ناقشنا في المقال السابق المعنون بـ “رائد الأعمال الصغير” فكرة غرس ثقافة ريادة الأعمال والابتكار في نفوس وعقول أبنائنا من المرحلة الابتدائية حتى الثانوية؛ لتخريج أجيال من رواد الأعمال قادرين على الابتكار والإبداع، واقترحنا تنظيم المدارس، مسابقات تمنح جوائز للمبادرين الصغار.
اليوم، نستكمل هذا الموضوع بشبابنا الواعد في المرحلة الجامعية، فالجامعات يمكنها القيام بدور حيوي في توليد رواد أعمال جدد، بجانب دورها في نشر المعارف العلمية والتكنولوجية.
أطرح في هذا المقال فكرة نبعت من تأملي لواقع ما يُسمى ”برنامج التدريب الصيفي”؛ وهو أحد متطلبات التخرج في بعض الكليات العملية بالجامعات، والذي يتضمن قضاء الطلاب فترة تدريب في جهة حكومية أو شركة وطنية لعدة أسابيع؛ بهدف دعم قدراتهم وتحسين مهاراتهم الشخصية والعملية، بما يعزز من مهاراتهم الوظيفية والنهوض بها.
صُمِّم البرنامج لتأهيل الطلاب كموظفين في المستقبل، بالرغم من وجود شريحة من الطلاب لديهم أحلام وأفكار ريادية ورغبة في الانخراط في عالم ريادة الأعمال بتأسيس شركات ناشئة أو مشروعات صغيرة.
بلورة الأفكار
من هنا، أقترح تطبيق برنامج “رائد الأعمال الجامعي”، كمسار إضافي يسلكه بعض طلاب الجامعات؛ لاستثمار هذه الأسابيع في بلورة أفكار مشروعاتهم، بمساعدة أساتذة مختارين من كلياتهم وكليات أخرى في نفس الجامعة.
يهدف البرنامج إلى إعداد خطة عمل لمشروع كل طالب مشارك، أو نموذج أوَّلي يمكن تطويره من خلال التحاقه فيما بعد بحاضنة أعمال أو حاضنة تكنولوجية؛ لمساعدته في التقدم لجهة تمويلية للحصول على قرض يبدأ به مشروعه بعد التخرج.
الاقتصاد القائم على المعرفة
لقد صممتُ برنامج “الريادي الجامعي” ليُنفَّذ في إحدى الجامعات المحلية لاختباره وتقييمه؛ تمهيدًا لنشره في جامعات عربية مختلفة؛ حيث يساعد البرنامج في تحويل أفكار الطلاب الريادية، ونتائج البحوث التطبيقية في الجامعات إلى منتجات اقتصادية، والتحول إلى الاقتصاد القائم على المعرفة.
أفكار الطلاب الريادية
ما نطرحه هنا، نوع من احتضان أو استثمار أفكار الطلاب الريادية في المرحلة الجامعية؛ ما يقودنا للحديث عن حاضنات الأعمال والتكنولوجيا، التي تُعد منظومة اقتصادية متكاملة تعتبر كل مشروع مُحتضن وليدًا، يحتاج إلى الرعاية الفائقة والاهتمام الشامل؛ لحمايته من المخاطر التي تحيط به، وإمداده بالطاقة اللازمة لاستمراره، ودفعه تدريجيًا ليصبح قادرًا على النماء ومؤهلًا للنجاح.
بعد ذلك، يستطيع هذا الوليد مغادرة الحاضنة إلى بيئة جديدة، يتمتع فيها بالصلابة والقدرة التنافسية العالية؛ إذ ذكرت دراسة أعدتها جامعة هارفارد عام 2021، أن 70% من الشركات الناشئة التي تتلقى دعمًا من حاضنات الأعمال تستمر في العمل بعد خمس سنوات من تأسيسها، مقارنة بـ30% فقط من الشركات التي لم تتلقَ دعمًا.
الحاضنة بهذا المفهوم تُحقق أهدافًا عديدة؛ منها تجميع أفكار وإبداعات الشباب الواعد، ومساعدتهم في تحويل هذه الأفكار إلى مشروعات استثمارية حقيقية.