عندما ساد الاعتقاد بوجود تفاوت بين الأداء الفعلي للمؤسسة والأداء المُستهدَف، برزت فكرة وضع نقاط حيوية في مجال تنمية الإبداع والابتكار الإداري والمهني لدى لأفراد، ثم صِيغَت كمجموعة آراء خلَّاقة تضمن إبداع المؤسسة، من منطلق حافز النجاح بين شخصية الفرد وأداء المؤسسة.
وعند التطبيق الفعلي لهذه الآراء، تحولت إلى مبادئ أساسية، تتلخص فيما يلي:
ــ إفساح المجال لأي فكرة بالنقاش العلمي، ومتابعتها وتقييمها ما لم يُقطَع بخطئها، مع دعمها ما دامت في الاتجاه الصحيح.
ــ إتاحة الفرصة للأفراد للإبداع وليس تقليد الآخرين.
ــ الإيمان بأن الأفراد مصدر قوة المؤسسة، وأن الاهتمام بتنمية مهاراتهم ورعاية ابتكاراتهم يجعلها في مكانة أكبر ووضع أفضل.
الميل للإبداع
ومن المعلوم أن الميل للإبداع يتشكل أثناء ممارسة العمل؛ فالموظف يهمه نجاح مؤسسته؛ لأنه يعني استمراره بالعمل فيها، ولكن عليه مراجعة طبيعة مهامه، وتوصيف وظيفته، ورسم حدود صلاحياته لتحديد موقعه بالمؤسسة.
ويقودنا الحديث عن فرصة “العمل المناسب” إلى التأكيد على أن واقع وطريقة عمل المؤسسات في تغير مستمر، وأصبح في طيات الماضي أن يجلس الرئيس على قمة الهرم الإداري للمؤسسة ويجبر مرؤوسيه بالأوامر الفوقية على تنفيذ تعليماته؛ إذ أصبح العملاء والزبائن الآن هم الهدف الرئيس للمؤسسة؛ أي انقلب الهرم، وأصبح شكل العمل في المؤسسات أكثر مرونة وتعددية؛ وذلك بفضل التكنولوجيا التي أدت إلى الاستغناء عن أعداد ضخمة من العمالة.
الآن لا يستطيع أي موظف أو مرؤوس الاختفاء وراء منصبه أو وراء البيروقراطية ، بل أصبحت مساهمة كل فرد واضحة ومحددة، وأصبح التمييز يسيرًا بين أداء العمل بكفاءة، وبين وجود حافز قوي للنجاح ، وكلاهما معياران مترابطان، وليسا متطابقين.
الحافز الشخصي
في الماضي، كان وراء تشغيل الأفراد قدراتهم الصحية والجسدية وإمكانياتهم العلمية وخبراتهم المهنية، أما مسألة وجود حافز شخصي لديهم فكان أمرًا ثانويًا واعتبارًا لا يلتفت إليه أحد، بعكس اليوم الذي أصبح الحافز هو ما يدفع الفرد لالتماس العمل، ليس فقط المناسب لإمكانياته وقدراته، بل أيضًا ما يتضمن فرصة ترقي أفضل وأسرع؛ فالعمل المناسب هو ما يلائم شخصية الفرد، ويتوافق مع هويته، ويدفعه للإجادة، ويشكل لديه حافزًا قويًا للنجاح والترقي.
عوامل التوتر
ويحذر المتخصصون في هذا المجال من عوامل التوتر الكثيرة في العمل، والتي قد تكون مقبولة مادامت تتشكل بسبب ظروف موضوعية، ومادام العمل ملائمًا لشخصية الفرد، ولكن يكون لبعضها ظلال ثقيلة على أجواء العمل؛ كالعلاقة مع الزملاء، والرؤساء، والمرؤوسين، والتناقض الموجود بين توصيف الوظيفة وبين ممارستها، والذي يُفسَّر على أساس غير محدد، يفتح أبواب المشاكل في الصلاحيات، وساعات العمل، وظروف المكان المحيطة.
استغلال القيمة الفردية
ويثبت الواقع أن مستقبل المؤسسات قد يكون مرهونًا بمدى استغلال القيمة الفردية لكل شخص فيها؛ حيث يكون فاهمًا لطبيعة نفسه، ومقدرًا لإمكانياته، ومواهبه، وطموحاته.
لقد تغيرت أسس العمل عن ذي قبل، وقلَّما يستمر الفرد في ذات المؤسسة منذ بداية حياته العملية؛ لذا بدأ التفكير في المطلوب لزيادة قيمة الفرد في سوق العمل؛ حيث يكون الفرد في مرحلة من حياته في موقع اختيار بين عدة بدائل؛ فعليه هنا أن يحدد ما إذا كان مطالبًا بتنمية قدراته ومواهبه، وزيادة مساهمته في إنجاح مؤسسته؛ فذلك يشكل حياته؛ إذ قد تؤدي الاختيارات الجديدة إلى شعوره بالرضا والسعادة التي يرى أنه يستحقها، مع الانتباه إلى المرحلة العمرية التي يحياها لتقييم ذاته وتقرير ما إذا كان يستمر أم يعيد تأهيل نفسه لمنصب جديد، أو تخصص جديد، أو الانتقال لمؤسسة أخرى.
مراحل العمر
والثابت أنَّ للأزمات المرتبطة بمراحل العمر، أثرًا في تعميق التحديات أو تخفيف حدتها؛ إذ تتمثل هذه المراحل في عشر:
- النمو والاستكشاف والأحلام.
- التعلم والتدريب.
- الدخول في مجال العمل.
- التدريب الأساسي والاندماج.
- اكتساب العضوية.
- اكتساب الوضع وتثبيت العضوية.
- أزمة منتصف العمر الوظيفي وإعادة التقييم.
- الاحتفاظ بالانطلاق أو إعادة اكتسابه.
- بدء الانفصال.
- الإحالة على المعاش.
وأيًا كانت نوعية المرحلة، فيجب التأكيد دومًا على أنَّ العمر لم يفت، وأنَّ على كل فرد ألا يتردد في البحث عما يسعده.
اقرأ أيضًا من رواد الأعمال:
إدارة الموظفين الناجحة.. ما السبيل إليها؟
أفضل نصائح للإدارة الناجحة.. كيف تعزز إنتاجية الفريق؟
تحديد توجهات المستهلك.. طرق وخطوات
متى يمكنني تجديد نشاطي التجاري؟
صناعة القائد الناجح.. العدالة والتعلم المستمر