لا شك في أن الغزو التكنولوجي لبيئات الأعمال المختلفة أدى إلى توفير الكثير من الجهد والتكلفة ورفع الكفاءة التشغيلية وتنظيمها وتسهيل الوصول إلى الخدمات، وكذلك تعزيز الإبداع وتنمية عملية الابتكار؛ حيث يُمكن تفعيل التحول الرقمي في الشركات من خلال بناء استراتيجية رقمية قوية وفعالة وإجراء بعض التحسينات خاصة في وقت الأزمات، وربما لا يتحقق ذلك إلا من خلال قياس الإمكانيات الرقمية المتوفرة في الوقت الحالي، وتحديد أفضل هيكل عمل لأنشطة التسويق الرقمى في الشركة.
إذن، يُمكننا القول إن رقمنة الشركات تُمثل أهمية بالغة من ناحية تحفيز الابتكار وتوليد الكفاءات وتحسين الخدمات، وهو ما جعلها من الضروريات المُلحة للنمو الشامل والمستدام في الشركات.
اقرأ أيضًا: تصميم بيئة عمل للمشاريع الصغيرة.. كيف يكون؟
وفي هذا الصدد، أثبتت بعض الدراسات المتخصصة في التكنولوجيا أنه بإمكان الشركات تحقيق زيادة في نمو إيراداتها بنسبة 0.9% سنويًا في حال اتباعها استراتيجية تحويل رقمية، وإضافة 1.8% إلى نمو أرباحها قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك وإطفاء الدين مقارنة بالشركات الأخرى، والشركات التي لم تُحقق استقرارًا في السوق، كان بسبب عدم مواكبتِها للتحولات الرقمية الجديدة، على عكس بعض الشركات التي أدركت مدى أهمية التحولات الرقمية لبقائها، وسارعت إلى تطبيقها ومواكبتها للاستفادة منها، وهو ما أدى إلى تحقيق نتائج إيجابية تستحق عناء تلك الاستثمارات المالية والجهد الذي تم تخصيصه لذلك.
الاضطرابات الرقمية في الشركات
بطبيعة الحال، تشهد الكثير من الشركات حول العالم اضطرابًا رقميًا كبيرًا في ظل التطور التكنولوجي الكبير الذي ينمو يومًا تلو الآخر، الأمر الذي سيؤدي إلى تحقيق تغيرات جذرية في الاقتصاديات العالمية، وهو ما يتعين على الشركات، خاصة الصغيرة والمتوسطة، تطبيق الإطار الرقمي عبر أربعة محاور رئيسية: “التقنيات والبيانات والأشخاص والعمليات”، وربما يحتاج هذا الإطار إلى عدد كبير من التقنيات الحديثة المتحركة وأدوات الاتصال بالإنترنت وشبكات ضخمة وبنية تحتية متطورة.
اقرأ أيضًا: حلول ذكية لنجاح رواد الأعمال.. هل أنت مستعد؟
تُشير الكثير من الدراسات الحديثة إلى أن معظم الشركات سوف تستثمر نحو أكثر من 2.7 تريليون دولار بحلول عام 2025 في تطوير تقنيات التحول الرقمي لديها؛ حيث تُعتبر هذه نقلة نوعية في حجم الاستثمارات يفرضها تزايد تعقيدات قطاع تقنية المعلومات، ففي ظل هذا التقدم الكبير بات التحول الرقمي من الضروريات المُلحة التي لا يُمكن الاستغناء عنها في جميع الشركات التي تسعى إلى التطوير وتحسين خدماتها وتسهيل وصولها للمستفيدين.
كورونا جرس الإنذار للتحول الرقمي
اعتبر الكثير من الخبراء الاقتصاديين حول العالم أن أزمة فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19″، والذي أودى بحياة أكثر من 100 ألف شخص بمختلف أنحاء العالم حسبما أفادت منظمة الصحة العالمية، تُعد بمثابة جرس إنذار للمضي قدمًا نحو التحول الرقمي في جميع القطاعات العالمية، خاصة الشركات والمؤسسات التجارية، وفي هذا الصدد أفاد الاتحاد الألماني لتكنولوجيا المعلومات “بيتكوم” بأنه حان الوقت لتأسيس بنية تحتية رقمية ورقمنة عمليات الأعمال على نحو شامل، وتطوير نماذج أعمال رقمية، وربما أوضحت لنا الأزمة الحالية أهمية التكنولوجيات الرقمية للاقتصاد والإدارة والمجتمع.
اقرأ أيضًا: مواقع التواصل الاجتماعي الأكثر تأثيرًا في 2020
ربما جاء فيروس كورونا إلى عالمنا حاملًا معه الكثير من التغيرات الجذرية، خاصة في الشركات والأسواق العالمية وكذلك الإنتاج، ففى ظل التداعيات التي نشهدها حاليًا بسبب الأزمة لم يعد هناك أسواق على أرض الواقع ولا عملاء متجولون، وهنا نطرح سؤالًا مهمًا: ماذا لو لم يكن هناك تقنيات رقمية ولا تكنولوجيا حديثة في ظل الأزمة؟ وماذا عن حجم المعاناة التي كنا سنواجهها حال عدم وجود التكنولوجيا؟ إذن فلا نبالغ إذا قلنا إن هذه التكنولوجيا والتقنيات الرقمية هي المُنقذ الوحيد لنا في هذه الأزمة، كما أن الاحتياجات المستجدة والاهتمامات المتغيرة والسلوكيات الجديدة كشفت عن قدرة الشركات على التعامل مع الطلب الإضافي على الخدمات الرقمية ودرجة مرونتها في اتخاذ قرارات التحول الرقمي؛ لذا يُمكننا القول إن كورونا تولى فور ظهوره تحويل أنظار المستهلكين إلى الخدمات الإلكترونية، وأجبر الأفراد على ضرورة التوجه إلى البحث والاستثمار فيها.
ختامًا، لم يعد انخراط الشركات في التحول الرقمي مجرد اختيار بعد اليوم، بل يتوجب على الشركات والمؤسسات في جميع أنحاء العالم إعادة النظر في استراتيجيات التحول نحو الرقمنة ورفع مستوى البنية التحتية الرقمية، وتوظيف المهارات الجديدة من أجل الحصول على فرصة أفضل للتنافس في ظل الخريطة الاقتصادية الجديدة الذي ننشدها في القريب العاجل.
اقرأ أيضًا:
مستقبل ريادة الأعمال الرقمية.. إلى أين؟