تعيش المملكة العربية السعودية اليوم الوطني 94 في عزٍّ وازدهار؛ حيث تشهد تحولات نوعية في مختلف القطاعات، لا سيما قطاع الرعاية الصحية. وفي ظل رؤية المملكة 2030 الطموحة برزت ريادة الأعمال الصحية كمحرك أساسي للابتكار والتطوير في هذا المجال الحيوي.
قطاع الرعاية الصحية
يشهد القطاع الصحي السعودي نموًّا متسارعًا مدفوعًا بجهود حثيثة من الحكومة وقطاع الأعمال. وساهمت المبادرات الحكومية والبرامج الداعمة لرواد الأعمال في توفير بيئة محفزة للإبداع والابتكار؛ ما أدى إلى ظهور العديد من المشاريع الصحية الواعدة التي تسعى لتقديم حلول مبتكرة للتحديات الصحية المعاصرة.
وفي لقاء مع “رواد الأعمال” تحدث الدكتور عبد الرحمن البليهشي؛ المؤسس والرئيس التنفيذي لـ”ريادة الصحة”، في ذكرى اليوم الوطني 94 عن الدور المحوري الذي تلعبه ريادة الأعمال الصحية في بناء مستقبل مزدهر للقطاع الصحي بالمملكة.
وألقى الدكتور البليهشي الضوء على الجهود المبذولة لدعم رواد الأعمال، والتأثير الإيجابي للمشاريع الناشئة في النظام الصحي، وأهمية التكامل بين القطاعين العام والخاص في هذا المجال.
وإلى نص الحوار:
حوافز وبرامج لدعم رواد الأعمال
ما دور المملكة في دعم ريادة الأعمال الصحية الناشئة؟ وكيف تُساهم هذه المشاريع في تحقيق أهداف الرؤية الطموحة؟
بلا شك تعد رؤية 2030 خريطة طريق طموحة لتحقيق تنمية مستدامة ومتوازنة في المملكة. والقطاع الصحي هو أحد أركان هذه الرؤية. نحن نشهد اهتمامًا كبيرًا من الحكومة بدعم رواد الأعمال في المجال الصحي. وذلك إيمانًا بأهمية الابتكار وريادة الأعمال في دفع عجلة التنمية.
وتقدم المملكة مجموعة واسعة من الحوافز والبرامج لدعم رواد الأعمال. بدءًا من توفير التمويل المناسب، مرورًا بتقديم الاستشارات والتوجيه، ووصولًا إلى تسهيل الإجراءات البيروقراطية. كل هذا الدعم يتيح للشركات الناشئة الفرصة للنمو والتوسع. وبالتالي يوفر فرص عمل جديدة ويحفز الاقتصاد.
أما عن دور هذه المشاريع في تحقيق أهداف الرؤية فهو دور محوري. فمن خلال تقديم حلول مبتكرة للتحديات الصحية تساعد هذه المشاريع في تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين والمقيمين. وتحقيق تغطية صحية شاملة.
بالإضافة إلى ذلك هي تعزز مكانة المملكة كمركز إقليمي للابتكار في مجال الرعاية الصحية. ما يجذب الاستثمارات الأجنبية ويدعم سمعة المملكة عالميًا.
تأثير المشاريع الصحية الناشئة
- ما تأثير المشاريع الصحية الناشئة في النظام الصحي بالمملكة بشكلٍ عملي؟
تأثير المشاريع الصحية الناشئة في النظام الصحي بالمملكة إيجابي وملموس. فهذه المشاريع تعمل على سد الفجوات في النظام الصحي التقليدي. وتقدم حلولًا مبتكرة لمجموعة واسعة من التحديات.
على سبيل المثال: يطور العديد من الشركات الناشئة تطبيقات للهواتف الذكية تتيح للمرضى حجز المواعيد مع الأطباء وتلقي الاستشارات الطبية عن بعد. ما يوفر الوقت والجهد على المرضى ويقلل من الازدحام في المستشفيات.
في المقابل تطور شركات أخرى أجهزة طبية ذكية لقياس المؤشرات الحيوية وتقديم تحليلات دقيقة للحالة الصحية للمريض. ما يساعد الأطباء في تشخيص الأمراض وعلاجها بشكل أكثر دقة وفعالية.
علاوة على ذلك تساهم المشاريع الصحية الناشئة في تطوير قطاع الصحة الرقمية، ما يزيد من كفاءة إدارة البيانات الصحية وتسهيل تبادل المعلومات بين مقدمي الخدمات الصحية. هذا بدوره يساهم في تحسين جودة الرعاية الصحية واتخاذ قرارات أفضل بشأن السياسات الصحية.
التكامل بين القطاعين الحكومي والخاص في الرعاية الصحية
- هل هناك تكامل بين القطاعين الحكومي والخاص في مجال الرعاية الصحية؟ وكيف يدعم رواد الأعمال الصحيين؟
قطاع الابتكار الصحي في المملكة يشهد نموًا متسارعًا بفضل التكامل القوي بين القطاعين الحكومي والخاص. فالحكومة تلعب دورًا محوريًا في تهيئة بيئة محفزة للابتكار؛ وذلك من خلال وضع الأطر التشريعية والتنظيمية اللازمة، وتوفير الدعم المالي والفني للشركات الناشئة.
وكان إنشاء هيئة البحث والتطوير والابتكار خطوة استراتيجية مهمة؛ حيث تركز الهيئة على دعم الابتكار في مختلف المجالات، بما في ذلك الصحة. هذا الدعم يشمل: توفير التمويل، وبناء الشراكات بين القطاعين الأكاديمي والصناعي، وتقديم الاستشارات والتدريب.
من جانب آخر يساهم القطاع الخاص في دفع عجلة الابتكار؛ من خلال الاستثمار في الشركات الناشئة، وتطوير المنتجات والخدمات الصحية المبتكرة. هذا التكامل بين القطاعين يولّد بيئة تنافسية ومحفزة؛ ما يشجع على ظهور أفكار جديدة وحلول مبتكرة للتحديات الصحية.
دعم رواد الأعمال في القطاع الصحي
- ما أبرز المبادرات والبرامج التي تم إطلاقها مؤخرًا لدعم رواد الأعمال في القطاع الصحي؟
تطلق المملكة مجموعة متنوعة من المبادرات والبرامج لدعم رواد الأعمال في القطاع الصحي، وتأتي من مختلف الجهات الحكومية مثل: وزارة الصحة، وهيئة المدن، وبنك التنمية الصناعي، وبنك التنمية الاجتماعية؛ والهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة “منشآت” وغيرها.
تتنوع تلك المبادرات بين التمويل المباشر للشركات الناشئة، وتقديم الاستشارات والتدريب، وبناء البنية التحتية اللازمة لتطوير المنتجات والخدمات الصحية. كما تهدف بعض هذه المبادرات إلى ربط رواد الأعمال بالأسواق المحلية والإقليمية، وتسهيل حصولهم على التراخيص والتراخيص اللازمة.
بالطبع يمكن لرواد الأعمال الاستفادة من هذه المبادرات عن طريق البحث عما يتناسب منها مع احتياجات مشاريعهم، والتواصل مع الجهات المعنية للحصول على الدعم المطلوب. كما يمكنهم الاستفادة من الشبكات التي تجمع رواد الأعمال والمستثمرين في القطاع الصحي؛ ما يساعدهم في بناء علاقات قوية وتوسيع نطاق أعمالهم.
اليوم الوطني 94
- كيف يساهم اليوم الوطني 94 في تعزيز الروح الوطنية لدى رواد الأعمال، خاصة في قطاع الرعاية الصحية؟
اليوم الوطني 94 هو احتفال بالإنجازات التي حققتها المملكة، ومصدر إلهام كبير لجميع المواطنين، خاصة رواد الأعمال. فعندما يشهدون التقدم الذي أحرزته المملكة يدفعهم ذلك إلى السعي لتحقيق المزيد من الإنجازات، والمساهمة في بناء مستقبل زاهر للوطن.
وفي قطاع الرعاية الصحية تترجم الروح الوطنية إلى رغبة ملحة في تقديم أفضل الخدمات الصحية للمواطنين والمقيمين. ويشعر رواد الأعمال بمسؤولية كبيرة تجاه مجتمعهم، ويسعون إلى تطوير حلول مبتكرة تساهم في تحسين جودة الحياة، وتعزيز صحة المجتمع. فالاحتفال بذكرى اليوم الوطني 94 هو تذكير لهم بأهمية دورهم في تحقيق رؤية المملكة 2030.
نصائح لرواد الأعمال
- ما هي النصائح التي يمكن تقديمها لرواد الأعمال الجدد في قطاع الرعاية الصحية؟
من الضروري لرواد الأعمال الجدد في قطاع الرعاية الصحية أن يركزوا على تحديد التحديات الرئيسية التي تواجه القطاع. وقد تشمل: نقص الكوادر المتخصصة أو الحاجة إلى تحسين جودة الرعاية. ومع ذلك باستخدام التكنولوجيا الحديثة، مثل: الذكاء الاصطناعي والبيانات الكبيرة يمكنهم تقديم حلول مبتكرة تساعد في تحسين كفاءة الخدمات المقدمة.
أيضًا من المهم جدًا بناء شبكة قوية من الشركاء، سواء من داخل القطاع الصحي أو خارجه؛ للحصول على الدعم المالي والإداري. وبالطبع وفرت المملكة العديد من البرامج التي تقدم التمويل والإرشاد لرواد الأعمال الجدد. لذلك من المهم الاستفادة من هذه الفرص المتاحة.
كما أن فهم القوانين والتنظيمات التي تحكم القطاع الصحي يعد أمرًا ضروريا، ودون الامتثال لها قد تواجه المشاريع تحديات قانونية تعوق نجاحها. وأخيرًا لا يمكن إغفال أهمية التركيز على تجربة المريض؛ حيث يجب أن تكون جودة الرعاية المقدمة وسلامة المرضى هي الهدف النهائي لأي مشروع ريادي في هذا المجال.
وإلى جانب ذلك ينبغي على رواد الأعمال أن يحرصوا على الاستمرار في التعلم والتطوير. سواء في مجال ريادة الأعمال أو في المجال الصحي؛ لأن هذا القطاع يتغير بسرعة. والتكيف مع هذه التغيرات ربما يكون مفتاح النجاح.
تحقيق الاكتفاء الذاتي
- كيف تسهم المشاريع الصحية الناشئة في تحقيق الاكتفاء الذاتي بمجال الرعاية الصحية؟
تؤدي المشاريع الصحية الناشئة دورًا محوريًا في تحقيق الاكتفاء الذاتي، وذلك من خلال تطوير الصناعات المحلية بمجالات عدة. على سبيل المثال: تطوير التكنولوجيا الطبية المتقدمة والذكاء الاصطناعي في مجالات التشخيص والعلاج. يمكن أن يقلل من الاعتماد على الأجهزة والبرمجيات المستوردة. بالإضافة إلى ذلك تصنيع الأدوية محليًا يمثل خطوة كبيرة نحو تحقيق الأمن الدوائي. وهو أمر بالغ الأهمية خاصة بعد الدروس المستفادة من جائحة كورونا.
والاعتماد على استيراد الأدوية والمعدات الطبية يمثل تحديًا كبيرًا. ولكن مع ظهور مشاريع ريادية محلية قادرة على تطوير حلول متقدمة يمكننا تقليل هذا الاعتماد بشكلٍ كبيرٍ. كذلك يساعد الابتكار في تصنيع الأجهزة الطبية والبرمجيات الخاصة بإدارة البيانات الصحية في تحسين البنية التحتية الصحية. ويقلل من تكاليف الاستيراد. هذا النوع من المشاريع لا يسهم فقط في تحقيق الاكتفاء الذاتي، بل يعزز أيضًا من الأمن الصحي الوطني. وهو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي.