توقفنا في “قصة التنمية” عند “التنمية المستدامة” .. وأبرزنا أهم هدفين – ضمن أهداف أخرى – تسعى لهما “التنمية المستدامة”:
1- حفظ حق الأجيال القادمة في “الموارد الطبيعية” للدولة.
2- حماية وصيانة البيئة من التلوث (تلوث التربة والماء والهواء) وترشيد إستخدام أو إستنزاف الموارد الطبيعية.
وكلا الهدفين له ” تكلفة عالية”، فالهدف الأول معناه استخدام قدر محدود من “الموارد الطبيعية” في التنمية … حتى يتبقي للأجيال القادمة نصيب من هذه الموارد.. وتقليص الموارد يعنى “تكلفة” لأنه حرمان من عائد.
كذلك الهدف الثاني له “تكلفة عالية” لأن منع التلوث أو صيانة البيئة ، يتطلب جهد وتكلفة وتكنولوجيا لإزالة هذا التلوث أو تقليله أو منعه .
لذلك واجهت “التنمية المستدامة” و”التنمية البيئية” تحدى كبير .. وصل لمرحلة الهجوم عليها أو إنكار جدواها في بعض الأحيان .. لأن تحقيقها يتطلب “تكلفة عالية” دون توليد (عائد إقتصادي) يوازي أو يوازن هذه التكلفة.
حتى جاء “الاقتصاد الأخضر” ليحل هذه المشكلة .. كيف؟!
لأن “الاقتصاد الأخضر” هو ذلك الاقتصاد الذي يمارس أنشطته بمراعاة كافة الاعتبارات البيئية .. وفي نفس الوقت يحقق عائدات اقتصادية تغطي أي تكلفة ينفقها لمراعاة التنمية المستدامة”.
مرة أخرى .. كيف؟! يستخدم “الاقتصاد الأخضر” “الطاقة المتجددة” و”الطاقة الجديدة” أكثر من إستخدامه للطاقة غير المتجددة “من البترول والغاز والفحم”، وبذلك يحقق ثلاثة أهداف بيئية “للتنمية المستدامة” .. حيث يوفر جزء من “الطاقة غير المتجددة” للأجيال القادمة، ويحمى البيئة من التلوث باستخدام طاقة نظيفة، ويبتكر طاقات جديدة (مثل طاقة الرياح)، كما يستخدم الطاقة المتجددة في مشروعات بيئية (مثل تحلية المياه). أيضاً “الاقتصاد الأخضر” يعيد استخدام الموارد والخامات من خلال ما يسمى بالتدوير Recycling ، مثل تدوير مياه الصرف الزراعي والصناعي والصحي، أو تدوير المخلفات الصلبة .. وبذلك يحقق ثلاثة أهداف أخرى منها حماية البيئة من التلوث بمياه الصرف أو من المخلفات، وإعادة استخدامها يوفر من كميات استغلالها، وأخيراً وذلك وفر اقتصادي كبير بتحقيق عائد من موارد مستهلكة سعرها = صفر نظرياً.
مكونات “الاقتصاد الاخضر” ستة هي:-
1- التدوير Recycling (المفتاح السحري للاقتصاد الأخضر).
2- إدارة المياه Water Management
3- إدارة المخلفات Waste Management
4- الطاقة الجديدة والمتجددة Renewable & New Energy
5- العمارة الخضراء Grean building
6- إدارة الأراضي Land Management
وكل مكون من هذه المكونات الستة له عشرات التطبيقات، تطبيقات ليس فقط تحمى البيئة وتحقق تر شيد استخدام الموارد، وحق الأجيال القادمة في الموارد الطبيعية، بل نستكشف آفاق جديدة للتنمية من خلال “التدوير” أو “الطاقة الجديدة والمتجددة”، بل وأيضاً تحقق عائدات تفوق التكلفة، بحيث تصبح “التنمية المستدامة” تنمية عظيمة العائد الاقتصادي، إلى جانب عائداتها البيئية والاجتماعية.. وأخيراً ضمان “استمرار واستقرار التنمية”.. كل هذا من خلال “الاقتصاد الأخضر”.
مكونات “الاقتصاد الأخضر” تخدم بعضها البعض بطريقة مذهلة .. والفرص أمام “رواد الأعمال” هائلة لابتكار تطبيقات واستخدامات جديدة للاقتصاد الأخضر.. على سبيل المثال: “العمارة الخضراء” هي التي تستخدم “الطاقة المتجددة” وهي التي تستخدم “التدوير” في إعادة استخدام المياه (إدارة المياه) و(إدارة المخلفات).. كما أنها تستخدم مواد بناء من (البيئة) وتخفض من استهلاك الحديد والأسمنت في البناء.
كما أن استخدام الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية/ طاقة الرياح) في تحلية المياه ، يوفر المياه الجوفية (إدارة المياه).. والمياه المحلاة يمكن إستخدامها في الزراعة، والزراعة يمكن أن تستصلح الأرض الصحراوية، والأرض الصحراوية يمكنها أن تستخدم السماد العضوي المستخرج من تدوير المخلفات الزراعية والحيوانية ، وتدوير المخلفات الزراعية والحيوانية يحمي البيئة من التلوث، ويقلل من استخدام الأسمدة الصناعية ، وتقليل استخدام الأسمدة الصناعية يوفر من البترول أو الغاز الذي تصنع منه الأسمدة، وهذا الوفر لصالح الأجيال القادمة .. دائرة من المنفعة لا تنتهي يحققها “الاقتصاد الأخضر” لكن في الأصل كانت دائما هناك ” المعرفة” .. “المعرفة” لم تولد فقط كل ما سبق بل أيضاً وفرت ما يسمى .. “اقتصاد المعرفة” .. ماذا؟! يبدو أن عندنا باقي للقصة .. نعم.. بقي “اقتصاد المعرفة”.
“إبقوا معنا”