“إنَّما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاق”، صدق رسولنا صلى الله عليه وسلم، كلمات قليلة بليغة تلخص “رسالة” الرسول أو الهدف الذي أُرسل من أجله أو ما يُطلق عليه Mission Statement.
وكما أنَّ لكل إنسان ومؤسسة ومنشأة، رؤية وأهدافًا استراتيجية وقِيَمًا، فإن لكل منهم رسالة تبين الغرض الذي من أجله يعيش الإنسان، أو الغرض الذي أنشئت من أجله الشركة.
وتعرَّف رسالة شركة ما، ببيان سبب وجود الشركة، وما يميزها عن غيرها من الشركات، وفلسفة وغاية وجودها، وأعمالها الأساسية، والجمهور المستفيد منها ضمن نطاق جغرافي محدد.
وتمثل الرسالة مِشعلاً تحمله الشركة لينير دربها، ونبعًا لأهدافها، وتساهم في توضيح أسباب ومبررات وجود الشركة، وقيمها، وفلسفتها نحو عملائها وبيئتها ومجتمعها، ويكون ذلك مُعلَنًا للجميع، وعلى رأسهم الموظفون.
تجيب الرسالة عن الأسئلة الآتية: ماذا تفعل الشركة؟ وما الذي يميزها عن غيرها؟، وما أهدافها؟، وما الذي يُساعدها على النجاح؟، وما الذي تفعله اليوم؟، ولماذا؟ وما الفائدة منه؟، وما طبيعة العُملاء؟، وما المسؤوليات المترتبة على الشركة تجاههم؟
ليست الرسالة شعارًا، بل بيان محدد ذو هدف؛ لذا يجب اختيار كلمات الرسالة، اعتمادًا على معانيها، وليس لبلاغتها، مع صياغتها بوضوح. وأفضل بيانات الرسالة هي البيانات الصريحة التي تُصاغ بدون استخدام مصطلحات فنية بل تكون مباشرة، فقوة بيان الرسالة تكمن في اختصارها وبساطتها. وبما أن محتوى بيان الرسالة مرتبط ارتباطًا وثيقًا بتوجهات الشركة، فإنه يتغيّر من وقت لآخر؛ نظرًا لتغير توجهات الشركة.
أما الفرق بين الرؤية والرسالة، فالرؤية تحلم بالوضع الذي ترغب الشركة في أن تكون عليه مستقبلًا، بينما تصف الرسالة الحالة والأهداف التي ترغب الشركة في تنفيذها في الوضع الراهن، فإذا كانت “رؤية” دولة عربية، أن تصبح قِبلة العالم في عام 2040″؛ فذلك حُلم أو غاية في صورة ذهنية؛ حالة مستقبلية، ستعمل جاهدة من أجل تحقيقها؛ لتتحقق فعلياً أو تصل إليها عندئذ؛ أي مع حلول عام 2040.
هنا الرسالة، ستُعبِّر عن الوسائل الخاصة التي ستتخذها لتحقيق “الرؤية”؛ كتأهيل العنصر البشري، وتوفير البنية التحتية المتطورة، وتوفير متطلبات التكنولوجيا، وتنفيذ المشروعات الإبداعية؛ لتحقيق هذه الرؤية.
وهذه بعض الأمثلة على رسالة بعض الشركات العالمية:
- نايكي: جلب الإلهام والابتكار لكل رياضي في العالم.
- مايكروسوفت: تمكين كل شخص ومنظمة على هذا الكوكب لتحقيق المزيد.
- فيس بوك: منح الناس القدرة على الاجتماع وتقريب العالم من بعضه.
- تِسلا: تسريع انتقال العالم إلى الطاقة المتجددة.
- أمازون: تقديم أفضل الخيارات بأرخص الأسعار الممكنة مع توفير أقصى درجات الراحة.
- لينكد إن: نصل موظفي العالم ببعضهم لنجعلهم أكثر إنتاجًا ونجاحًا.
- جوجل: تنظيم المعلومات وإتاحة الوصول إليها والاستفادة منها لكل شخص في العالم.
- أُوبر: توفير القدرة على التنقل لكل شخص في كل مكان.
- سوني: شركة تثير إلهامك وترضي فضولك.
إيكيا: توفير تشكيلة واسعة من منتجات الأثاث المنزلي العملية والمصممة بعناية بأسعار منخفضة ليتمكن أكبر عدد ممكن من الناس من شرائها.
رحم الله والدي الحبيب الذي انتقل للرفيق الأعلى قبل كتابة هذا المقال؛ فرحيله أوحَى لي بفكرة المقال؛ إذ كان صاحب رسالة، وأُشهد الله أنه قد أداها كاملة تجاه دينه، ووطنه، ومجتمعه، وطلاب عِلمِه، وأسرته، داعيًا الله تعالى أن يتقبلها منه، وأن يجدها في ميزان حسناته.
اقرأ أيضًا:
تعافي الاقتصاد السعودي بعد كورونا
هل يمكن أن نشتري السعادة بالمال؟