ولد بيل أكمان عام 1966، ونشأ ببلدة تشاباكوا الساحرة في نيويورك. والديه هما لورانس أكمان، وهو رجل أعمال عقاري ناجح، ووالدته روني أكمان. وقد نشأ “بيل” في أسرة تتنفس الأعمال التجارية، فغمر بعالم المال والاستثمار المثير منذ البداية.
التعليم.. مغامرة “هارفارد”
بدأت مغامرة بيل أكمان التعليمية في مدرسة هورس غريلي الثانوية. حيث برع أكاديميًا، ثم انتقل الشاب الطموح إلى قاعات جامعة هارفارد الموقرة. وتخرج بامتياز مع مرتبة الشرف عام 1988 مع بكالوريوس في التاريخ.
لكن عطش “أكمان” اللامتناهي للمعرفة لم ينتهي عند هذا الحد، فقد تابع درجة الماجستير في إدارة الأعمال، وتخرج منها عام 1992.
أبرز إنجازات حياته المهنية
بعد مغادرته كلية هارفارد للأعمال، انغمس “أكمان” مباشرة في عالم الاستثمار. دعونا نستكشف إنجازاته المهنية الملهمة التي تركت تأثيرًا دائمًا في الصناعة.
البداية.. “غوثام بارتنرز”
بعد تخرجه من ماجستير إدارة الأعمال مباشرة، انضم بيل أكمان إلى زميله خريج هارفارد ديفيد بيركويتز عام 1993، لتأسيس شركة “غوثام بارتنرز”.
ركزت شركة الاستثمار الديناميكية هذه على الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم. مستفيدة من خبرة “أكمان” في الاستثمار القيم. سرعان ما لفتت “غوثام بارتنرز” أنظار عالم الاستثمار. حيث حققت عوائد مثيرة للإعجاب، وجمعت ما يزيد على 500 مليون دولار من الأصول في ذروتها.
لكن قصة نجاح “غوثام بارتنرز” أخذت منعطفًا غير متوقع عام 2002، عندما راهنت على شركة Pre-Paid Legal Services (PPL). وهي شركة تقدم مساعدة قانونية بأسعار معقولة لأعضائها. أصبح هذا الاستثمار الجريء بؤرة للجدل؛ حيث واجه “أكمان” و”بيركويتز” اتهامات بالتلاعب بسعر سهم “PPL” لتحقيق الربح لنفسهما.
ألقى دوامة الدراما المحيطة باستثمار “PPL” بظلالها على “غوثام بارتنرز”. ما أدى في النهاية إلى الإغلاق الدرامي للشركة عام 2003. ولكن على الرغم من سقوطها تظل “غوثام بارتنرز” دراسة حالة لا تقدر بثمن للمستثمرين الطموحين الذين يسعون إلى الإلهام والرؤى.
ميلاد بيرشينج سكوير كابيتال مانجمنت
لكن بيل أكمان ليس من النوع الذي يستسلم، في عام 2004، بعد حل “غوثام بارتنرز”، أطلق مشروعه الأكثر أهمية حتى الآن “بيرشينج سكوير كابيتال مانجمنت”.
ركز صندوق التحوط الرائد هذا على الاستثمار النشط؛ حيث سيستحوذ “أكمان” على حصص كبيرة في الشركات، ويدعو إلى تغييرات تحويلية لتحرير قيمة المساهمين.
بعض استثمارات “بيرشينج سكوير” التي غيرت قواعد اللعبة تشمل:
جمعية التأمين على سندات البلدية (MBIA): راهن “أكمان” ضد “MBIA” عام 2002، وعندما انخفضت أسهم “MBIA”، كسب “أكمان” ما يزيد على مليار دولار من الأرباح.
وينديز: في عام 2005، دفع “أكمان” سلسلة مطاعم الوجبات السريعة إلى فصل فرعها تيم هورتونز؛ ما أثار ارتفاعًا ملحوظًا في سعر سهم “وينديز”.
سكك حديد كندا الهادئة: قاد “أكمان” معركة وكيل ناجحة في عام 2012. ما أدى إلى تغيير في القيادة وإحياء لاحق لأداء الشركة.
هذه ليست سوى أمثلة قليلة على استثمارات بيل أكمان التي لها دور محوري في رفع “بيرشينج سكوير كابيتال مانجمنت” إلى صدارة عالم الاستثمار.
كشف استراتيجية الاستثمار الخاصة ببيل أكمان
يعزو بيل أكمان جزءًا كبيرًا من نجاحه إلى نهجه الاستثماري النشط، ولكن ما الاستثمار النشط بالضبط؟
إنها استراتيجية جريئة؛ حيث يكتسب المستثمر حصة كبيرة في شركة، ويستفيد من هذا المركز للتأثير على التحولات الديناميكية داخل مجلس الإدارة والمؤسسة. غالبًا ما يستخدم هذا التكتيك عندما يعتقد المستثمر أن الشركة لا تحقق أداءً جيدًا، ويمكن إطلاق العنان لقيمة مخفية من خلال التحسينات الاستراتيجية أو التشغيلية.
إذن، كيف تقوم بالاستثمارات النشطة؟
وفقًا لـ Harvard Law Today، يغوص “أكمان” وفريقه الماهر في أبحاث عميقة لكشف الشركات التي تحتاج إلى تحسين. يفحصون البيانات المالية واتجاهات السوق وديناميات الصناعة لتحديد المنظمات غير مقدرة القيمة أو التي تدار على نحو سيئ.
بمجرد تحديد شركة مستهدفة، يضمن “أكمان” حيازة حصة ملكية كبيرة، وهذا يمكّنه من أن يكون له صوت في عمليات الشركة واستراتيجيتها. بعد ذلك يشارك “أكمان” بنشاط مع إدارة ومجالس إدارة الشركات التي يستثمر فيها. ويدفع لإجراء تغييرات محورية في الاستراتيجية أو العمليات أو القيادة لإطلاق العنان للقيمة وتعزيز الأداء.
بفضل براعة بيل أكمان في الاستثمار النشط حقق العديد من الانتصارات البارزة. بما في ذلك سكة حديد المحيط الهادئ الكندية، وشركة Air Products & Chemicals. بعد أن تدخل “أكمان” وأجرى تحسينات مبتكرة ارتفعت أسعار أسهمهم على نحو كبير. ما يوضح الإمكانيات الهائلة لنهجه.
إتقان نهج الاستثمار القيمة
بيل أكمان ليس فقط مستثمرًا نشطًا بارزًا، ولكنه أيضًا بطل لاستثمار القيمة، وهي استراتيجية تهدف إلى اكتشاف الأسهم المتداولة بسعر أقل من قيمتها الحقيقية، مع توقع ارتفاع قيمتها مستقبلًا.
يتعلق الاستثمار القيم بإيجاد شركات قيمتها السوقية غير مقدرة، هذه الأحجار الكريمة المخبأة لها قيمة أعلى بكثير من سعر سهمها الحالي. من خلال شراء هذه الأسهم، يمكن لمستثمري القيمة، مثل: “أكمان” جني المكافآت عندما يدرك السوق أخيرًا قيمة تلك الأسهم، ويرتفع سعرها.
وقد اخترع هذا النهج بنجامين جراهام الشهير، ونشره وارن بافيت، الذي تعلم منه “أكمان” الكثير. في عام 1994، سأل “أكمان” البالغ من العمر 31 عامًا “بافيت” عن الآثار الإيجابية والسلبية للرافعة وديون الأعمال في الاجتماع السنوي لشركة Berkshire Hathaway. ما يدل على إعجابه طويل الأمد بهذا الخبير الاستثماري.
لكن كيف يكتشف بيل أكمان الأسهم غير مقدرة القيمة؟
مثل: الاستثمار النشط، يبدأ كل شيء بالبحث الدقيق، ويتعمق “أكمان” في البيانات المالية، ويحلل نموذج أعمال الشركة، ويدقق في المشهد الصناعي والمنافسة. إذا كشف تحليله عن قيمة جوهرية تتجاوز سعر السهم بكثير، فيستثمر فيه، الأمر بهذه البساطة.
بناء محفظة استثمارية مركزة
يدافع بيل أكمان عن بناء محفظة استثمارية مركزة، مدفوعًا بإيمانه الراسخ بالاستثمارات ذات الاقتناع العالي. يشتهر هذا الملياردير المستثمر بتولي مناصب كبيرة في مجموعة مختارة من الشركات التي يعتقد أنها تمتلك إمكانيات نمو.
وبالتركيز على عدد قليل من الأفكار ذات الاقتناع العالي، يمكن لـ”أكمان” تكريس المزيد من الوقت والموارد لفهم هذه الشركات وصناعاتها. ما يمكّنه من اتخاذ استثمارات أكثر حكمة.
سبب آخر مقنع للنهج شديد التركيز لـ”أكمان” هو نفوره من التنوع المفرط. على الرغم من أن التنوع قد يساعد المستثمرين على إدارة المخاطر، فإن الكثير منه قد يؤدي إلى عوائد باهتة. وبالتركيز على عدد صغير من الاستثمارات ذات الاقتناع العالي، يمكن لـ”أكمان” تحقيق عوائد ممتازة مع إدارة المخاطر في الوقت نفسه.
وعلى الرغم من إدارة محفظة ضخمة، فإن بيل أكمان لا يتردد في المراهنة على أفكاره ذات الاقتناع العالي. وفقًا لـ The Motley Fool، فإن مثالًا رئيسًا على ذلك هو استثماره الكبير في متجر الأجهزة “Lowe’s”. من خلال اتخاذ موقف كبير في الشركة، أظهر “أكمان” ثقته الراسخة في إمكانيات الشركة لتحقيق القيمة، وقد كان على حق.
تبني نهج الاستثمار طويل الأجل
في عالم الاستثمار، الصبر ليس مجرد ميزة، بل عامل حاسم يغير قواعد اللعبة. بيل أكمان يدرك ذلك جيدًا؛ فهو يركز دائمًا على الاستثمارات طويلة الأجل؛ ما يتيح له تحقيق عوائد كبيرة تفوق أداء المتداولين الذين يركزون على المكاسب السريعة.
أحد أقوى العوامل وراء الاستثمار طويل الأجل هي سحر الفائدة المركبة. يمكن للمستثمرين الموهوبين، مثل: “أكمان” مشاهدة عوائد استثماراتهم ترتفع من خلال الاحتفاظ بها لسنوات. هذا المبدأ الأساسي القوة الدافعة وراء نجاح “أكمان” في السوق، وتستطيع فعل ذلك أيضًا.
ولكن لتحقيق التفوق في الاستثمار طويل الأجل، يجب أن تغوص بعمق في أساسيات كل فرصة استثمارية. هذا يعني تدقيق الصحة المالية للشركة وموقعها الصناعي وآفاق النمو. عبر التحليل الدقيق والصبر المطلق يمكنك قهر السوق وتحقيق النجاح الاستثماري.
كيف حقق ذلك؟
فلسفة الاستثمار لدى “أكمان” ليست مختلفة كثيرًا عن فلسفة وارن بافت، ولا عجب في ذلك؛ حيث يصف كلاهما كتاب بن جراهام “المستثمر الذكي” بأن له تأثير كبير على طريقة عملهما.
“أكمان” مستثمر قيم يبحث عن شركات جيدة يصعب منافستها، ويعتقد أن السوق تقلل من شأنها. ثم يحتفظ بالاستثمارات بتلك الشركات في حين تنمو قيمتها. لا يحب “أكمان” مصطلح “صندوق التحوط”، بل يفضل الإشارة إلى “بيرشينج” على أنها “شركة قابضة استثمارية”، لتسليط الضوء على هذا النقص في التقلبات قصيرة الأجل.