في إطار التحولات السريعة التي تشهدها بيئة الأعمال العالمية برزت أهمية إظهار الاهتمام بالفريق كعنصر حاسم في تحقيق النجاح وتحقيق الاستدامة للمؤسسات. وبات من الضروري أن تتجاوز الشركات مجرد التركيز على الأهداف المالية. لتولي اهتمامًا أكبر بفريق عملها؛ باعتباره الثروة الحقيقية التي تمتلكها.
وفي هذا السياق أكدت دراسات حديثة أن الموظفين الذين يشعرون بالتقدير والدعم في أماكن عملهم يقدمون أداءً أفضل بشكلٍ ملحوظ. فوفقًا لدراسة أجرتها جامعة كامبريدج فإن 78% من الموظفين الذين يشعرون بالتقدير يظهرون أداءً يفوق التوقعات. ما ينعكس إيجابًا على الإنتاجية العامة للشركة.
من ناحية أخرى فرق العمل التي تحظى بدعم إداري فعّال تكون أكثر قدرة على التكيف مع التحديات المتغيرة. وهو ما يضمن استمرارية المؤسسة ونموها.
إظهار الاهتمام بالفريق
ولا يقتصر الاهتمام بالفريق على تقديم الحوافز المادية فحسب، بل يتعداه إلى توفير بيئة عمل داعمة تشجع على الابتكار والتعاون. إذ أظهر تقرير للاتحاد الأوروبي أن غالبية الموظفين في “القارة العجوز” يفضلون العمل في شركات تستثمر في تطويرهم المهني من خلال برامج تدريبية وشهادات معتمدة.
كذلك فإن الاهتمام بالجانب النفسي والاجتماعي للموظفين يوفر بيئة عمل إيجابية تعزز الولاء المؤسسي. ما يقلل من معدلات دوران الموظفين التي تكلف الشركات الأوروبية مبالغ طائلة سنويًا.
وفي حين يركز بعض القادة على تحقيق الأهداف المالية قصيرة المدى فإن الأبحاث تؤكد أن الاستثمار في إظهار الاهتمام بالفريق يؤدي إلى عوائد طويلة الأمد تفوق التوقعات. فالشركات التي تخصص جزءًا من ميزانيتها لتحسين ظروف العمل وتقديم مبادرات لدعم فرقها تحقق نموًا في الأرباح يفوق نظيراتها التي تهمل هذا الجانب.
كما أن إشراك الموظفين في اتخاذ القرارات يعزز من شعورهم بالانتماء. وهو عامل أساسي لتحفيز الإبداع وحل المشكلات بفعالية.
وبينما يعد الاهتمام بالجوانب المهنية للموظفين أمرًا ضروريًا فإن التركيز على تلبية احتياجاتهم الشخصية يعزز من رضاهم العام. فمرونة ساعات العمل وتوفير التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية. إلى جانب تنظيم أنشطة اجتماعية وتقديم الدعم في الأوقات الصعبة. كلها عوامل تظهر مدى اهتمام المؤسسة بفريقها.
باختصار: إظهار الاهتمام بالفريق ليس مجرد خيار بل هو استثمار ضروري لضمان نجاح واستدامة أي مؤسسة في عالم الأعمال المتغير.
أساليب قيادية لبناء فرق عمل متماسكة
في إطار السعي لتحقيق أقصى قدر من الإنتاجية والابتكار في بيئة العمل يتجه القادة نحو تبني أساليب قيادية فعالة تساهم في بناء فرق عمل متماسكة وملهمة.
وتعد قدرة القائد على بناء علاقات قوية مع فريقه وتشجيع روح التعاون والابتكار من أهم العوامل التي تؤثر في أداء الفريق ككل.
1. تأكيد دعم الفريق:
من أهم الأساليب التي يمكن للقائد من خلالها بناء ثقة فريقه به هو تأكيده المستمر لدعمه لهم. فعندما يشعر الموظفون بأن قائدهم يقف بجانبهم في جميع الظروف فإن ذلك يشجعهم على بذل أقصى جهد وتحمل المسؤولية.
وتأكيد أن القائد سيكون بمثابة الداعم الأساسي للفريق في مواجهة التحديات المختلفة يعزز من شعورهم بالأمان والاستقرار. ما ينعكس إيجابًا على أدائهم.
2. مشاركتك مهمة:
عادةً ما يشجع القائد الفعال على مشاركة جميع أفراد الفريق في عملية اتخاذ القرار. فمن خلال الاستماع إلى آراء ومقترحات جميع الأعضاء يمكن للقائد أن يحصل على رؤى جديدة وأفكار مبتكرة تساهم في تحسين أداء الفريق.
أضف إلى ذلكأن إشعار الموظفين بأن أفكارهم محل تقدير واحترام يعزز من شعورهم بالانتماء للفريق والمساهمة في تحقيق أهدافه.
3. الشفافية:
تؤدي الشفافية دورًا حيويًا في بناء الثقة بين القائد وفريقه. وعبر إطلاع الفريق على كل ما يتعلق بأداء الشركة وأهدافها والتحديات التي تواجهها يبني القائد بيئة عمل ترتكز على الثقة والاحترام المتبادل.
وفي حين أن الشفافية تساعد على توضيح الرؤية المشتركة للفريق، فإنها تساهم أيضًا في تجنب الشائعات والأحكام المسبقة التي قد تؤثر سلبًا في أداء الفريق.
4. أنا أقدّر عملك الشاق:
لا شك أن الاعتراف بالجهود التي يبذلها الموظفون هو من أهم العوامل التي تحفزهم على بذل المزيد من الجهد. كذلك فإن الاحتفال بالإنجازات، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، يعزز من روح الفريق ويوفر بيئة عمل إيجابية.
وبينما يمكن التعبير عن التقدير من خلال مكافآت مادية إلا أن التقدير اللفظي والاعتراف بالجهود المبذولة بشكلٍ علني له تأثير أكبر في رفع معنويات الموظفين.
5. اسمحوا لي أن أعرف:
لا شك أن إنشاء بيئة عمل تعتمد على التعاون والمساعدة المتبادلة هو أحد أهم أهداف القيادة الفعالة. كما أن إظهار الاستعداد الدائم لمساعدة الآخرين يعزز من الروابط بين أفراد الفريق ويبني شعورًا بالانتماء.
ومن الضروري أن يشعر الموظفون بأنهم يعملون في فريق واحد ويمكنهم الاعتماد على بعضهم البعض في تحقيق الأهداف المشتركة.
6. لا بأس في ارتكاب الأخطاء:
من أهم الجوانب التي يجب أن يتميز بها القائد الفعال هي توفيره بيئة عمل تشجع على التعلم من الأخطاء. فبدلًا من النظر إلى الأخطاء على أنها فشل يجب على القائد أن يشجع فريقه على اعتبارها فرصًا للنمو والتطور.
من ناحية أخرى تحويل الأخطاء إلى دروس تعليمية يساعد على بناء ثقافة المرونة والقدرة على التكيف مع التغيير. علاوة على ذلك فإن تأكيد القائد أن الأخطاء جزء طبيعي من عملية التعلم يشجع الموظفين على المخاطرة والابتكار دون الخوف من العواقب.
7. كيف يمكنني دعمك؟:
بالطبع يدل طرح هذا السؤال بشكلٍ منتظم على اهتمام القائد بموظفيه ورغبته في مساعدتهم على تحقيق أهدافهم. وفي حين أن هذا السؤال البسيط قد يبدو تافهًا إلا أنه يحمل في طياته رسالة قوية مفادها بأن القائد يعتبر نفسه شريكًا في نجاح فريقه.
كذلك فإن الاستفسار عن احتياجات الموظفين وتحدياتهم يتيح للقائد فهم الظروف التي يعملون فيها بشكلٍ أفضل. وبالتالي اتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفير الدعم اللازم لهم. بينما يمكن أن يكون هذا السؤال نقطة انطلاق لمحادثة عميقة حول التطوير المهني إلا أنه أيضًا يظهر للموظفين أنهم موضع تقدير وأن آراءهم مهمة.
في ختام هذا الطرح تتضح جليًا أهمية إظهار الاهتمام بالفريق كركيزة أساسية لبناء مؤسسات ناجحة ومستدامة. وتذكر أن الاستثمار في الموظفين وتوفير بيئة عمل داعمة وإيجابية ليس مجرد خيارٍ إضافي، بل هو شرطٌ لا بد منه لتحقيق التميز في عالم الأعمال المتسارع.
وأثبتت الدراسات أن الشركات التي تولي اهتمامًا كبيرًا بفريق عملها تحقق نتائج أفضل على المدى الطويل؛ حيث تساهم هذه الاستثمارات في زيادة الإنتاجية والابتكار والولاء المؤسسي. كما أن فرق العمل التي تشعر بالتقدير والدعم تكون أكثر قدرة على التكيف مع التغيرات والتحديات التي تواجهها المؤسسات.
ومن الجدير بالذكر أن الاهتمام بالفريق لا يقتصر على توفير الحوافز المادية، بل يتعداه إلى توفير بيئة عمل صحية نفسية واجتماعية. وتشجيع التعلم والتطوير المهني، وتوفير التوازن بين الحياة المهنية والشخصية. فكل هذه العوامل مجتمعة توفر شعورًا بالانتماء والولاء لدى الموظفين. ما ينعكس إيجابًا على أداء الشركة وسمعتها.