يتمتع خافيير أوليفان لوبيز، رائد الأعمال الإسباني الأمريكي البارز، بمسيرة مهنية حافلة بالإنجازات في عالم التكنولوجيا؛ حيث وصل إلى قمة هرم القيادة في شركة ميتا بلاتفورمز، بتوليه منصب الرئيس التنفيذي للعمليات في عام 2022.
ويعد هذا المنصب من أهم المناصب التنفيذية في عالم التكنولوجيا؛ حيث يشرف على العمليات اليومية للشركة التي تضم مليارات المستخدمين حول العالم. وخلف أوليفان في هذا المنصب شيريل ساندبرج، التي كانت تعد من أقوى الشخصيات النسائية في عالم التكنولوجيا. والتي شغلت هذا المنصب لسنوات عديدة.
خافيير أوليفان لوبيز
علاوة على ذلك، يتمتع أوليفان بخبرة واسعة في مجال التكنولوجيا؛ حيث عمل في العديد من الشركات الكبرى قبل انضمامه إلى “ميتا”. وساهمت هذه الخبرة في صقل مهاراته القيادية والإدارية، ما جعله مؤهلًا لتولي هذا المنصب الرفيع. وفي حين أن مسيرة أوليفان المهنية بدأت في عالم الاستشارات الإدارية، إلا أنه سرعان ما انتقل إلى قطاع التكنولوجيا؛ حيث عمل في شركات مثل: “سكايب” و”مايكروسوفت”.
من ناحية أخرى، لم يقتصر دور أوليفان على الجانب الإداري والتنفيذي، بل كان له دور فعّال في تطوير المنتجات والخدمات التي تقدمها هذه الشركات. كذلك، كان له إسهامات كبيرة في مجال التسويق والمبيعات. ما ساعد هذه الشركات على تحقيق نمو كبير في الإيرادات والأرباح.

الحياة المبكرة والتعليم
وُلد خافيير أوليفان لوبيز في 18 مايو عام 1977م، في مدينة سابينيانيغو بمقاطعة هويسكا في إسبانيا. نشأ في كنف أسرة متواضعة، فوالده فلوريان كان رجل أعمال يدير متجرًا للأدوات وممرًا لألعاب الفيديو بعد تقاعده. بينما كانت والدته ماريا بيلار تعمل أستاذة في معهد بييلو أراغون. وكان لهذه النشأة أثر كبير في تكوين شخصيته؛ حيث غرس فيه والداه قيم الاجتهاد والمثابرة، وحفزاه على التفوق في دراسته.
وبين عامي 1995م و 2002م، درس أوليفان الهندسة الكهربائية والصناعية في تيكنون. وهي كلية الهندسة بجامعة نافارا في بامبلونا. وتفوق في دراسته، وحصل على شهادة الهندسة بامتياز. بعد تخرجه، انضم إلى شركة سيمنز في ميونخ بألمانيا كمهندس بحث وتطوير. وخلال فترة عمله في سيمنز، أظهر أوليفان براعة في مجال الابتكار؛ حيث حصل على براءة اختراع لنظام حسابي لمعالجة الصور الرقمية.
الانتقال إلى اليابان
بعد ذلك، انتقل أوليفان إلى طوكيو في اليابان للعمل في شركة NTT Data؛ حيث تخصص في تقنيات الفيديو اللاسلكية. واكتسب خلال هذه الفترة خبرة واسعة في مجال الاتصالات وتقنيات الفيديو. وهو ما ساعده على تطوير مهاراته التقنية. وفي وقت لاحق، عمل كمدير منتجات في شركة Siemens Mobile؛ حيث قاد فريقًا مسؤولًا عن تطوير الأجهزة المحمولة. وحقق نجاحًا كبيرًا في هذا الدور. وساهم في إطلاق العديد من المنتجات المبتكرة.
وفي عام 2005م، قرر أوليفان الالتحاق ببرنامج ماجستير إدارة الأعمال في جامعة ستانفورد المرموقة. وكانت هذه الخطوة نقطة تحول في مسيرته المهنية؛ إذ تعرف على عالم ريادة الأعمال، واكتسب مهارات جديدة في الإدارة والتسويق. وخلال فترة دراسته في ستانفورد، شارك في دورة حللت دراسات حالة للشركات الناشئة، بما في ذلك شركة فيسبوك. وألهمته هذه الدورة لتأسيس مشروعه الخاص؛ حيث عمل مع مجموعة من أصدقائه على إنشاء نسخة باللغة الإسبانية من فيسبوك تحت اسم Nosuni.
وعلى الرغم من أن مشروع Nosuni لم ينجح، إلا أنه لفت انتباه مارك زوكربيرج؛ مؤسس فيسبوك، الذي تواصل معه وعرض عليه العمل لديه. وبالفعل قبل أوليفان هذا العرض بعد تخرجه في عام 2007م، ليبدأ بذلك فصلًا جديدًا في حياته المهنية.
مسيرة مهنية بدأت من “فيسبوك”
بدأ خافيير أوليفان لوبيز مسيرته المهنية في عالم التكنولوجيا بانضمامه إلى فيسبوك (الآن ميتا بلاتفورمز) في أكتوبر 2007م. وكان ذلك بمثابة نقطة تحول في حياته المهنية؛ حيث تم تعيينه رئيسًا للنمو الدولي تحت قيادة تشاماث باليهابيتيا. وبصفته عضوًا مؤسسًا في فريق النمو، أشرف أوليفان على توسع الشركة الدولي، وانتقالها إلى أسواق ولغات جديدة. ولعب دورًا حاسمًا في جعل فيسبوك منصة عالمية. وساهم في زيادة عدد المستخدمين من جميع أنحاء العالم.
علاوة على ذلك، بين عامي 2011 و 2018، شغل أوليفان منصب نائب رئيس فريق النمو؛ حيث واصل قيادة جهود الشركة لتوسيع نطاق وصولها. وكان مسؤولًا عن العديد من المبادرات الناجحة، بما في ذلك Internet.org وFacebook Lite، اللتين ساهمتا في توفير الإنترنت لملايين الأشخاص في البلدان النامية.
وعلى الرغم من أن هذه المبادرات لاقت نجاحًا كبيرًا، فإنها واجهت بعض الانتقادات بسبب مخاوف تتعلق بالحياد الصافي. من ناحية أخرى، لم يقتصر دور أوليفان على النمو الدولي، بل امتد ليشمل أيضًا عمليات الاستحواذ على شركات أخرى؛ حيث قدم المشورة بشأن العديد من الصفقات الناجحة، بما في ذلك WhatsApp و Onavo.
تولي مسؤوليات جديدة
كذلك، في عام 2018م، تولى أوليفان مسؤولية فريق الثقة والسلامة؛ حيث كان مسؤولًا عن معالجة المعلومات المضللة على منصات فيسبوك. وكان هذا تحديًا كبيرًا؛ إذ واجهت الشركة انتقادات شديدة بسبب انتشار الأخبار الكاذبة والمحتوى الضار على منصاتها. وبينما كان هذا الدور صعبًا، إلا أن أوليفان تعامل معه بجدية، واتخذ العديد من الإجراءات للحد من انتشار المعلومات المضللة. كما شغل منصب نائب رئيس المنتجات المركزية بين عامي 2018م و 2022م، وبعد ذلك تمت ترقيته إلى رئيس قسم النمو. ما يعكس الثقة الكبيرة التي كان يتمتع بها داخل الشركة.
كما وصل أوليفان إلى قمة الهرم الإداري في ميتا بلاتفورمز في أغسطس 2022م. عندما حل محل شيريل ساندبرج في منصب الرئيس التنفيذي للعمليات، بعد تنحيها بعد 14 عامًا في هذا الدور. وكانت هذه ترقية مستحقة لأوليفان، الذي أثبت كفاءته وقدرته على قيادة الشركة خلال فترة طويلة من النمو والتحديات. وبصفته الرئيس التنفيذي للعمليات، يشرف أوليفان على العمليات اليومية للشركة. ويتولى مسؤولية ضمان تحقيق أهدافها الإستراتيجية.
إعادة التنظيم في “ميتا”
في يناير 2025م، أعلنت “ميتا” عن إعادة تنظيم هيكلي، تم بموجبه توسيع مسؤوليات أوليفان لتشمل أيضًا العمليات التجارية لقسم Reality Labs، المسؤول عن تطوير تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز. ويعكس هذا التوسع ثقة الشركة في قدرة أوليفان على قيادة هذا القسم الحيوي، الذي يمثل مستقبل التكنولوجيا. كما يوضح التزام “ميتا” بتطوير تقنيات الواقع الميتافيرسي، التي يعتقد الكثيرون أنها ستمثل مستقبل الإنترنت.
وبالإضافة إلى مسيرته المهنية في “ميتا”، يشارك أوليفان في العديد من الأنشطة الأخرى. فقد تم تكريمه كزميل هنري كراون من قبل معهد أسبن في عام 2014. وهو عضو في مجلس إدارة المنظمة غير الربحية Endeavor Global. علاوة على ذلك، كان عضوًا في مجلس إدارة شركة التجارة الإلكترونية Mercado Libre لمدة ست سنوات، وقدم استشاراته وخبراته للعديد من الشركات الناشئة. كما كان أيضًا عضوًا في مجلس إدارة Vy Global Growth، وهي شركة استحواذ ذات أغراض خاصة استثمرت في شركة التصوير الجغرافي الفضائي Satellogic قبل اكتمال صفقة SPAC في عام 2022م.
نموذج ملهم للشباب الطموح
في النهاية، تمثل قصة نجاح خافيير أوليفان لوبيز نموذجًا ملهمًا للشباب الطموح؛ حيث استطاع بفضل اجتهاده ومثابرته أن يحقق إنجازات كبيرة في عالم التكنولوجيا. كما أن مسيرته المهنية تؤكد أهمية التعليم والتعلم المستمر في تطوير المهارات واكتساب الخبرات اللازمة للنجاح.
علاوة على ذلك، يجسد أوليفان قيم القيادة والإبداع والابتكار، وهي القيم التي ساهمت في جعله شخصية مؤثرة في عالم التكنولوجيا. كما أن إسهاماته في تطوير المنتجات والخدمات التي تقدمها ميتا بلاتفورمز، وفي توسيع نطاق وصولها إلى ملايين المستخدمين حول العالم، تدل على رؤيته الثاقبة وقدرته على تحقيق أهداف إستراتيجية.
وبشكلٍ عام، فإن خافيير أوليفان لوبيز يعد قدوة حسنة للشباب الطموح. ومثالًا يحتذى به في الاجتهاد والمثابرة والسعي لتحقيق النجاح.