تعد إسراء السيد صالح نموذجا طيبا لرواد الأعمال، فقد اختارت وهي طالبة في كلية العلوم بجامعة المنوفية الطريق الأصعب، وقررت تسخير ما تدرسه لحل مشكلة مجتمعية تعانيها مصر ومواطنوها، وفور تخرجها سعت مع فريق العمل لتأسيس شركة “بيوبيكال” لمعالجة مياه الصرف الصحي باستخدام البايو تكنولوجي وبتكلفة بسيطة، توفر الجهد والأموال، والكميات الهائلة من المياه المهدرة بلا طائل واستخدامها في ري الأراضي الزراعية أو توليد الطاقة الكهربائية.. فلنقترب من هذه التجربة لابنة المنوفية التي تخطت حواجز عديدة لتكون رائدة أعمال ناجحة…
كيف جاءت فكرة “بيوبيكال”؟
بدأت القصة أثناء دراستي بالجامعة، حيث كانت تؤرقني دوما مشكلة مياه الصرف الصحي وهي إحدى المشكلات المتفاقمة في مصر التي يتم القاؤها في المصارف المائية لري الحقول، وتسبب مشكلات صحية وبيئية كبيرة، فكونت مع زملائي: (محمود إبراهيم عبد الغني، وباسم محمد على يوسف، وأمين الوكيل، وغادة عبد الفتاح) فريق عمل، وكان هدفنا خدمة المجتمع وتوفير هذه الكميات الكبيرة من المياه التي يتم إسرافها لاستغلالها في شيء مفيد، سواء في ري الأراضى الزراعية أو في توليد الطاقة من خلال الاعتماد على التكنولوجيا الحيوية أو “البايو تكنولوجي”، وفكرنا في إيجاد حل لهذه المشكلة بطريقة مبتكرة تختلف عن الحلول التقليدية، وتسهم في التقليل من حجم المشكلة؛ ونظرا لدراستنا للميكروبيولوجي والكيمياء فكرنا في معالجة المياه، وابتكرنا جهازا بسيطا يعالج مياه الصرف بطريقة بيولوجية تعتمد على وجود مجموعة من الكائنات الدقيقة هى التي تقوم بالتخلص من الملوثات وتحويلها مرة أخرى إلى مياه صالحة باستخدام تقنيات ميكروبيولوجية أي استخدام الكائنات الدقيقة كالبكتريا للتغذي على الملوثات للقضاء عليها وبالتالي يتم معالجة المياة وتنقيتها من التلوث.
ما الاحتياج الذي تسده أو ما الفائدة من ورائها؟
الحاجة ملحة إلى مثل هذا المشروع، خاصة في القرى الريفية والمناطق العشوائية التي ليس بها محطات معالجة وشبكات صرف صحي، والفائدة هي التخلص الآمن من مياه الصرف الصحي وتحويلها لمصدر طاقة ولمياه صالحة للاستخدام مرة أخرى.
كيف تتم عملية معالجة المياه بالجهاز الجديد؟
الجهاز يتكون من ثلاثة مراحل أولها تقوم على معالجة مياه الصرف باستخدام البكتريا لينتج عنها مياه معالجة بنسبه 70%، وأيضا ينتج بيوجاز (غاز حيوي) نتيجة نشاط البكتريا، أما المرحلة الثانية تقوم على استخدام الطحالب التي تتغذى على عنصري النيتروجين والفسفور، وتخلص المياه من المعادن الثقيلة أيضا، أما المرحلة الثالثة وهي مرحلة المعالجة بالنباتات المدمجة في مرشح الذي يتكون من ثلاثة طبقات، الأولى تربة ويتم زراعة بعض النباتات بها والثانية رمل والثالثة زلط لتترشح المياه من خلال هذه الطبقات وتصبح صالحة للري، إضافة إلى إخراج الطاقة منها.
ما الصعوبات التي واجهتكم في تنفيذ المشروع؟
كان التحدي الأكبر أمامنا هو تنفيذ النموذج الأول للمشروع لإثبات الفكرة، حيث يحتاج إلى دعم مالي وتمويل وبعض الخبرات التي كنا نفتقدها وقتها، ولكن الحمد لله أننا تقدمنا إلى مبادرة رواد النيل التابعة لجامعة النيل، وبفضل الله تم اختيارنا وحصلنا على تمويل النموذج الأولي للمشروع، وقد استفدت من هذا البرنامج كيفية تحويل فكرتنا إلى عمل تجاري، وكيفية خلق الفرص للخروج من المشكلات، وفي نهائي مبادرة رواد النيل فزنا بجائزة أفضل مشروع والجائزة المقدمة من مؤسسة مصر الخير.
ما الجوائز الأخرى التي حصلت عليها؟
شاركنا في مسابقة شهر مارس الريادي التابعة للجمعية المصرية لشباب الأعمال فزنا بجائزة ثاني أفضل مشروع، واشتركنا في معسكر “سولفرز كامب” Solvers Camp.
وفزنا بجائزة أفضل مشروع مقدمة من شركة MC Egypt في مجال إدارة المخلفات، بعدها فزنا بفرصة الاحتضان ضمن حاضنة أعمال جسر التابعة لمؤسسة مصر الخير، وأخيرا تم تكريم “بيوبيكال” من وزير التعليم العالي الأستاذ الدكتور السيد عبدالخالق والدكتور معوض الخولي رئيس جامعة المنوفية ضمن فعاليات احتفال الجامعة بعيدها الـ38؛ كان هذا التكريم لما بذلته “بيوبيكال” ونتيجة الفوز بمسابقة المركز الثاني خلال القمة العالمية لريادة الأعمال بمدينة مراكش في المملكة المغربية في نوفمبر الماضي.
ما الدعم المقدم لكم من حاضنة جسر؟
طبعا كان دعما كبيرا ففضلا عن مكان العمل الملائم هناك دعم مالي ودعم فني يتمثل في الدورات التدريبية المتخصصة في إدارة الأعمال والتسويق ودعم المهارات الريادية، والأهم هو خدمة الإرشاد والتوجيه من خلال مرشدين وموجهين.
شاركتم في القمة العالمية لريادة الأعمال في مراكش.. ما أهمية هذه المشاركة لكم؟
هي فرصة رائعة لكي يعرف عنا كثير من الأفراد والمؤسسات، ومن أكبر فرص التسويق والانتشار، وهي تساعدنا على التواصل مع عديد من رواد الأعمال الآخرين وتبادل الخبرات، وتوفر لنا عديدا من الفرص، كما أنني حصلت على مركز ثانٍ على العالم في مسابقة “القمة العالمية لريادة الأعمال” خلال يوم ريادة الأعمال النسائية، كأفضل مشروع.
مشروعكم ينتمي لريادة الأعمال الاجتماعية؛ كيف ترين أهمية هذا لمصر في الوقت الحالي؟
بداية لا بد أن نتفق أن ريادة الأعمال عامة مفيدة جدا، فلا يمكن لشخص أن ينكر أن إقامة المشروعات تضيف للاقتصاد المصري وتجعلنا من الدول المنتجة والمتقدمة بدلا من دولة مستهلكة ونامية.
كما أن مصر بها عديد من المشاكل والشباب يعانون عدم توافر فرص عمل، فريادة الأعمال هي السبيل للخروج من المشاكل وتوفير العمل وتطوير المجتمع.
ما رأيكم في رواد الأعمال الشباب؟ وما يملكون من إمكانات وما يقدمون من أفكار وإبداعات؟
يوجد عديد من النماذج الناجحة التي نفخر بها جميعا، ويقدمون عديدا من الأفكار التي تفيد وتؤثر إيجابا في المجتمع، مثل “Integrate” و”نفهم” و””Sani.
معظم الشباب يشتكي من قلة الفرص وقلة الدعم؛ ما رأيكم؟
الفرص موجودة ولكن تحتاج إلى جهد كبير حتى تحصل عليها؛ لذا أقول للشباب لا بد من الاجتهاد والعمل والتعب والمثابرة.
ما خططكم المستقبلية لكم ولشركة “بيوبيكال”؟
هدفي الانتهاء من الماجستير بمعهد الهندسة الوراثية، وتطوير النموذج والجهاز الذي أنتجناه لمعالجة المياه، والهدف الأكبر هو نجاحنا في نشر الوعي بين الناس، وتسويق المنتج؛ لكي يستخدم في جميع القرى والمناطق العشوائية التي تفتقد وجود شبكات صرف صحي.