ربما لمسنا في الآونة الأخيرة دور مواقع التواصل في بناء الهوية للأفراد بشكل عام، وهي تُعتبر من أحدث التقنيات الاتصالية التي عرفها العالم خلال العقد الماضي؛ حيث تمكنت تلك المواقع، بما تمتلكه من مميزات هائلة، من إحداث تغييرات جذرية في المفاهيم المكانية والزمانية للتعامل المجتمعي في العالم، ولا شك في أن هذه المواقع أتاحت لمستخدميها حرية الاختيار فيما يريدون من خدمات اتصالية تتناسب مع احتياجاتهم وتحقق إشباعاتهم اليومية.
وكان للشباب النصيب الأكبر من عملية التحول الكبيرة التي شهدتها شبكة الإنترنت؛ حيث سمحت لهم بالانفتاح معرفيًا نتيجة استخدامهم الثورة التكنولوجية خاصة المنصات الافتراضية أو ما يُسمى “مواقع التواصل الاجتماعي”، والتي أحدثت ضجة كبيرة جدًا منذ ظهورها وتزايد أعداد مستخدميها باستمرار؛ نظرًا لما تقدمه من خدمات كبيرة تشبع حاجاتهم اليومية، وما أحدثته من انقلاب في المفاهيم والممارسات النفسية والاجتماعية لمستخدميها خاصة الشباب، لما توفره من خدمات تسمح بتكوين علاقات اجتماعية وتبادل الآرء عبر مختلف المنصات الاجتماعية التي أصبحت وسيلة للهروب من الواقع الاجتماعي.
اقرأ أيضًا: حلول ذكية لنجاح رواد الأعمال.. هل أنت مستعد؟
دور مواقع التواصل في بناء الهوية للأفراد
لا يستطيع أحد منا إنكار حقيقة أن مواقع التواصل الاجتماعي عادت على العالم بإيجابيات عديدة، ومن أبرزها التعرف على أصدقاء جدد، كما أتاحت هذه المواقع الفرصة ليعبر الفرد عن نفسه، فيشارك أصدقاءه أحزانه وأفراحه، وفتحت هذه المواقع باب العالم على مصراعيه، وأصبح بفضل تطورها أشبه بالقرية الصغيرة؛ حيث بإمكان مستخدميها التواصل مع أشخاص آخرين من أماكن مختلفة سواء قريبة أو بعيدة بكل سهولة، يشاركونه الاهتمامات ويكوّن علاقات جديدة معهم.
وحول دور مواقع التواصل في بناء الهوية للأفراد، يُمكن توضيحه على أنه عبارة عن مجموعة من الصفات والسمات التي تتميز بها الأفراد من مستخدمي مواقع التواصل؛ حيث تميزهم عن غيرهم من المجتمعات الأخرى، وربما تتأثر هذه الصفات التي تعبر عن هوية الفرد بالأعراف الثقافية والاجتماعية وغيرها، مثل التعليمية والمهنية المكتسبة مع الوقت، وتُعتبر النسبة الأكبر لمستخدمي مواقع التواصل من فئة الشباب الذين يُعتبرون في مرحلة بناء الهوية الافتراضية ويُعد اختلاطهم بشكل مستمر سلاحًا ذا حدين إن لم يتم توضيح كيفية بناء الهوية الشخصية عبر مواقع التواصل.
اقرأ أيضًا: في 6 خطوات.. كيف تكون مؤثرًا على لينكد إن؟
الاهتمام بظهور الأفراد في العالم الافتراضي
لا بد من مراعاة الاهتمام بظهور الأفراد في العالم الافتراضي الذي يعبر عنه المحتوى الذي يتم نشره؛ حيث يبدأ المحتوى من لحظة إنشاء الملف التعريفي الخاص بالأفراد عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لذا ينبغي أن يكون ملفًا تعريفيًا واضحًا ومفهومًا والابتعاد عن الأسماء المستعارة المزيفة ووضع صور لا تمثل الأفراد في خانة الصورة التعريفية، ويتعين على مستخدمي مواقع التواصل مراعاة نوعية الحسابات التي يتابعونها والحسابات أيضًا التي تتابعهم، فبناء الهوية الافتراضية للأفراد عبر مواقع التواصل تحتاج إلى وجود قناعة تامة بكل ما اكتسبه الأفراد أولًا من الواقع المجتمعي والثقافي والاقتناع بما يتميز به الأفراد عن غيرهم من الأشخاص العاديين، ومن هنا يُمكن بناء الهوية الافتراضية للأفراد عبر مواقع التواصل الاجتماعي ونموها وتعزيز روح الإبداع بداخلها.
بلا شك أن المجتمعات الافتراضية أو الرقمية تتشابه مع المجتمعات الواقعية في وجود الأشخاص والتفاعل فيما بينهم، لكن يغيب عنها عنصر المكان، ومع التطور الكبير الذي تشهده تلك المجتمعات أصبحت هناك ساحة جديدة للتفاعل بين الأفراد في فضاء بات مُتاحًا للجميع وغير مقتصر على أشخاص بعينهم، ولعل هذا النوع من المجتمعات أدى إلى ظهور علوم الاجتماع الرقمي، والذي يُركز على الظواهر الاجتماعية الرقمية عبر شبكة الإنترنت خاصة مواقع التواصل الاجتماعي، ففي هذا العالم الذي وصفه البعض بـ “المُعقد” أصبح الفرد يُعرف من خلال جهاز الحاسوب أو الهاتف الذكي إما باسمه الحقيقي أو المستعار أو حتى بعنوان البريد الإلكتروني الخاص به.
اقرأ أيضًا:
التحول الرقمي في الشركات.. “كورونا” جرس الإنذار