يحظى تمويل الأسر المنتجة بأهمية كبرى؛ إذ يُعد مسارًا رئيسيًا لتعزيز كفاءتهم ورفع إنتاجيتهم ومهاراتهم وزيادة مساهمتهم في الاقتصاد؛ ولذلك قام بنك التنمية الاجتماعية، باعتباره الجهة الأولى المخولة بدعم وتمويل الأسر المنتجة، بتطوير وابتكار مجموعة من الخدمات لمستفيدي هذا القطاع؛ كيما يتمكن من دعمهم وتذليل الصعوبات التي تعترض طريقهم.
والحق أنه ليس غريبًا أن تعمل المملكة بجد على صعيد تمويل الأسر المنتجة؛ ذلك لأنها وضعت رواد الأعمال وأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة في القلب من رؤية 2030، وما الأسر المنتجة إلا إحدى الركائز الأساسية لفكرة الريادة.
فهذا قطاع رواده قرروا إطلاق مشروعات أو تقديم منتجات بعينها، وبالتالي فهم ليسوا بحاجة لمن يحفزهم لتجريب ريادة الأعمال، وإنما هم فقط بحاجة إلى من يذلل لهم الصعوبات التي تعترض طريقهم، ويمنحهم التمويل اللازم للدفع بمشروعاتهم قُدمًا.
اقرأ أيضًا: الشركات العائلية.. مخاطر وحلول
تمويل الأسر المنتجة
يُعتبر دعم وتمويل الأسر المنتجة واحدًا من ضمن الأهداف الاستراتيجية لبنك التنمية الاجتماعية؛ حيث يتعلق الهدف الاستراتيجي الثاني للبنك بتنفيذ برامج رؤية المملكة 2030، وذلك من خلال برنامج التحول الوطني؛ الذي يهدف إلى زيادة مساهمة الأسر المنتجة في الاقتصاد الوطني.
وقد قدم بنك التنمية الاجتماعية الكثير على صعيد دعم وتمويل الأسر المنتجة؛ إذ يمثل هذا القطاع شريحة كبيرة من الأعمال متناهية الصغر، شملت عددًا من الخدمات المالية وغير المالية لمشاريع الأسر المنتجة في كل مختلف مناطق المملكة.
وفي منتصف 2020م بلغ عدد الأسر المنتجة المستفيدة 85 ألف أسرة منتجة بقيمة إجمالية 1.2 مليار ريال، تم تقديمها من خلال الجمعيات التنموية، وشركاء التمويل متناهي الصغر في جميع مناطق المملكة. وهو الأمر الذي يبرز جهود المملكة على صعيد تمويل الأسر المنتجة.
وشملت خدمات البنك: تقديم قروض ميسرة متناسبة مع مراحل نمو أنشطة الأسر، وبناء القدرات والتدريب، بالإضافة لإنفاذ المنتجات للأسواق وحاضنات الأعمال وغيرها.
وقدم بنك التنمية الاجتماعية _ضمن حزمة منتجات تمويلية متعددة_ منتج تمويل الأسر المنتجة؛ والذي هو عبارة عن دعم مالي مسترد يصل إلى 50 ألف ريال مقدم عن طريق وسطاء التمويل المدعومين بمحافظ تمويلية من قِبل بنك التنمية الاجتماعية؛ لتمويل مشاريع الأسر المنتجة من المواطنين والمواطنات.
ويهدف منتج تمويل الأسر المنتجة إلى دعم الأسر المنتجة، وتشجيعهم على مزاولة الأعمال والمهن بأنفسهم ولحسابهم الخاص وتوسعة مشاريعهم، وكذا المساهمة في تحويل شريحة من الأسر من مستهلكة إلى منتجة، بالإضافة إلى توسيع مشاركة المرأة وذوي الاحتياجات الخاصة والعاطلين عن العمل في التنمية الاقتصادية.
اقرأ أيضًا: مغامرة التمويل العقاري.. أمور يجب التفكير فيها قبل الحصول عليه
نظام التصنيف الائتماني
أطلق البنك في منتصف عام 2020 أول نظام تصنيف ائتماني للجمعيات والأسر المنتجة المستفيدة من تمويلات محافظ وسطاء التمويل الأصغر؛ وذلك ضمن جهود البنك في تقديم الحلول التقنية لرفع كفاءة الجهات وضمان سلامة العمليات.
ويهدف بنك التنمية الاجتماعية؛ من وراء إطلاق نظام التصنيف الائتماني للجمعيات والأسر المنتجة، إلى بناء سجل ائتماني يتيح للعميل منتجات وفرصًا إضافية، ورفع كفاءة الشركاء من جمعيات وجهات ذات علاقة، إضافة إلى معالجة عمليات الإقراض، لا سيما إدارة المحفظة؛ من خلال حوكمة الأعمال، وتسهيل آلية الصرف، والربط الإلكتروني مع الجهات الحكومية.
ويُتيح النظام إنشاء حسابات لموظفي شريك التمويل، وإنشاء عقد لتمويل فردي أو جماعي للأسر المنتجة، وصرف دفعة أو دفعات وإنشاء جدول السداد والأقساط للأسر المنتجة، إضافة إلى إدخال بيانات الكفيل لعقد التمويل الفردي للأسر المنتجة، وتعديل البيانات الأساسية لشريك التمويل، وعرض بيانات الأسر المنتجة لموظفي شريك التمويل.
ويستهدف النظام فئتين: الأولى تتضمن الأسر المنتجة؛ بهدف بناء سجل ائتماني للمستفيد من خلال قياس المؤشرات، كما يُتيح للمستفيدين المتميزين منتجات وفرصًا إضافية، بينما تشمل الفئة الثانية تصنيف شركاء التمويل؛ بهدف رفع كفاءة الشركاء من خلال قياس بعض المؤشرات؛ منها: كفاءة إدارة التحصيل، وكفاءة تدوير المحفظة.
وهو ما يعني أن الدعم المقدم من البنك للأسر المنتجة لا يقتصر على التمويل المالي، وإنما هو ينخرط، وبالتوازي مع الجهد التمويلي، في تدريب وتأهيل رواد الأعمال الناشئين.
اقرأ أيضًا: كيف تقنع المستثمر بتمويل مشروعك؟
جهود تشريعية
في عام 1440هـ أقر مجلس الوزراء اللائحة التنظيمية للأسر المنتجة؛ التي تستهدف تنظيم أعمال الأسر المنتجة وتطويرها، كما أُنشئت لجنة دائمة برئاسة البنك وعضوية عدد من الجهات الحكومية ذات العلاقة؛ لتحديد الأدوار وتوحيد الجهود ورفع مستوى التعاون؛ لتنمية هذا القطاع الوليد والذي توليه الدولة عناية كبيرة.
وقام بنك التنمية الاجتماعية عقب هذه الخطوة بدراسة فجوات احتياجات المستفيدين؛ عبر دراسة معمقة لحوالي 42 نقطة اتصال في رحلة نمو وتمويل الأسر المنتجة وهي: مرحلة ما قبل التأسيس، ومرحلة التأسيس، والتشغيل، والنمو، والتجسير.
وخرج البنك من هذه الدراسة باستراتيجية طويلة الأمد مع الشركاء؛ لتعزيز وتمكين الأسر المنتجة ورفع اقتصادياتها.
وتم تعريف 4 ممكنات أساسية لتنمية وتطوير الأسر المنتجة هي: التشريعات والأنظمة، وتحسين البنية التحتية للقطاع، وتحفيز وتشجيع الطلب والحلول المالية.
وعلى صعيد التشريعات والأنظمة أصدر البنك عام 2019م الدليل الإجرائي للأسر المنتجة بالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة المنصوص عليها في لائحة الأسر المنتجة، وصدر كذلك عدد من الدعائم التشريعية؛ لتعزيز أعمال الأسر المنتجة وحمايتها؛ ومنها: نظام مكافحة التستر المعتمد من مجلس الوزراء.
وأُطلقت مؤخرًا خدمة إصدار شهادات تسجيل الأسر المنتجة؛ من خلال المنصة الوطنية للأسر المنتجة، لتحويل تلك الأسر إلى كيانات اقتصادية معرّفة؛ لتعزيز موثوقية منتجاتها وتسهيل تقبلها في السوق، وقد بلغ عدد الأسر المنتجة الحاصلة على الترخيص (12 ألفًا) حتى الآن.
اقرأ أيضًا:
ما يجب لرائد الأعمال المبتدئ معرفته عن التمويل.. أساسيات لا غنى عنها
تخطي الأزمات التمويلية.. استراتيجيات مهمة للبقاء
ميزانية السعودية 2022.. الفوائض المالية واستمرار التعافي
تمويل المشاريع بعد جائحة كورونا.. انفراجة لتحقيق الاستدامة
جهود المملكة لتمويل المشاريع في 2021