تُعد قصة نجاح الملياردير الإسباني أمانسيو أورتيغا، نموذجًا ملهمًا في عالم الأعمال. فقد أسس مجموعة “إنديتكس” للأزياء، التي تضم علامات تجارية شهيرة مثل: “زارا” و”بيرشكا”، ليصبح أحد أبرز رواد الأزياء العالميين. ويتمكن من تحقيق ثروة طائلة، بلغت 134.3 مليار دولار في سبتمبر 2024.
أمانسيو أورتيغا
شهدت مسيرة “أورتيغا” لحظات استثنائية؛ حيث تصدر قائمة أغنى رجال العالم لمدة وجيزة عام 2015، متفوقًا على “بيل جيتس”. وذلك عندما بلغت ثروته ذروتها عند 80 مليار دولار مع بلوغ أسهم شركته “إنديتكس” أعلى مستوياتها. ورغم أن هذه اللحظة كانت عابرة، فقد عكست قوة تأثيره في عالم الأعمال.
كذلك، يعد ثاني أغنى بائع تجزئة في العالم. وبينما يركز “أورتيغا” على إدارة إمبراطوريته التجارية، فإنه يظل شخصية مؤثرة في صناعة الأزياء العالمية. كما أن قصة نجاحه تلهم الأجيال القادمة من رواد الأعمال.

حياته المبكرة
وُلد أمانسيو أورتيغا، يوم 28 مارس 1936م، في “بوسدونغو دي أرباس”، ليون، إسبانيا، وترعرع في كنف أسرة متواضعة. ما شكل دافعًا قويًا له لتحقيق النجاح. علاوة على ذلك، اضطر “أورتيغا” لترك المدرسة في سن مبكرة والانتقال إلى “لا كورونيا” بسبب ظروف عمل والده، عامل السكك الحديدية.
لم يستسلم “أورتيغا” للظروف الصعبة، بل سعى لاكتساب مهارات جديدة. فبدأ حياته المهنية كعامل متجر لدى صانع قمصان محلي؛ حيث تعلم أصول صناعة الملابس يدويًا. وفيما كانت هذه البدايات كانت متواضعة، فقد أرست الأساس لمسيرة مهنية استثنائية في عالم الأزياء.
مسيرته المهنية
بدأت مسيرة “أمانسيو أورتيغا” المهنية في 1963 بتأسيس شركة Confecciones Goa، المتخصصة ببيع أرواب الحمام المبطنة. بينما شهد عام 1975 نقطة تحول حاسمة في مسيرته؛ حيث افتتح أول متجر لعلامته التجارية الشهيرة “زارا” بالتعاون مع زوجته “روزاليا ميرا”.
توسع إمبراطورية “إنديتكس”
لم يتوقف طموح “أورتيغا” عند هذا الحد، بل واصل توسيع إمبراطوريته التجارية لتشمل مجموعة “إنديتكس”، التي تضم علامات تجارية عالمية مرموقة مثل: ماسيمو دوتي وأويشو وبول آند بير.
وفيما كانت “زارا” العلامة التجارية الرائدة، ضمت “إنديتكس” أكثر من 6 آلاف متجر و92 ألف موظف بحلول عام 2009؛ ما يعكس النجاح الهائل الذي حققته المجموعة.
الظهور الإعلامي والتقدير الرسمي
كذلك، شهد عام 2000، ظهورًا علنيًا نادرًا لـ”أورتيغا”، استعدادًا للاكتتاب العام الأولي لشركته في سوق الأوراق المالية عام 2001؛ ما أثار اهتمام وسائل الإعلام الإسبانية. بينما كان “أورتيغا” حريصًا للحفاظ على خصوصيته، لم يُجرِ سوى مقابلات مع ثلاثة صحفيين فقط. كما حظي “أورتيغا” بتقدير رسمي، بمنحه وسام الاستحقاق المدني من قبل ملك إسبانيا عام 2009.
التقاعد والأعمال الخيرية
وفي عام 2011، أعلن “أورتيغا” رغبته في التقاعد من رئاسة “إنديتكس”، ليخلفه بابلو إيسلا. ومن الضروري الإشارة إلى أن “أورتيغا” لم يكتفِ بتحقيق النجاح التجاري، بل كانت له إسهامات خيرية كبيرة. ففي عام 2012، تبرع بحوالي 20 مليون يورو لمنظمة كاريتاس الدولية.
كما تبرع بمبلغ 300 مليون يورو لمكافحة السرطان في إسبانيا عام 2017؛ ما ساهم في زيادة عدد المستشفيات العامة المجهزة بأجهزة العلاج الإشعاعي التجسيمي من 20 إلى 70.
الاستثمارات العقارية والتأثير الاقتصادي
كما استثمر “أورتيغا” جزءًا كبيرًا من ثروته في العقارات؛ حيث بلغت قيمة ممتلكاته العقارية 17.2 مليار دولار عام 2020، من خلال شركته الاستثمارية “بونتيغادا”.
وتشمل هذه الممتلكات ناطحات سحاب في مدريد وميامي، بالإضافة إلى مبانٍ في مدن رئيسة أخرى حول العالم. علاوة على ذلك، استثمر “أورتيغا” في قطاع الطاقة. واستحوذت “بونتيغادا” على حصص في شركات، مثل: إيناغاس وريد إلكتريكا وريديس إنيرجيتيكاس ناسيونايس.
الثروة والمكانة العالمية
وفي عام 2024، صنفت “فوربس” صافي ثروة “أورتيغا” بمبلغ 103 مليار اتدولار. ورغم الخسائر التي تكبدها خلال جائحة فيروس كورونا، لا يزال “أورتيغا” أحد أغنى الأشخاص في العالم، وأكبر مساهم في”إنديتكس”؛ ما يؤكد مكانته كأحد أبرز رواد الأعمال في العصر الحديث.

نموذج مُلهم في عالم الأعمال
في النهاية، تشكل قصة نجاح أمانسيو أورتيغا، الملياردير الإسباني، نموذجًا ملهمًا في عالم الأعمال. فقد انطلق من بدايات متواضعة، وعمل بجد واجتهاد ليؤسس إمبراطورية تجارية ضخمة وهي مجموعة “إنديتكس”، التي تضم علامات تجارية عالمية مرموقة. علاوة على ذلك، لم يكتفِ “أورتيغا” بتحقيق النجاح المالي، بل كانت له إسهامات خيرية كبيرة.
ولم تخل مسيرة “أورتيغا” من التحديات والصعاب، إلا أنه تمكن من تجاوزها بفضل رؤيته الثاقبة وإصراره العنيد. فيما يمثل “أورتيغا” قصة نجاح ملهمة، يظل شخصية متواضعة وحريصة على الخصوصية. كذلك، يجسد نموذجًا لرائد الأعمال الناجح الذي يجمع بين الطموح والكرم. ما يجعله قدوة للأجيال القادمة.