لم يكن مفهوم المسؤولية الاجتماعية معروفًا ولا متداولاً حتى بداية القرن العشرين، وجرى استخدام هذا المصطلح للمرة الأولى عام 1923 على لسان العالم والباحث “شلدون”؛ الذي رأى أن مسؤولية أي منظمة هي مسؤولية اجتماعية في المقام الأول.
وذهب “شلدون”؛ إلى أن بقاء المنظمة واستمرارها مرهون بوفائها بالواجبات المنوطة بها تجاه المجتمع.
ومع حلول عام 1947، وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية، تطورت نظرية المسؤولية الاجتماعية بشكل لافت، ثم أخذت هذه النظرية في التطور بشكل مضطرد إلى جاء العالم والباحث Carrol؛ ووضع تصنيفه الخاص والذي عُرف، فيما بعد في الأدبيات النظرية، بـ هرم Carroll للمسؤولية الاجتماعية.
هرم Carroll
وفقًا لـ هرم Carroll للمسؤولية الاجتماعية، فإنها (أي المسؤولية الاجتماعية) تشمل أربعة أبعاد أساسية تتمثل فيما يلي: البعد الاقتصادي، البعد الأخلاقي، البعد القانوني، والبعد الخيري.
ويذهب Carroll؛ إلى أن النجاح في العمل يستلزم إيجاد علاقة وثيقة بين متطلبات المؤسسات الصناعية والتجارية، من ناحية، ومتطلبات واحتياجات العمل، من ناحية أخرى؛ فكل من المجتمع ومؤسسات العمل المختلفة يتوقع من الآخر دورًا معينًا، ويتعين على كل منهما أداء دوره؛ من أجل تحقيق مصلحة الطرفين.
وعلى كل حال، فإن المسؤولية الاجتماعية للشركات، حسب Carroll؛ هي مجموع الأنواع الأربعة التي تمت الإشارة إليها فيما سبق، فالمسؤولية الاجتماعية هي: مسؤولية اقتصادية، مسؤولية أخلاقية، مسؤولية قانونية، ومسؤولية خيرية.
أبعاد المسؤولية الاجتماعية:
سنحاول تفصيل أبعاد المسؤولية الاجتماعية التي نص عليها Carrol في مصفوفته الخاصة، والتي أتت على النحو التالي:
1- البعد الاقتصادي: يعني هذا البعد من أبعاد المسؤولية الاجتماعية قيام الشركات بالاستخدام الأمثل للموارد المتاحة لديها بشكل رشيد وممنهج؛ لتنتج في النهاية سلعًا ذات جودة عالية.
2- البعد القانوني: هو عبارة عن التزام واعٍ وطوعي من قبل الشركات والمؤسسات بجملة القواعد والقوانين الحاكمة للمجتمع، سواءً اتصل هذا بالاستثمار، أو بالأجور، أو العمل، أو البيئة المنافسة.. إلخ.
3- البعد الأخلاقي: وهو ذاك البعد الذي ترعى منظمة الأعمال، من خلاله، شتى الجوانب والمعايير الأخلاقية في قراراتها ومساراتها الصناعية المختلفة؛ تجنبًا للمساس بالمنظومة الأخلاقية والقيمية للمجتمع الذي تعمل فيه.
4- البعد الخيري: ويشمل كل النفقات والهبات التي تمنحها المؤسسة طواعية، وبدون رغبة في الربح، لخدمة المجتمع، أو لخدمة قضية خيرية معينة.
مبادئ المسؤولية الاجتماعية:
ذهبت منظمة الأمم المتحدة إلى هناك جملة من المبادئ ترتكز عليها المسؤولية الاجتماعية، وهي تتمثل فيما يلي:
1- الالتزام بتنفيذ إصدارات شهادات الجودة المختلفة، مثل الأيزو 14000.
2- الالتزام بتنفيذ مدونات قواعد السلوك.
3- الالتزام باتخاذ قرارات تأخذ بالاعتبار المسؤولية الاجتماعية.
4- تصميم أنشطة المنظمات بما يتفق مع الحالة الاقتصادية والوضع الثقافي للمجتمع.
5- القيام بالمبادرات الخيرية التطوعية.
6- تنفيذ الاستراتيجيات التي تحقق الربح للمجتمع والمنظمة معًا.
خلاصة أساسية:
يقودنا الطرح السابق إلى نتيجتين مهمتين؛ الأولى: أن المسؤولية الاجتماعية كنظرية وتوجه اجتماعي واقتصادي ما زالت في طَور التشكل، وأن كل المحاولات التي تجرى من أجل تأطيرها، وتحديدها، لا هدف لها في النهاية سوى الوصول إلى حل وسط، يحقق الربح والفعالية لكلٍ من منظمات الأعمال والمجتمع.
أما النتيجة الثانية؛ فهي تلك التي تتمثل في أن المسؤولية الاجتماعية ضرورة والتزام؛ التزام منها تجاه المجتمع بالوفاء بما عليها من واجبات، وضرورة لهذا المجتمع الذي هو في أمس الحاجة لتخطي مشكلاته وأزماته، والتي من بين أسبابها هذه المنظمات الصناعية نفسها.
اقرأ أيضًا:
استدامة المسؤولية الاجتماعية للشركات.. هل من مقترحات؟