الثقة في النفس المبالغ فيها موضوع غير مطروق تقريبًا أو ربما يطرح تحت عناوين أشمل ولا تفيه حقه، كالنرجسية مثلًا، وعلى الرغم من التشابه بين الأمرين إلا أن ثمة فروقات جمة بينهما ليس هذا مجال بسط القول فيها.
وعلى أي حال ما نبتغي الإشارة إليه في هذه التقدمة أن الناس يتأرجحون، عند الحديث عن تقدير الذات، ما بين حديث عن الاحترام الصحي للذات أو تدني الشعور بأهميتها، بيد أن الموضوع المغفل هنا هو الثقة في النفس المبالغ فيها، وكأن هذا احتمال غير وارد!
والمثير في الأمر ومكمن الخطورة فيه أن هذه الثقة الزائدة أو المبالغ فيها غالبًا ما تجر على صحابها مخاطر جمة، وربما توقعه في الكثير من الأعطاب والمشاكل الاجتماعية، وسنبين هذا في حينه.
اقرأ أيضًا: هل يقرأ رواد الأعمال الكتب؟
ماذا يحدث حينها؟
حق لك أن تسأل الآن: ما هي مظاهر الثقة في النفس المبالغ فيها؟ أو ماذا يحدث عندما يكون المرء مقيّم نفسه بدرجة أكبر مما يستحق؟
يتجلى ذلك في أمور جمة؛ منها: الإفراط في التقييم الإيجابي للذات، المدح المستمر والمتكرر لنفسك، ليس هذا فحسب بل إنك تتوقع، عادة، من الآخرين أن يفعلوا الشيء نفسه.
عندما يكون لديك تقدير لذاتك مرتفع للغاية فمن المحتمل أن تكون شديد الثقة وتغالي في تقدير قدراتك وصفاتك ومهاراتك، كما قد يصبح رأيك في نفسك مبالغًا فيه وغير واقعي.
أيضًا يشعر الأشخاص الذين يعانون من الثقة في النفس المبالغ فيها بأهليتهم لكل جميل ومكافأة.. إلخ، والأنكى من ذلك أنهم قد يُغمطون الآخرين حقوقهم، وقد لا يرون الآخرين أصلًا، ولا يرون لهم أي فضل يُذكر.
اقرأ أيضًا: المثابرة لرائد الأعمال.. ما أهميتها؟
الثقة في النفس المبالغ فيها
ويحدد «رواد الأعمال» مخاطر الثقة في النفس المبالغ فيها، وذلك على النحو التالي..
-
علاقات اجتماعية مضطربة
لا يعيش المرء وحده وإنما وسط محيط اجتماعي ما، ومن شأن هذا العيش المشترك أن يتطلب قدرًا من الذكاء والمهارة، كما يتطلب في الآن ذاته التخلي عن بعض الصفات والممارسات؛ أبرزها هذه الثقة في النفس المبالغ فيها.
لكن لماذا يتوجب على المرء ذلك؟ تؤدي الثقة المفرطة في الذات إلى علاقات اجتماعية مضطربة وغير صحية. ومن المثير للاهتمام أن تدني احترام الذات يقود للنتيجة ذاتها. عندما يكون تقديرك لذاتك منخفضًا قد تتوق إلى مدح الآخرين لكي تشعر بأنك عضو فاعل في هذه الجماعة الاجتماعية أو تلك.
وبالمثل عندما يكون احترامك لذاتك مرتفعًا جدًا فسوف تتسول المدح والثناء من الآخرين كي تشعر بأنك حقيق بالصورة التي رسمتها لنفسك عن نفسك. ألا تلاحظ أنك بهذا أسير لتصورات الآخرين عنك؟ هذه إحدى أخطر تبعات الثقة في النفس المبالغ فيها.
غاية الأمر أن هذه الثقة المفرطة أو المتدنية للذات قد تؤدي إلى فشل في العلاقات الاجتماعية وعطب نفسي ربما تمتد آثاره وتبعاته.
-
النبذ أو نفور الآخرين
النبذ نتيجة طبيعية لهذه الثقة في النفس المبالغ فيها؛ فالتواجد مع أشخاص يتسمون بالغرور والنرجسية ليس مريحًا ولا ممتعًا بحال من الأحوال.
فنحن، بكل بساطة، نفضل التواجد حول أشخاص متواضعين أو أشخاص يتمتعون برؤية صادقة لأنفسهم. على النقيض من ذلك ليس من الممتع عمومًا أن تكون مع شخص تقديره لذاته مرتفعًا جدًا لا يسمع سوى صوت نفسه، ولا يجيد سوى التفاخر، والعجرفة، والهوس بالذات واحتقار الآخرين.
اقرأ أيضًا: تجديد شغفك تجاه العمل.. كيف تلهب حماسك من جديد؟
-
انعدام فرص التطوير
يتطور المرء حينما يجد أن ثمة مبررًا لذلك، حينما يشعر أن لديه معضلة ذاتية من نوع ما، ويود الدفع بنفسه قدمًا. مشكلة الثقة في النفس المبالغ فيها أنها تقطع الطريق على كل ذلك.
فالأشخاص المصابون بهذا الداء النفسي/ الاجتماعي يرون أنفسهم كاملين لا يعيبهم شيء ولا تشوبهم شائبة، ومن ثم لا حاجة إلى التطوير والتحسين.
يؤدي هذا، بالتبيعة، إلى أن يمسي المرء أعمى تمامًا عن أخطائه، ويصاب بالصمم فلا يسمع سوى صوت نفسه، وبالتالي لن يجدي معه نصحًا ولا مشورة.
-
الفشل في التعامل مع النقد والاستفادة منه
ثمة أمر مهم هنا هو أن الثقة في النفس المبالغ فيها وتدنيها يؤديان، بشكل مباشر، إلى الفشل في التعامل مع النقد.
فالذي يرى نفسه في مرتبة أدنى مما هي عليه يأخذ كل نقد على محمل شخصي، ومن ثم يمكن لأي ملاحظة سلبية عنك أن تؤدي إلى سلسلة من ردود الأفعال والأفكار والمشاعر والسلوكيات السلبية.
وعلى الجهة المقابلة عندما تعاني من الثقة في النفس المبالغ فيها فسوف تتعامل مع النقد بطريقة غير ناضجة؛ إذ سوف تتلقى هذا النقد بالرفض التام، وستراه غير صحيح بالكلية. أنت ترى نفسك كاملًا فكيف لأحد أن ينتقدك؟! هذه هي المأساة.
وبالطبع ستلجأ من أجل حماية الصورة الذاتية المبالغ فيها لديك عن نفسك إلى كل أنواع التبريرات لنفسك، والتفنيد لانتقادات الآخرين، دون أن تمنح نفسك فرصة التفكير فيها بشكل عقلاني متجرد.
اقرأ أيضًا:
متى تكذب في المقابلات الوظيفية؟.. كُن حذرًا
مهارات مهمة لرائد الأعمال.. استراتيجية التطوير الكُبرى
هل أنت قائد مبدع أم مفكر تفاعلي؟
5 نصائح لنجاح رائد الأعمال.. استراتيجية الانطلاقة الأولى