يبدو أننا نعيش في محيط ألغيت فيه الحدود المكانية والزمانية بين أسواق العمل المختلفة واشتدت فيها المنافسة؛ ما لفت أنظار بعض رواد الأعمال إلى البحث والتطوير، وهو المفهوم الذي يرتبط به العديد من المفاهيم الاقتصادية المختلفة، كريادة الأعمال والإبداع والابتكار والإنتاج والاقتصاد والاستدامة وغيرها؛ حيث يُمكن من خلالها تشكيل رافد للبحث والتطوير ومن ثم تحقيق الأهداف، في ظل التطور الكبير الذي تشهده مجالات التكنولوجيا الحديثة.
لم تعد الشركات تفتقر للإمكانات والتقنيات التكنولوجية والمعامل الحديثة لإجراء الأبحاث والدراسات التطويرية، ولم تعد أيضًا تفتقر للعقول والخبرات في مختلف المجالات العلمية، ورغم كل هذا وذاك ما زالت بعض الشركات ضعيفة جدًا في عمليات البحث والتطوير ومجال الإبداع والابتكار، وعندما تمتلك مشروعك الخاص وبه كل الإمكانيات المطلوبة لعمليات البحث والتطوير ثم لا تنجز شيئًا؛ فالمشكلة هنا ليست في المشروع، وإنما في العقل الذي يديره.
هل البحث والتطوير الطريق الأمثل نحو الابتكار؟
لا شك في أن البحث والتطوير من الاستراتيجيات الأساسية التي تلقى اهتمامًا كبيرًا من مسؤولي كبرى الشركات التكنولوجيا بمختلف أنحاء العالم، لما لهما من أثر بالغ في العمليات الإبداعية، وفي هذا الصدد كشف تقرير جديد صادر عن مؤسسة PwC المتخصصة فى الأبحاث السوقية، عن أن كلاً من شركات “سامسونج، أمازون، ألفابت، إنتل” فى المراكز الخمسة الأولى من حيث الإنفاق على مجال البحث والتطوير؛ حيث جاءت شركة «أمازون» العملاقة فى صدارة القائمة للعام الثانى على التوالى، بإنفاقها أكثر من 22 مليار دولار على عمليات البحث والتطوير، بينما حلت «ألفابت»، الشركة الأم لجوجل، فى المركز الثانى، بإجمالي إنفاق بلغ نحو أكثر من 16 مليار دولار.
في نفس الإطار، كشف كريس سان؛ رئيس شركة “هونر” الصينية للهواتف المحمولة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، عن إنفاق مجموعه “هواوي” العالمية، منذ عام 2008، نحو 60 مليار دولار علي البحث والتطوير، وأفاد بأن الشركة لديها 14 مركزًا للبحث والتطوير حول العالم، وتخطط لأن تصبح ضمن أكبر 3 شركات على مستوى العالم في الهواتف الذكية خلال عام 2020.
إذن، فمهما وجد مشروعك الخاص الدعم بكل أشكاله، فإنه حتمًا ستأتي مرحلة توقف هذا الدعم أو انخفاضه تبعًا للظروف الاقتصادية للجهات الداعمة، سواء كانت حكومة أو خاصة، أما إذا كان مشروعك لديه منتج حديث ومتطور وبجودة عالية يصل للأسواق ويحقق لك أرباحًا فإن الوضع هنا مختلف؛ لذلك تضع معظم الشركات الكبرى نصب أعينها البحث والتطوير؛ لأنهما السبيل الوحيد للإبداع والابتكار، ولعل شركة “سامسونج” من أبرز الشركات العملاقة التي تهتم بمجالات البحث والتطوير، فوفقًا لتقريرها السنوي، تُنفق نحو أكثر من 10 مليارات دولار سنويًا على البحث والتطوير، وهو الأمر الذي مكنها خلال عام 2018، من تسجيل أكثر من 2000 براءة اختراع.
عوائد البحث والتطوير
ربما يتخوف بعض رواد الأعمال من الدخول في مخاطرة الإنفاق على مجال البحث والتطوير داخل الشركة، وذلك رغم تحقيقهما عوائد كبيرة للغاية، فهذا المجال يعتمد في الأساس على الحداثة وهو ينمو ويتسارع في شركات الولايات المتحدة واليابان، كما أنه شهد تزايدًا كبيرًا في الصين والهند وبعض دول جنوب وشرق آسيا، إذن، فكلما كان هناك بحث وتطوير داخل الشركات كان هناك نمو حقيقي ومتنوع غير معتمد على الموارد الطبيعية.
في نهاية المطاف، يشهد السوق العالمي تغيرات مستمرة ومتسارعة لمواكبة جميع المتطلبات التي قد يحتاجها الفرد في حياته اليومية؛ لذا ينبغي على رواد الأعمال الاهتمام بالبحث والتطوير في مجال عملهم؛ بهدف تحديث وتحسين الخدمات المقدمة وزيادة إمكانياتها وسهولة طريقة استخداماتها باستمرار، مثلما يفعل مسؤولو الشركات العملاقة التي أتقنت استراتيجيات البحث والتطوير واحتلت صدارة قائمة أفضل شركات التكنولوجيا.
اقرأ أيضًا:
سمات المبدعين.. الشغف أساس الابتكار