يؤدي الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي كثيرًا من المهام، ويقدم نتائج أسرع وأكثر دقة للشركات من أي وقت مضى، فمع تطور التكنولوجيا؛ لن نحتاج بعد الآن إلى التعامل مع جداول بيانات مرهقة، ولا قضاء ساعات مضنية في البحث عما نريد، لكن بالرغم من ذلك تظل مهارة الإبداع هي الأكثر طلبًا من الشركات.
يقول كاي فو لي؛ الكاتب المتخصص في التكنولوجيا: “سوف يحل الذكاء الاصطناعي محل 40% من وظائف اليوم في السنوات الخمس عشرة المقبلة؛ ما يعني القضاء على أعداد كبيرة من الوظائف الروتينية، مقابل ظهور وظائف تعاطفية، فتقنيات اليوم تؤدي مزيدًا من المهام اليدوية، كما توفر وقتنا لقضاء المهام التي تتطلب خيالًا وفهمًا بشريين”.
مهارة الإبداع
وقد أجرى موقع Linkedin دراسة لمئات الآلاف من إعلانات الوظائف؛ لمعرفة ما تبحث عنه الشركات أكثر من غيرها، توصلت إلى أن المهارة الأولى التي بحثت عنها الشركات في عام 2019م، كانت “مهارة الإبداع”.
ومن جانبها، توصلت دراسة عالمية أجرتها Adobe إلى أنّ الشركات التي تستثمر أموالها في مهارة الإبداع، جاءت نتائجها كما يلي:
زيادة إنتاجية الموظف بنسبة 78%.
إرضاء العملاء بنسبة 80%.
إنتاج تجربة أفضل للعملاء بنسبة 78%.
تشجيع الابتكار بنسبة 83%.
نجاح تمويل الابتكار ماليًا بنسبة 73٪.
اقرأ أيضًا: شركة الاتصالات السعودية STC.. تعزيز للرقمنة والتزام بالمسؤولية الاجتماعية
الإبداع البشري
هل يمكن للتكنولوجيا أن تحل مكان الإبداع البشري؟
في عصر أصبح فيه التعاطف والإبداع أهم المهارات التي تبحث عنها الشركات، فقد تقدمنا إلى درجة تمكّن التكنولوجيا من إنتاج أعمال فنية ناجحة، وكتابة مقالات أكثر موثوقية، فهل إذا أصبحت التكنولوجيا أكثر ذكاءً، سنستبدل حينها المهن الإبداعية؟! وهل سيكون الفنانون والمصمّمون وكتّاب العالم في أمان؟!
على رأس هرم الشركة التي تستخدم التكنولوجيا في عالم الإبداع، تحدثنا مع بول روبسون؛ رئيس Adobe EMEA الذي يرى أن الخوارزميات لن تحل أبدًا محل العقل البشري، قائلًا:
“يساعدنا دمج التكنولوجيا مع الناحية البشري، على خلق منتجات أفضل، إلاّ أنّه لا يوجد شيء يلغي القدرة البشرية على فهم العلاقة العاطفية؛ العلاقة بين العلامة التجارية والشعور الذي تستشعره عندما تشم رائحة شيء يذكرك بطفلك، أو تسمع أغنية كنت تستمع إليها عندما كنت صغيرًا”.
تشير بعض الدراسات إلى أنّه مهما ساعدتنا التكنولوجيا في تحسين رضا العملاء، فإنّ القدرة على خلق علاقة عاطفية مع المستهلكين، سوف تكون العامل الرئيس الذي يميز المنافسة بين الشركات؛ فكلما زاد الوقت الذي نقضيه في أداء مهام تتطلب التعاطف البشري، أسرعنا أكثر في دفع شركاتنا للأمام.
اقرأ أيضًا: الابتكار وريادة الأعمال.. مأساة التكرار!
التركيز على الإبداع
يقول روبسون: “يقضي المهنيون المبدعون الآن كثيرًا من الوقت في البحث عن ملفات مختلفة، وحفظها، وجمعها، ومقارنة البيانات، والنظر في أمرها. ومن خلال أتمتة هذه العمليات، تعمل التكنولوجيا على تحرير العقل البشري؛ ما يتيح لنا زيادة التركيز على الإبداع”.
تشير دراسة شركة Pfeiffer Consulting، إلى أنّ غالبية المبدعين لا يشعرون بالقلق، فأكثر من نصفهم يهتمون بالفرص الجديدة التي يمكن أن يحققها الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.
المحتوى المخصص
تعمل الابتكارات المعتمدة على التكنولوجيا، على تسريع الحاجة للإبداع البشري؛ إذ يعمل كل من الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والبيانات الضخمة، على تمكين العلامات التجارية من التعمق أكثر في تفضيلات وسلوكيات عملائهم؛ ما يوفر لهم محتوى مخصصًا لكل فرد، وليس لكل شريحة من العملاء.
يعتقد اليوم 70% من المصمّمين المبدعين والمسوّقين، أنّ إضفاء الطابع الشخصي على المحتوى والتصميمات عبر رحلة العميل أمر مهم، فيما يعتقد 28% منهم أنّ شركاتهم متميزة في هذا المجال.
إذا كنت تفكر في Netflix؛ فانظر كيف يُستهلك المحتوى من خلال التوصيات، ويستند تحسين محرك التوصيات على ما تشاهده، ومدة الوقت الذي تستغرقه في المشاهدة، وعدد مرات مشاهدته، وأي وقت من اليوم شاهدت فيه أنواعًا معينة من البرامج؛ لذلك تعمل باستمرار على تحسين طريقة تفاعلك معها؛ فتكون النتيجة: تجربة أفضل في كل مرة.
بعد استخدام بيانات العملاء التاريخية لتحديد العرض الأصلي الشهير House of Cards، أنتجت الشركة مقطورات مختلفة للعرض، تناسب اهتمامات المستهلكين المختلفة، بناءً على ما إذا كان المستخدم قد شاهد مزيدًا من أفلام Kevin Spacey أو أفلام David Fincher أو ما إذا كان قد ركّز على عنصر نسائي.
بدلًا من استهلاك وقت في التصميم اعتمادًا على الحدس، تمكّن المصمّمون المبدعون في Netflix من الاستفادة من البيانات لتركيز مواهبهم على إنتاج مقطورات تبرز العناصر التي يرغب المستهلكون في رؤيتها بالفعل.
اقرأ أيضًا: المنظمة الابتكارية.. الإبداع كحل نهائي
الذكاء الاصطناعي
أوضحت دراسة عالمية لـ SoDA وForrester، أنّ 56% من قادة ووكالات الأعمال متفقون على أنّ “تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ستؤثر تأثيرًا كبيرًا على الطريقة التي نخطط بها لتصميم تفاعلات العملاء.
ومع أن هذا يجلب فرصًا كبيرة، إلاّ أنّه يأتي أيضًا مع الحاجة الحتمية لمزيد من المحتوى؛ إذ تحتاج الشركات الآن إلى محتوى أكثر تخصيصًا بمعدل سريع؛ ما أدّى إلى زيادة كبيرة في الطلب على مصمّمين مبدعين، يعرفون كيفية الاستفادة من البيانات في إنشاء تجارب أكثر تخصيصًا للعملاء.
أكد البحث أن شخصين من كل ثلاثة (65%) يعتقدان أنّ التصميم الجيد الآن، أكثر أهمية مما كان عليه قبل خمس سنوات، فيما يؤكد نحو نصف المستهلكين (45%) أنّهم دفعوا أموالًا أكثر في العام الماضي، مقابل منتج أو خدمة جيدة التصميم.
اقرأ أيضًا: الذكاء الاصطناعي.. هل ستنتصر الآلة على البشر؟
ضراوة المنافسة
يقول روبنسون: “إنّ الشريط الذي حدّدته لتجربة عميلك، ليس بالضرورة بنكًا مقابل آخر، أو شركة طيران مقابل أخرى، بل أفضل تجربة رقمية مررت بها في الماضي؛ إذ تدرك المؤسسات مدى حاجتنا إلى تعمق وتخصص أكثر من ذي قبل؛ كون توقعات المستهلكين أعلى من ذلك بكثير، فالمؤسسات التي لا تؤمن بهذا التوجه، تسير لاهثةً خلف المؤسسات التي تتقدم بسرعة كبيرة.
المصدر:
TheNextWeb / Andrea Hak
يتبع في الجزء (2)
اقرأ أيضًا:
التعامل مع العملاء عن بعد.. خيار الضرورة!
طالبات “القصيم” يبتكرن تطبيق “قاموس لغة الإشارة السعودي”
طالبات “الأمير سطام” يبتكرن “المرآة السحرية” لتنظيم الوقت والأعمال