يحتوي الملمس الورقي للكتب على الكثير من الأمور، التي يمكنها أن تشرق شموسًا في صدر القارئ، وبينما يتجه العديد من الشباب نحو قراءة أنماط بعينها، يمكننا أن ندلك بكل بساطة على روايات تساعد في تطوير الذات خلال فترة قياسية، أو بمجرد الانتهاء من قراءتها.
ربما يجب أن تعلم أهمية الروايات على وجه الخصوص؛ فهي تأخذ القارئ نحو عالم خيالي؛ سطره الكاتب بعناية فائقة؛ ليسرق انتباهك على الفور، بداية من النظر إلى كلماته، فتكاد تسمع الأبطال يهمسون في أذنك بالحوارات التي تدور فيما بينهم، وتعزف عقلك الباطن سيمفونية موسيقية تتناسب مع الأحداث التي يمرون بها، وينتابك شعور للمرة الأولى بنبضة قلب مختلفة؛ بسبب تأثير الرواية فيك، لتتركك وحيدًا بعد الانتهاء منها، إلى جانب عدد لا نهائي من الأفكار الجديدة، والآفاق المختلفة التي فتحت نوافذ النور في صدرك.
اقرأ أيضًا: 5 أفلام رسوم متحركة ترفع شعار “لا للمستحيل”
ونقدم لك في المقال التالي أهم روايات تساعد في تطوير الذات خلال فترة وجيزة، بل إنها تمهّد لك الانخراط في عالم القراءة فيما بعد بكل سهولة ويسر.
1. The Alchemist
تُعتبر رواية The Alchemist، أو “الخيميائي” للكاتب البرازيلي الشهير “باولو كويلو”، من أنجح الروايات العالمية على الإطلاق؛ إذ استطاعت أن تتربع على عرش الكتب الأكثر مبيعًا على مر 8 عقود.
إنها الرواية الأكثر خداعًا في تاريخ الروايات الحديثة؛ فأنت إما تعشقها، أو تنفر منها فور قراءة صفحات البداية من الفصل الأول؛ إلا أنك بالضرورة ستتعلم شيئًا جديدًا ومختلفًا؛ وذلك يرجع للأسلوب السلس الذي يتميز به الكاتب البرازيلي، وبينما يطرح نقاشًا عن احترام العقائد المختلفة؛ فإنه يأخذك إلى حياة “سانتياجو”؛ راعي الأغنام الإسباني، الذي ينطلق في رحلة طويلة للبحث عن حلمه، فيسافر إلى المغرب، ثم يخوض مغامرات لا مثيل لها عبر الصحراء حتى يصل إلى الفيوم في مصر.
بعين ثاقبة، يعرض باولو كويلو في روايته “الخيميائي” ما يمكن أن يضحي به الإنسان من أجل الوصول إلى حلمه، وكيفية تخطي الصعاب والتحديات التي تواجهه في الطريق؛ فراعي الأغنام اختار هذه المهنة؛ للمضي قدمًا نحو حلم راوده صبيًا، وفي الشباب لم يكن ليدع اليأس يتسلل إلى أعماقه، فكل الدلائل تدفعه للذهاب إلى حلمه الأساسي؛ حتى وصل إلى الكنز الحقيقي، بعدما تعلم خلال رحلته الكثير من الأمور، التي كان لا بد منها.
إن الحياة عندما تضع العراقيل أمام الإنسان؛ فإنها تريد أن تستدرجه إلى لعبة ما، يضع الأحجية في أماكنها الصحيحة، يستمتع بالتفاصيل، ويفكر في البدء من جديد؛ حتى يصل بالفعل إلى النهاية التي تعيده إلى البداية مجددًا؛ وهي أن كل الإمكانات والكنوز موجودة بالفعل في شخصه، وأن المكسب الحقيقي للإنسان يكمن في التعرف على ذاته؛ وهذا ما ستعرفه من خلال قراءتك لهذه الرواية الاستثنائية.
2. A Thousand Splendid Suns
إنها الألف شمس مشرقة التي سطعت على أبنية “كابول”، وبين الصراع الذي عانت منه بطلتا الرواية؛ فإن الطبيب الأفغاني “خالد حسيني” تمكن من اقتحام عالم الروايات، بواحدة من أفضل الأعمال، التي تدعوك للتمسك بحقك في الحياة.
من بين 4 روايات للكاتب الأفغاني، تُعتبر A Thousand Splendid Suns أو “ألف شمس مشرقة” من أفضل أعماله، التي تناولت واقع المجتمع في بلاده _كما هي العادة في أعماله الأدبية_؛ لكنه فضّل أن يسلط الضوء على المعاناة التي تعيشها المرأة في ظل الظروف القاسية، التي تجعلها تنتفض من بين أنقاض الألم، مدافعة عن حقها في التعليم والتعلُم، بل حقها في الحصول على حياة كريمة.
قد تكون الحروب سببًا في التضحية بالكثير من الأمور الحيوية؛ إلا أنها عززت من قوة المرأة، التي لم تكن تريد الاستسلام أمام الصعوبات التي كان من شأنها أن تقضي عليها؛ ومع شمس كل صباح، يجدّد الأمل موعده، فيما يحافظ العديد من الناس على روح المثابرة والمبادرة بداخلهم؛ فلا مكان لليأس رغم المحاولات الفاشلة المتكررة، بل إنها الوقود الأساسي الذي يمكنه أن يدفعك للوصول إلى أهدافك المنشودة، علمًا بأن اجتيازك جميع الاختبارات التي تضعها الحياة في طريقك ما هو إلا انتصار جديد، يجعلك ترى أحلامك محققة، وإن كانت قررت ارتداء ثياب أخرى غير المتوقعة.
3. Pride and Prejudice
ربما نرى علامات التعجب فوق رأسك واضحة الآن، لا تستغرب. نعم؛ إنها رواية Pride and Prejudice، للكاتبة الإنجليزية “جاين أوستن”؛ التي دخلت التاريخ من بوابة 6 روايات رومانسية، ولعل قصة “السيد دارسي”، و”إليزابيث بينيت” من أهم الأعمال القديمة التي تنتقل من جيل لآخر، وربما لأمد الدهر.
برعت جاين أوستن في كتابة رواية لم تكن لتعلم ربما أنها ستظل من أفضل الأعمال على مر التاريخ بعد مرور أعوام طوال.
لا تنطوي الرواية على أسلوب “السيد دارسي” الرزين، الذي يرفض الخضوع لأوامر القلب، ولا على كبرياء “إليزابيث بينيت” الجريح؛ بل إن الرواية التي تُصنف “رومانسية” تعطي القارئ دافعًا للتفكير من جديد حول شؤون الحياة الأساسية، والأولويات التي يجب أن يضعها الإنسان لنفسه قبل المضي قدمًا نحو اختيارات تبدو صائبة قد تعيق تقدمه، وأخرى تبدو خاطئة قد تساعده في بلوغ ما يطمح له.
ولا شك في أن القلب دائمًا أبصر من العين؛ وكما يقال يجب أن تتجنب ما لا يرتاح له قلبك. لا يُعتبر اتباع الحدس مجازفة بقدر المراهنة على بعض الأمور التي تكون عواقبها وخيمة في حالة عدم اتفاقها مع أهدافك، ولا بد أن تعي جيدًا أن ليس كل ما يلمع ذهبًا، وليس كل إنسان يظهر بحقيقته أمامك؛ فهناك الكثير من الأقنعة التي تتساقط مع الظروف حُلوها قبل مُرها.
4. Eat Pray Love
تُعد الرواية التي تم تحويلها إلى فيلم سينمائي في هوليوود، واحدة من أهم الأعمال الأدبية الحديثة، التي تحث الإنسان على ترك منطقة راحته، والبحث عن ذاته من جديد.
خاطبت الكاتبة الأمريكية “إليزابيث جيلبرت” العديد من النماذج التي كانت تشبهها؛ حيث الانخراط في الوظيفة، وتركها تتحكم في مجريات حياتها؛ حتى حانت لحظة الاستفاقة من ثبات الروتين القاتل.
في رحلة زارت فيها عدة دول، تعلمت خلالها الكثير عن الطعام، العقائد، والمحبة، لتنير دربها بنظرة جديدة إلى الحياة، وتكتب ميلادًا جديدًا لها، بعد أن مرت بالعديد من الأمور الروتينية التي قضت على أحلامها.
لم يكن السفر هو المنقذ في هذه الرواية؛ بل كانت الإرادة الحريصة على اكتشاف الذات من جديد، هي ما أعادت الأمور إلى نصابها الصحيح، وأتاحت أشرعة العزيمة إمكانية الإبحار في عالم من اختيارك؛ فأنت رُبّان السفينة، وأنت قائدها الوحيد، فتول زمام الأمور.
5. After You
إن كنت من هواة الأفلام الرومانسية التي تتحدث عن الخروج عن كل ما هو مألوف، لعلك تحب فيلم Me Before you، ويمكنك الآن أن ترى أمام عينيك الجورب المخطط بلونيه الأصفر والأسود، والنهاية الحزينة التي اختارها “ويليام تراينور”، التي أطلقت معها بداية “لويزا كلارك” في العاصمة الفرنسية “باريس”.
لا تقف عند حدود الفيلم السينمائي، فالكاتبة الإنجليزية “جوجو مويز” أطلقت ثلاثية تتحدث فيها عن البطلة “لويزا”، وهناك رحلتها بعد رحيل “ويليام” في رواية After You، بل التتمة مع Still Me.
لا تجري الرياح بما تشتهي السفن؛ هكذا وضع القدامى وصفًا ليستخدمه الأجيال على مر الزمان، وهو الأمر الذي ينطبق على هذه الرواية؛ فـ “بعدك أنت” تناولت الحياة الصادمة؛ نتيجة الاختيارات الخاطئة، والتي ربما تعتبر سببًا في ظهور العديد من الأشخاص الجيدين؛ فلا شيء يسير إلا لهدف ما.
يمكنك أن تعرف من هذه الرواية أنك لا تعلم كل الحقائق في الحياة، وعندما تصل إلى مفهوم، فإنها تبدع في إرباكك من جديد، وتضعك أمام اختبار صعب، لتجد مواطن قوتك؛ حتى تنجح وتفخر بنفسك، التي قد تفاجئك بثباتها في أحلك الأوقات.
وفي النهاية؛ إن كنت من عشاق الكتب، وترى أن الروايات ما هي إلا قصص متتالية، فكّر مليًا من جديد، وأمعن النظر فيما وراء السطور، والأحداث، لتخرج بمفهوم رائع عن الحياة، ويمكنك أن تبدأ بقائمة قصيرة من روايات تساعد في تطوير الذات وتثريها بطريقة أدبية رائعة.
اقرأ أيضًا:
فن صنع الذكريات.. هل أنت مستعد؟
غضبك الصامت.. معركة الثبات الانفعالي