إذا ألفيت نفسك في نهاية اليوم حزينًا لأنك لم تنجز كل ما عليك فعله فإن الحل يكمن في تعيين حد زمني للمهمات؛ ليس لأن هذه الطريقة تجعلك أسرع في أداء ما يتوجب عليك فعله فحسب، وإنما لأنها تضمن لك أيضًا العدو في مسارات جمة، وارتياد مناطق مختلفة، والنجاح فيها معًا.
فليس معنى أنك تريد زيارة الأهل والأصدقاء أن تهمل مثلًا قراءة الكتب أو ممارسة الرياضة، ولا معنى أن المهام الوظيفية متراكمة على كاهلك أن تتخلف عن إنجاز أي منها، وإنما يتوجب عليك فعل كل ذلك معًا، لكن ما السبيل؟ لا سبيل سوى تعيين حد زمني للمهمات.
لنتصور مثلًا أن لديك 10 مهمات في اليوم الواحد يتوجب عليك إنجازها فهل تنجزها حقًا مع نهاية اليوم؟ وهل تنجزها على الوجه المطلوب؟ هذه الأسئلة تأخذك من ناصيتك إلى حتمية تعيين حد زمني للمهمات.
فلو خصصت لكل مهمة من هذه المهمات العشر وقتًا محددًا _وهذا متروك لك أنت ولتقديرك للأمور؛ فبعض المهام تستغرق ساعة واحدة وبعضها لا يستغرق سوى بضع دقائق_ فستجد أنك قادر على إنهائها في الوقت الذي حددته بالضبط.
وذلك ليس لأن سحرًا ما قد وقع، ولا لأنك أمسيت فجأة غير الشخص الذي أنت عليه، وإنما لأنك، بكل بساطة، ركزت في وقت، واجتهدت لتمسي أكثر فاعلية.
اقرأ أيضًا: أفكار لتنظيم الوقت وتغيير حياتك للأفضل.. فرصة لتحقيق التميز
الانضباط والتركيز والمشتتات
عندما أنخرط في كتابة هذا المقال وقد حددت لكتابته بالضبط 40 دقيقة، فسأكون أمام تحديات جمة، أولًا عليّ أن أركز في الكتابة؛ كي لا تدفعني السرعة إلى الخطأ، بالإضافة إلى أني سأكون مجبرًا على إنهائه في هذه الأربعين دقيقة مهما كانت الظروف؛ فتعيين حد زمني للمهمات ينطوي على قدر لا بأس له من الإجبار الطوعي إن جازت التسمية.
لكن ليس هذا كل شيء ولكني ملزم أيضًا بمقاومة كل المشتتات والإلهاءات التي قد أتعرض لها، والتي ربما تصرفني عن الكتابة، فلو أني، على سبيل المثال، طاوعت نفسي وذهبت لتصفح مواقع التواصل الاجتماعي _وقد قررت ألا يستغرق الأمر أكثر من دقيقتين_ فقد أتفاجأ بأني ضيعت هناك نصف ساعة فيما لا طائل منه ولا جدوى، وبالتالي سيؤثر هذا الصنيع في معدل الإنتاجية ومستوى فعاليتي.
يتطلب تعيين حد زمني للمهمات قدرًا لا بأس به من الالتزام وضبط النفس والتركيز، وعادة ما لا يستطيع الإنسان فعل ذلك دفعة واحدة، وإنما لا بد من ممارسة وإصرار على تطبيق هذا التوجه المهم في العمل والحياة.
اقرأ أيضًا: سوء إدارة الوقت.. تداعيات عدم القدرة على التخطيط
الاختصار وتعيين حد زمني للمهمات
الوقت يتمدد صحيح لكنه محدود وغير متجدد، فما يمر منه لن يعود؛ لذا أنت مجبر، طالما أنك تريد أن تكون أكثر فاعلية وكفاءة، على أن تختصر في الوقت الذي تنفقه على كل مهمة من المهام.
فلو كنت، على سبيل المثال، تستغرق ربع ساعة في الاستحمام صباحًا قبل الذهاب إلى العمل فمن الواجب عليك أن تقلل هذا الوقت ليكون عشر دقائق فقط، وستجد في النهاية أنك استحممت بطريقة أكثر سرعة وفعالية، وكسبت في الوقت ذاته خمس دقائق.
إن تعيين حد زمني للمهمات يعلمك الاختصار، ومن شأن هذا الاختصار أن يوفر لك الوقت الذي يمكن استخدامه في الممارسات والأنشطة الجادة.
لكن هناك طريقة أخرى أحرى بك أن تعيرها التفاتًا، فعندما يمكنك أن تقوم بمهمة ثانوية على هامش القيام بمهمة أخرى أساسية فلتفعل، أو أن تقوم بمهمة ثانوية وأنت في طريقك إلى مهمة أخرى.
فقد يمكنك مثلًا استغلال وقت المواصلات في القراءة، أو ترديد الأشعار التي تحب، أو حتى التواصل مع الأصدقاء، أو من تبغي التواصل معه. يعلمك تعيين حد زمني للمهمات الانتباه إلى كل دقيقة في يومك، وبهذا ستكون حياتك أكثر ثراءً، وأنعم بها من حياة.
اقرأ أيضًا: تنظيم الوقت أثناء الأزمات.. كيف تنجو بأقل الخسائر؟
أهم المهام
لكن تعيين حد زمني للمهمات يمنحك فرصة جد ثمينة؛ إذ إنه يمكّنك من التمييز بين المهمات، وتنميطها على أساس المهم فالأهم، بل سترتب هذه المهام من حيث درجة أهميتها.
وحين تفعل ذلك فإنك ستكون قادرًا على الانصراف إلى المهمة الأكثر أهمية في الوقت الذي تراه مناسبًا؛ فلو أنك من الأشخاص الذين يكون تركيزهم في الصباح الباكر فستعمد إلى القيام بالمهمة الأهم في هذا الوقت.
أضف إلى ذلك أن القيام بالمهام الثانوية كثيرة العدد لكن قليلة القيمة _كأن تتسوق مثلًا_ يفرغ ذهنك للأهم والأجدى، وكل ذلك ليس إلا تجليات يسيرة لتعيين حد زمني للمهمات، وسترى بنفسك أهمية ذلك عندما تجربه.
اقرأ أيضًا:
- إدارة وقت الأعمال.. كيف تحافظ على صحتك العقلية؟
- الروتين الصباحي وعادات الناجحين
- تنظيم الوقت للمدير الجديد.. الشعور بالرضا والإنجاز
- تنظيم الوقت وفترات الراحة من العمل.. كيف يكون؟
- حُمّى الـ Deadline.. نصائح لإدارة وقتك وإتمام المهام