تعد المرونة هي القدرة على التكيف والتعامل بنجاح مع التحديات والصعوبات في الحياة؛ حيث إنها سمة أساسية للنجاح الشخصي والمهني، وتساعدنا في تجاوز العقبات وتحقيق أهدافنا.
وفي هذا المقال، نقدم ست طرق فعالة لزيادة المرونة والصلابة في حياتنا، وفقًا لدراسة لعلم النفس بعنوان “تحديث للأدبيات الحديثة والاتجاهات المستقبلية. الرأي الحالي في الطب النفسي”.
6 قواعد لزيادة المرونة
1- قاعدة جوجينز 40%
قدم كتاب “لا يمكن إيذائي” لديفيد جوجينز مفاهيم ملهمة عدة، ومن أبرزها وأكثرها ثورية قاعدة الـ 40%. حيث يغير هذه المبدأ جذريًا كيف ننظر إلى حدودنا وإمكانياتنا، مشيرًا إلى أنه عندما نعتقد أننا وصلنا إلى نقطة الانهيار، نكون في الواقع قد استخدمنا فقط نحو 40% من إمكانياتنا الحقيقية.
وفي قلب قاعدة الـ 40% يوجد تحدي للحكمة التقليدية. على مر الأعوام؛ حيث تكيف الكثير منا لرؤية بعض الحواجز البدنية والعقلية، إذ لا يمكن اختراقها. نُخبر أنه يوجد حدًا لمقدار الألم الذي يمكننا تحمله، أو مدى المسافة التي يمكننا الركض، أو مدى صعوبة الضغط على أنفسنا عقليًا.
ومع ذلك، تقدم تجارب جوجينز، كما هو مفصل في “لا يمكن إيذائي”، حجة قوية تعارض هذا. وذلك خلال سباقات الماراثون الفائقة؛ إذ اكتشف أنه يمتلك مصادر قوة وتصميم لم يعلم بوجودها في داخله من قبل. لذلك، من المهم أن تتقبل عدم الراحة، وتستمر في المضي قدمًا حتى عندما تشعر بأنك على وشك الاستسلام. وعندما يخبرك عقلك بالتوقف، تكون قد وصلت إلى 40% فقط من طاقتك.
2- إعادة تأطير الأفكار
كما أوضحت دراسة علم النفس سالفة الذكر، أن نظرتك للحياة تؤثر كثيرًا في أفكارك. لذلك، من المهم أن تحدد الأفكار السلبية التي تمر بها وتواجهها بأخرى إيجابية. كما يمكن أن يساعدك ذلك على تغيير منظورك، وتغيير طريقة تعاملك مع التحديات.
ما إعادة التأطير؟
ومن جانبه، تعرف إعادة التأطير أنها عملية تغيير الطريقة التي ننظر بها إلى المواقف والأحداث والأشخاص. إنها كأننا ننظر إلى الصورة نفسها من زوايا مختلفة، فنجد معاني جديدة ومفاهيم مختلفة. وذلك بدلًا من التركيز على السلبيات، نركز على الإيجابيات، وعوضًا من رؤية العقبات، نراها فرصًا للنمو.
لماذا إعادة التأطير مهمة وتحقق المرونة؟
- التحكم في المشاعر: عندما نعيد تأطير أفكارنا السلبية، فإننا نغير مشاعرنا المرتبطة بها. بدلًا من الشعور بالإحباط أو الغضب، يمكننا الشعور بالأمل والتفاؤل؛ ما يحقق المرونة في التعاملات.
- تحسين العلاقات: كما تساعدنا إعادة التأطير في فهم أفضل للآخرين، والتواصل معهم على نحو أكثر فعالية.
- زيادة المرونة: تجعلنا أكثر قدرة على التكيف مع التغيرات والتحديات التي تواجهنا في الحياة.
- تحقيق الأهداف: تساعدنا في رؤية أوضح للأهداف، وتحفيزنا للعمل نحو تحقيقها.
كيف نعيد تأطير أفكارنا؟
- التعرف على الأفكار السلبية: أولًا، يجب أن نكون على دراية بالأفكار السلبية التي نرددها على أنفسنا.
- التساؤل عن الدليل: هل يوجد دليل يدعم هذه الأفكار؟ هل توجد تفسيرات بديلة؟
- البحث عن الجانب المشرق: حاول أن تجد شيئًا إيجابيًا في كل موقف، حتى لو كان صغيرًا.
- استخدام لغة إيجابية: بدلًا من قول “أنا لا أستطيع”، قل “سأحاول”.
- لتحدث مع شخص موثوق به: مشاركة أفكارك مع شخص تثق به يمكن أن تساعدك في رؤية الأمور من منظور مختلف.
مثال لتوضيح مفهوم التأطير
إذا فشلت في امتحان، يمكنك أن تقول لنفسك: “أنا فاشل، لن أنجح أبدًا”. ولكن إذا أعدت تأطير هذا الفكر، يمكنك أن تقول: “لم أحصل على النتيجة التي أريدها هذه المرة، ولكن هذا لا يعني أنني فاشل. سأستفيد من هذه التجربة وأعمل بجد أكثر في المرة القادمة”.
3- التوقع السلبي
وفقًا للدكتور كيلان؛ المعالج النفسي الكندي، فإن هذه القاعدة أو النمط “التوقع السلبي” من التفكير غير الصحي يضخم المشاعر السلبية كثيرًا. كما يجعل الشخص أسيرًا لأفكاره السلبية، ويصعب عليه التحكم فيها.
بينما توصي هذه القاعدة الأمريكية بالتوقع السلبي كوسيلة للتأهب للأسوأ. من خلال تخيل أسوأ سيناريو ممكن. لذلك يمكنك تقليل القلق والتوتر حوله لتحقيق أكبر قدر من المرونة.
4- استجابة التحدي
عندما تواجه ضغوطًا، يمكنك تحويلها إلى قوة دافعة. بدلًا من رؤية المشكلات كتهديدات، حاول رؤيتها كتحديات تحتاج إلى التغلب عليها. هذا التحول في المنظور يمكن أن يزيد من مرونتك وقدرتك على التعامل مع الصعوبات. وفقًا لكتاب “غريزة قوة الإرادة” لرائدة علم النفس “كيلي ماكغونيغال”.
الجدير بالذكر أن التحديات ليست عوائق، بل فرص ثمينة لنمونا الشخصي وزيادة المرونة لدينا. إذ أنه عندما نواجه صعوبات، فإننا نكتشف قدرات كامنة لم نكن نعرف عنها من قبل. وفقًا لـ”كيلي ماكغونيغال”.
دور الإرادة في التغلب على الصعوبات
إن قوة الإرادة السلاح الأقوى في مواجهة التحديات. إذ أنه عندما نقرر تحويل الضغوط إلى دوافع، فإننا نكون قد قطعنا خطوة كبيرة نحو تحقيق أهدافنا.
فعلى سبيل المثال، تخيل أنك تواجه مشروعًا جديدًا ومعقدًا. بدلًا من الشعور بالقلق، يمكنك أن ترى هذا المشروع كفرصة لتطوير مهاراتك واكتساب خبرات جديدة. هذا التحول في المنظور يمكن أن يحول التحدي إلى انتصار.
5- مفارقة ستوكديل
تقول مفارقة ستوكديل أنه يجب عليك مواجهة الحقيقة القاسية دون أن تفقد الأمل في قدراتك. اعترف بوضعك الحالي، ولكن حافظ على إيمانك بنجاحك النهائي.
تدعونا مفارقة ستوكديل -كما وردت في كتاب “من الجيد إلى العظيم”- للجمع بين التفاؤل القوي والإدراك الواقعي للمشكلات. فالشركات العظيمة هي تلك التي تؤمن بقدرتها على النجاح، مع إدراكها الكامل للتحديات التي تواجهها.
6- قاعدة 5*5
وفي إطار قائمة القواعد التي تساعد في تعزيز الصلابة والمرونة، تأتي “قاعدة 5*5” إذ تنص على أنه لا يجب أن تهتم بالأشياء الصغيرة، وركز على منظور طويل الأمد. وإذا لم يكن الأمر مهمًا بعد 5 سنوات، فلا تقضي أكثر من 5 دقائق في القلق عليه.
وفي النهاية، زيادة المرونة والصلابة أمر ممكن من خلال اتباع هذه الطرق الست. من خلال تعزيز قدرتك على التكيف والتعامل مع التحديات، يمكنك تحسين حياتك الشخصية والمهنية على نحو كبير.