تحولت محطة غراند سنترال الشهيرة، الواقعة في قلب نيويورك، من ساحة تجارية مليئة بالإعلانات إلى معرض فني مفتوح يجسد روح المدينة ووجوه سكانها. حيث تحشد الجموع في سباق يومي لا ينتهي.
ففي أكتوبر الجاري، تم استبدال كل الإعلانات الرقمية المعلقة على جدران المحطة بأعمال فنية من مشروع “Humans of New York” للمصور والكاتب براندون ستانتون. في خطوة غير مسبوقة انطلقت بتمويل من مدخراته الشخصية.
وجدير بالذكر أن المعرض ينطلق تحت شعار “Dear New York” أو “عزيزتي نيوورك”. حيث يقدم أكثر من 10,000 صورة وقصة إنسانية لأشخاص من مختلف أحياء المدينة والعالم. ذلك من خلال 150 شاشة رقمية منتشرة في جميع أنحاء المحطة. التي تحمل أكثر من 750 ألف عابر بين سكان وزوار وسياح.
وفي السياق ذاته، قال ستانتون “استغرق الأمر أكثر من ألف موافقة لتحقيق هذا المشروع، وكان يمكن لـ‘لا’ واحدة أن تقضي على المبادرة بالكامل”.
وخلال ستة أشهر، أجرى المصور مفاوضات مع جهات رسمية متعددة. منها هيئة النقل في نيويورك وشركة Outfront Media المالكة لـ80% من شاشات الإعلانات في المحطة. بجانب مصلحة السكك الحديدية ودوائر حكومية أخرى.
كذلك أضاف براندون ستانتون “كان الأمر مزيجًا من المفاوضات التجارية والسياسية. لذا كان يجب علي أن أقنع السلطات بأن ما أقوم به ليس مشروعًا ربحيًا، بل عمل فني خيري للمدينة”.
وعلى الرغم من أن المشروع لم يحصل على تمويل من أي منظمة، أقنع ستانتون عدد من الشركاء بالمساهمة في التنفيذ. حيث قدم ديفيد كورينز، مصمم برودواي الشهير، عمله تطوعًا. بينما شاركت شركة التصميم Pentagram بمئات آلاف الدولارات في خدمات التصميم ثلاثي الأبعاد.
أيضًا وقع اتفاقية تعاون مع أكاديمية جوليارد لتقديم عروض موسيقية مكونة من أكثر من 100 ساعة من العروض الحية يؤديها طلاب وخريجو الأكاديمية.
كما تم تصميم التركيب الفني بالتعاون مع أندريا ترابوكو كامبوس، الشريكة في استوديو التصميم العالمي Pentagram. حيث ساهمت في العمل تطوعا دون مقابل.
محطة “غراند سنترال” تحيي تراثًا فنيًا في أرجاء نيوورك
علاوة على ذلك، تدور عروض بصرية ضخمة بارتفاع 50 قدمًا حول الأعمدة والأقواس الرخامية داخل الساحة الكبرى للمحطة. في حين تنتشر الشاشات الرقمية وسط الممرات والسلالم وقاعات الانتظار بقصص وصور لأشخاص عاديين يعيشون تفاصيل المدينة اليومية.
بالإضافة إلى ذلك، تحولت قاعة فاندربيلت إلى معرض مجتمعي يقدم أعمال 600 طالب من المدارس العامة إلى جانب فنانين ناشئين.
كذلك أوضح ستانتون قائلًا: “تعتبر اقتباساتي على إنستجرام طويلة، لكنني اختصرتها لتكون لحظات سريعة يمكن لأي شخص تقبلها أثناء مروره. وما يسعدني هو رؤية الناس يتوقفون فجأة في زحام المحطة ليشاهدوا قصة إنسان”.
نبذة عن معرض “عزيزتي نيوورك”
يمكن للفرد أن يقابل مختلف أنواع البشر داخل نيوورك الصاخبة. حيث تضم مختلف الأعراق والأديان والثقافات والأعمار والهويات. حيث يميز هذا التنوع المدينة الأكثر ثقافة في العالم.
ومن هنا قرر المصور والكاتب الشهير براندون ستانتون إطلاق مشروعه الإنساني “Humans of New York” عام 2010.
وخلال 15 عامًا، وثق ستانتون وجوه الناس وقصص حياتهم التي صنعت من نيويورك مدينة تعج بالنشاط والحيوية. بجانب التناقضات والجمال البشري.
واليوم، يعرض المصور الشهير مشروعه هذا لأول مرة في قلب المدينة من خلال تركيب فني ضخم داخل محطة “غراند سنترال”. والذي تم افتتاحه الأسبوع الماضي ليحول المدينة إلى أكبر معرض مفتوح لتاريخها وتاريخ سكانها.
أيضًا، الذي يحاكي معرض عزيزتي نيويورك، عبر سرد بصري عميق، قصص المجتمع الحضري وسكانه المتنوعين. كما تقف أرشيفات ستانتون المصوَّرة التي تشكل أكبر مجموعة من صور البورتريه لنيويورك التقطها فنان واحد على الإطلاق.
كما يتجول الزوار بين لقطات لرجل مغطى بالوشوم، وفتاة صغيرة تستلقي على لوح تزلج، وزوجين يستريحان على الشاطئ، وامرأة بمكياج صارخ. بجانب رجل نظم حفلات للمثليات على مدى عشر سنوات.
كذلك، تعد كل صورة من هذه الصور رسالة حب من وإلى نيويورك. ما يعكس التنوع الإنساني الذي يمنحها طاقتها الفريدة.
من ناحية أخرى، تم إزالة جميع الإعلانات التجارية من محطة غراند سنترال ومحطتها الأرضية للمرة الأولى في التاريخ الحديث. لعرض أكثر من 150 شاشة رقمية من الصور والقصص بدلًا من الإعلانات العامة. ما يضفي طابعًا غير مسبوق على المعرض.
بالتالي، نجح براندون ستانتون في تقديم تجربة فنية وإنسانية غير مسبوقة. تقديرًا لنيويورك، مدينة الوجوه والقصص التي لا تنتهي.
المقال الأصلي: من هنـا


