يُعد الاستثمار الأجنبي غاية ومطلبًا لكثير من الدول؛ نظرا للفوائد الاقتصادية والتنمية الشاملة المصاحبة له. وقد نصت رؤية 2030 على هذا التوجه؛ إذ تهدف إلى إقامة اقتصاد متنوع مدعوم بالقطاع الخاص، وبجلب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة تريليون دولار خلال الأعوام القادمة.
وقد قامت الحكومة، بخلق بيئة فاعلة للمستثمر الأجنبي؛ بتسخير غطاء قانوني للحماية، وتذليل العقبات، وسهولة منح التصاريح والضمانات التي تتمتع بها المنشآت الوطنية.
حق التملك الكلي
وأصدرت الدولة نظام الاستثمار الأجنبي في عام 1421هـ؛ لتسهيل الاستثمارات الأجنبية، وتسهيل الحصول على ترخيص من الهيئة العامة للاستثمار؛ إذ مكَّن هذا القانون، المستثمرين الأجانب من حق التملك الكلي أو الجزئي للمشاريع التجارية داخل المملكة, وحصولهم على قروض صناعية، ومختلف التراخيص لمزاولة عدة أنشطة تجارية في آن واحد.
التصرف في الأرباح
وكذلك أتاح القانون للمستثمرين الأجانب، حرية التصرف في الأرباح، وتملك العقارات اللازمة لإنجاح المشروع التجاري،وتوفير الحماية لهم بمنع مصادرة استثماراتهم أو نزع ملكياتهم، إلا للمصلحة العامة مقابل تعويضات مالية مناسبة.
كل هذه المميزات وغيرها، تُعد عوامل تنافسية لجذب الاستثمارات الأجنبية للمملكة, علاوة على المكانة السياسية الاقتصادية المرموقة التي تتمتع بها مملكتنا الحبيبة، والوضع الأمني المستقر بفضل الله تعالى.
ضمانات حفظ الحقوق
وقد تعالت الأصوات مؤخرًا بضرورة إيجاد ضمانات لحفظ حقوق كل من يتعامل مع المستثمر الأجنبي؛ إذ سجلت المحاكم الحقوقية في المملكة عدة قضايا نصب واحتيال من بعض المستثمرين الأجانب ضعاف النفوس الذين غادروا المملكة، وتركوا وراءهم تعثرات مالية، وعقودًا مفتوحة مع مواطنين بالملايين, وعمالة تنتظر مستحقاتها المالية والقانونية للمغادرة النهائية, ومحلات تجارية لم تسدد إيجاراتها, وموردين تم التعامل معهم بالأجل دون سداد ثمن بضائعهم, وغيرها من القضايا والمشاكل المسجلة حاليًا في المحاكم.
وهناك قضايا تملص من الحقوق والواجبات تجاه العملاء؛ كبعض القضايا المتعلقة بوجود ضمانات على سلع باهظة الثمن قد تمدد لخمس سنين؛ إذ يعمل المستثمر الأجنبي كوكيل لمنتج عالمي كوكلاء السيارات وغيرهم, ثم يأتي بين ليلة وضحاها ويقرر غلق الوكالة لعدم الربحية, متناسيًا العملاء الذين وثقوا بهذا المنتج. كل هذه الأسباب وغيرها، نتمنى أن تؤخذ بعين الاعتبار من الجهات المسؤولة عن منح التصاريح للمستثمر الأجنبي.
ضمانات بنكية
ومن الضروري وجود ضمانات بنكية لتنفيذ العقود المبرمة؛ لتكفل حقوق جميع الأطراف، ويجب تصنيف قضايا النصب والاحتيال المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية كقضايا جنائية وليست حقوقية؛ لأن سلبياتها قد تؤثر على المجتمع ككل، وليس على الأفراد فقط؛ ماقد يؤثر آجلًا على اقتصاد المملكة. وينبغي أيضًا، التركيز على مؤشرات رؤية 2030 وحاجة المملكة من الاستثمارات الأجنبية التي تساعد على تحقيقها.
المستثمر الأجنبي الخبير
إننا بحاجة إلى المستثمر الأجنبي العالمي المصنف كمنشأة كبيرة؛ للاستثمار في المملكة، وكذلك المستثمر الأجنبي الخبير بمجال التقنيات الحديثة, والطاقة المتجددة, والمقاولات، والصناعات الثقيلة, وزراعة الصحاري والتخضير, والسياحة والترفيه, وأنظمة الابتكار والإبداع, وكذلك المستثمر الأجنبي الذي يضخ مليارات الدولارات ويوظف الملايين من أبناء الوطن.
إننا أيضًا، بحاجة إلى إتاحة الفرصة لشباب الوطن بالعمل على تأسيس منشآتهم الصغيرة والمتوسطة، وتسهيل العقبات التي تواجههم، وترك المجال للمستثمر الأجنبي في مجال المنشآت الكبيرة التي تتطلب وجود الضمانات الكبيرة على مستوى الدول, وقد تستثني المنشآت الصغيرة والمتوسطة في حال عدم وجود خبرة كافية لدى أبناء البلد لإدارتها وتشغيلها.
هيئة مستقلة للاستثمارات الأجنبية
من المهم جدًا، النظر في إقامة هيئة مستقلة للاستثمارات الأجنبية، لاسيما وأن المملكة على مشارف إقامة مشاريع عالمية، وجلب شراكات أجنبية التي تقدر بمليارات الدولارات، على أن تتولى سن القوانين واللوائح المتعلقة بالتعامل مع المستثمر الأجنبي, وتضع آلية مشتركة بين مختلف القطاعات الحكومية ذات الصلة؛ كالهيئة العامة للاستثمار, ووزارة التجارة, والغرف التجارية, ووزارة العمل, ووزارة العدل, ووزارة الخارجية، وغيرها؛ لضمان “حقوق وواجبات المستثمر الأجنبي”.