشارات المالية والصحة والعافية والاستشارات والوسائط الرقمية.
أما الآن فقد أصبح من الأسهل أكثر من أي وقت مضى تضمين مبادئ مدفوعة بالفهم العميق في نسيج نماذج ريادة الأعمال الواعية، وأفضل جزء في هذه المرحلة هو أنه من المرجح أن يجد رواد الأعمال الطموحون أحد شغفهم مدرجًا بينهم.
تضمن ريادة الأعمال الواعية أن المسؤولية الاجتماعية ليست مجرد فكرة لاحقة في نموذج الربح، وبدلًا من ذلك يتم ترسيخها عن قصد في كل جانب من جوانب العمل أثناء عملية التطوير، علمًا بأنها تتضمن كيف يفكر رائد الأعمال في أهدافه الشخصية وكيف يؤثر في الآخرين.
الفوائد الخفية لتطبيق المسؤولية الاجتماعية للشركات
ريادة الأعمال الواعية والربح
جانب آخر من ريادة الأعمال الواعية هو أنه على الرغم من أن رواد الأعمال الواعين يفهمون أن عملهم لديه القدرة على تغيير الحياة وتحقيق الإنجاز الشخصي في الوقت نفسه، إلا أنهم يفعلون ذلك دون التضحية بالربحية.
لا يفوق العطاء والوفاء الشخصي القدرة على تحقيق الربح في عمل واعٍ؛ لأن الربح هو ما يغذي التأثير بالأخير. ويختلف هذا النهج عن المفهوم الخاطئ الشائع بأن المؤسسات ذات الوعي الاجتماعي مستعدة للتضحية بالربحية من أجل التغيير الاجتماعي.
في الواقع يستمر البحث في إظهار أن الشركات الواعية حقًا ذات النهج المتكامل للاستدامة والتأثير الاجتماعي تتفوق ماليًا على منافسيها؛ بسبب الطلب المتزايد من أصحاب المصلحة ليكونوا أكثر مسؤولية اجتماعيًا.
الأنشطة البيئية في الشركات والوعي الإداري
وفي النهاية يمكن القول إن رواد الأعمال الواعين لم يكونوا أبدًا أكثر أهمية لمستقبل الأعمال والاستدامة العالمية فحسب، بل هم يتمعتون بفهم أعمق لكيفية إنشاء مؤسسات مستدامة حقًا ومرضية تؤثر بشكل إيجابي في المجتمع ككل. ويمكنك أن تأخذ هذه الحركة على نطاق واسع وقد لا نضطر بعد الآن إلى الاعتماد فقط على المؤسسات الكبيرة لتنفيذ مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات؛ لأن المالكين الفرديين والشركات الصغيرة على حد سواء ستكون لديهم القدرة على إحداث تغيير طويل الأمد للأجيال القادمة.
اقرأ أيضًا:
سمعة الشركات.. الباب الخلفي لنجاح رواد الأعمال
البيئة النظيفة وحدود المسؤولية الاجتماعية
المسؤولية الاجتماعية للشركات.. كيف لرائد الأعمال أن يخطو للأمام؟