أنماط التخطيط الاستراتيجي هي تلك الطرق والخطوات التي تتبعها المؤسسة من أجل تحقيق أهدافها التنظيمية، لكن هل هذه الأنماط منحصرة؟ ليس بوسع أحد القطع بذلك، فلكل شركة أن تسلك ما تشاء من طرق/ أنماط/ مناهج لتحقيق أهدافها المنشودة واستراتيجياتها المرعية.
فالمعيار هنا _ليس في قصر أو الإصرار على اتباع نمط معين من أنماط التخطيط الاستراتيجي_ هو تحقيق الأهداف العامة للمؤسسة؛ ومن ثم لن يمكن إحصاء هذه الأنماط من التخطيط الاستراتيجي.
ولو قلنا إن هناك عددًا معينًا من أنماط التخطيط الاستراتيجي لضيّقنا على أنفسنا وغيرنا ما هو واسع بطبيعته.
وثمة أمر آخر مفاده أنه ليس مهمًا ماهية النمط الذي تتبعه في التخطيط طالما أنك تحقق أهداف مؤسستك، وإنما ما يجدر التحذير منه هو خطورة الفشل في التخطيط فـ «أولئك الذين فشلوا في التخطيط يخططون للفشل».
اقرأ أيضًا: تقرير: على المديرين تشجيع “الفوضى الإبداعية” لتحقيق نتائج أفضل
تنوع الخطط وترابطها
أخشى ما نحشاه أن تتصور أن حديثنا عن أنماط التخطيط الاستراتيجي يعني انفصال الخطط الاستراتيجية عن بعضها، أو أن تظن أن كل نمط من هذه الأنماط يعمل منفردًا/ منعزلًا عن غيره.
فالواقع أننا، في نهاية المطاف، نخطط لمؤسسة واحدة، وننوع من طرائقنا في التخطيط بناءً على معطيات ووقائع وقتية راهنة، لكن كل أنماط التخطيط الاستراتيجي مرتبطة ببعضها، وكل الخطط الاستراتيجية يسلم بعضها لبعض؛ إذ يمكنك أن ترى كيف ترتبط الخطط ببعضها البعض في تحقيق الأهداف التنظيمية للمؤسسة ككل؛ فالخطط التشغيلية ضرورية لتحقيق الخطط التكتيكية والخطط التكتيكية تؤدي إلى تحقيق الخطط الاستراتيجية.
وهناك أيضًا خطط للخطط الاحتياطية التي تفشل، وهي تلك الخطط التي تُعرف بـ “خطط الطوارئ”.
اقرأ أيضًا: الأخطاء الإدارية الشائعة
أنماط التخطيط الاستراتيجي
ويرصد «رواد الأعمال» بعض أنماط التخطيط الاستراتيجي، وذلك على النحو التالي..
-
التخطيط الاستراتيجي
عند اتباع هذا النمط من أنماط التخطيط الاستراتيجي يتم وضع المنظمة بأكملها في الاعتبار وتبدأ بمهمة المنظمة؛ حيث يقوم مديرو المستوى الأعلى، مثل الرؤساء التنفيذيين، بتصميم وتنفيذ خطط استراتيجية لرسم صورة للمستقبل المنشود والأهداف طويلة المدى للمؤسسة.
وبشكل أساسي يتطلع هذا النمط من أنماط التخطيط الاستراتيجي إلى الأمام؛ أي إلى حيث تريد المنظمة أن تكون في ثلاث أو خمس أو حتى عشر سنوات.
وتعمل الخطط الاستراتيجية، التي يقدمها مديرو المستوى الأعلى، كإطار عمل للتخطيط على المستوى الأدنى، وتميل هذه النوعية من الخطط أيضًا إلى طلب مشاركة متعددة المستويات؛ بحيث يلعب كل مستوى من مستويات المنظمة دورًا مهمًا في تحقيق الأهداف التي يتم التخطيط لها استراتيجيًا.
ويقوم مديرو المستوى الأعلى بتطوير الأهداف التنظيمية؛ بحيث يمكن لمديري المستوى المتوسط والدنيا إنشاء خطط متوافقة تتماشى مع تلك الأهداف.
اقرأ أيضًا: دعم الشركات العائلية.. الواقع والأطر القانونية
-
التخطيطي التكتيكي
أما النمط الثاني من أنماط التخطيط الاستراتيجي فهو التخطيط التكتيكي؛ وهو ذاك النمط الذي تنبثق عنه خطط تدعم الخطط الاستراتيجية؛ من خلال ترجمتها إلى خطط محددة ذات صلة بمنطقة محددة من المنظمة؛ حيث تتعلق الخطط التكتيكية بمسؤولية ووظائف الإدارات ذات المستوى الأدنى للوفاء بأجزاء الخطة الاستراتيجية.
بقول آخر: يعمل هذا النمط من أنماط التخطيط الاستراتيجي على التخصيص أكثر، فلئن كان التخطيط الاستراتيجي يفكر على المستوى الكلي؛ أي على مستوى المؤسسة، فإن التخطيط التكتيكي يعمل على تحقيق أهداف الخطط الاستراتيجية؛ عبر سحبها إلى النطاقات الأضيق، الأكثر تحديدًا وعملية؛ أي على مستوى الإدارات والأقسام المخلتفة.
اقرأ أيضًا: كلية الأمير محمد بن سلمان للإدارة وريادة الأعمال.. وتأهيل الشباب لمتطلبات سوق العمل
-
التخطيط العملياتي/ التشغيلي
أما التخطيط العملياتي أو التشغيلي فهو ذاك النمط من أنماط التخطيط الاستراتيجي الذي تتعامل الخطط الناجمة عنه مع تنفيذ مشاريع وتغييرات محددة، بالإضافة إلى أي مهام تشغيلية غير واردة في الخطة الاستراتيجية.
وهنا يتم التركيز على إنشاء أطر عمل استراتيجية تركز فقط على ما هو جوهري، علمي وعملياتي في ذات الوقت.
ويركز القائمون على هذا النمط من أنماط التخطيط الاستراتيجي على صوغ الافتراضات المهمة والمقاييس ذات الصلة والمبادرات الرئيسية التي تحتاجها المؤسسة؛ للمساهمة بفعالية في تحقيق الأهداف التنظيمية.
وعلى ذلك فإن هذا النمط من أنماط التخطيط الاستراتيجي هو الأكثر تخصيصًا على الإطلاق؛ إذ لا يكتفي بصوغ خطط للأقسام والإدارات فحسب، وإنما يعمل على وضع الخطط التي تضمن تحقيق كل إدارة الأهداف المطلوبة منها في ضوء الخطة الاستراتيجية الكبرى.
اقرأ أيضًا: استراتيجية التخطيط للمشاريع الصغيرة.. خطوات لإنجاز مهمة شاقة
-
التخطيط لعمليات الطوارئ
ولا يمكن الحديث عن أنماط التخطيط الاستراتيجي أو حتى عن التخطيط الاستراتيجي بشكل عام من دون التطرق إلى الحديث عن خطط الطوارئ؛ ذلك لأن جزءًا كبيرًا من التخطيط وُضع للتعامل مع الأحداث الطارئة وغير المتوقعة.
خذ على ذلك مثلًا جائحة كورونا التي أجبرت العديد من الموظفين على العمل عن بُعد؛ نتيجة لذلك احتاجت الشركات إلى تنفيذ استراتيجية العمل عن بُعد، وهي خطة طوارئ بلا شك.
ومع ذلك بالنسبة لبعض الشركات لم يكن العمل عن بُعد خيارًا؛ ما أدى إلى تنفيذ تدابير سلامة معززة للموظفين والعملاء لمنع انتشار الفيروس.
وعلى الرغم من أنه يمكن الاستعداد للطوارئإلا أن طبيعة ونطاق هذه الأحداث السلبية عادة ما تكون غير معروفة مسبقًا. وتخطط الشركات والمستثمرون لمواجهة مختلف الحالات الطارئة؛ من خلال التحليل وتنفيذ الإجراءات الوقائية.
والمهم أن ندرك أن كون الطوارئ أمرًا غير متوقع حدوثه أو من المستبعد التنبؤ به لا ينفي أهمية هذا النمط من أنماط التخطيط الاستراتيجي؛ إذ يكفي أن تكون مستعدًا لكل ما سيأتي _بغض النظر عن ماهيته_ ووقتها ستكون قادرًا على التعامل معه بحكمة وفعالية.
اقرأ أيضًا:
التخطيط للشركات الناشئة.. ماهيته وأهميته
الذكاء في إدارة الأعمال وأهميته في عالم مؤتمت
الإدارة السلبية.. السمات والملامح
أثر التكنولوجيا في تحسين المواهب البشرية ونجاح الشركات
نمط الإدارة في الشركات الآسيوية.. تعاطٍ مختلف مع الوقائع والمهام