مسألة المساواة بين الموظف والمدير ليست إلا شكلًا واحدًا من أشكال المساواة العديدة التي يتوجب أن تكون موجودة داخل بيئة العمل، والتي للأسف لا يوجد أغلبها، وبالتالي تحدث العديد من المشاكل ذات العواقب الوخيمة.
وإنما تنبع عدم المساواة بين الموظف والمدير من كون صاحب الشركة لا يرى الأمور على النحو الصحيح؛ إذ يتصور أن طرفًا أهم من طرف، والحق أن المدراء والموظفين على ذات القدر من الأهمية، ولا يمكن للشركة أن ترقى وتتقدم إلا بهذين الطرفين معًا.
فضلًا عن أن مالك الشركة أو صاحب رأس المال يقع في مشكلة إدارية كبرى عندما لا يؤسس لفكرة المساواة بين الموظف والمدير؛ إذ يعمل على صنع حالة من الصراع والاحتراب بين المدراء من جهة والموظفين من جهة أخرى، رغم أنه من المفترض أن العلاقة بين هذين الطرفين تكاملية وليس العكس.
اقرأ أيضًا: كيف تتخلص من الموظف المخادع؟.. الحكمة والتوازن في العمل
المساواة في بيئة العمل
إذا كنا نتحدث عن المساواة بين الموظف والمدير فأولى بنا أن نشير أولًا إلى أشنع أنواع عدم المساواة وهو عدم المساواة بين الجنسين إن في بيئة العمل أو بشكل عام.
فوفقًا لمؤشر عدم المساواة بين الجنسين (GII)، كانت سويسرا الدولة الأكثر مساواة بين الجنسين في العالم عام 2020، كما أن أبرز مصدر لعدم المساواة بين الجنسين هو مكان العمل، وغالبًا ما يتم التقاطه من خلال فجوة الأجور بين الجنسين.
في عام 2021 كانت المرأة لا تزال تكسب أقل بنسبة 2% من نظرائها من الذكور الذين لديهم المؤهل والوظيفة نفسهما، كما أن النساء أقل تمثيلًا في المناصب العليا ومناصب الإدارة العليا؛ حيث يوجد 18% فقط من الشركات في جميع أنحاء العالم لها مديرات عليا.
ويمكن ملاحظة الوضع نفسه في الأدوار الحكومية: 15 دولة فقط من أصل 195 دولة في جميع أنحاء العالم لديها امرأة في أعلى منصب بالسلطة التنفيذية.
وتختلف الأرقام المتعلقة بالوقت الذي يستغرقه سد الفجوات بين الجنسين اختلافًا كبيرًا بين المناطق. ففي أوروبا الغربية تشير التقديرات إلى أن تحقيق المساواة بين الجنسين سوف يستغرق حوالي 52 عامًا. في جنوب آسيا، من ناحية أخرى، من المفترض أن يستغرق الأمر 195 عامًا. وتظهر البيانات الجديدة أن جائحة COVID-19 زادت من فقر النساء في جميع أنحاء العالم ووسعت فجوة الفقر بين الجنسين بشكل أكبر. كما أن تزايد فقر الإناث سيؤثر سلبًا في مؤشر عدم المساواة بين الجنسين.
لكن ماذا يعني هذا لمالك الشركة أو صاحب رأس المال؟ الحق أن هذه المعطيات إنما يجب أن تنير الدرب لأصحاب الشركات، فلا يعمدون فقط إلى تعزيز المساواة بين الموظف والمدير وإنما في بيئة العمل بشكل عام؛ إذ لو فعلوا ذلك لظفرت شركاتهم بميزة تنافسية كبرى؛ طالما فهمنا أن عدم المساواة داء مستشرٍ في أغلب الشركات.
اقرأ أيضًا: الإجازات رغم العمل عن بعد.. ما أهميتها؟
سياسة الباب المفتوح
إذا أراد صاحب/ مالك الشركة أن يعزز المساواة بين الموظف والمدير فماذا عليه أن يفعل؟ أهم ما عليه فعله بحسب ما نؤمن به في «رواد الأعمال» أن يكون واسع الصدر، مستعدًا لسماع الجميع دون استثناء؛ بمعنى أن يؤكد ويفعّل سياسة الباب المفتوح.
فمن شأن هذه السياسة أن تصنع بيئة مفتوحة للنقاش؛ من خلال إنشاء نظام عنوانه “تعالَ إليَّ في أي وقت”، ومن المتوجب على صاحب الشركة، إن هو فعلًا أراد تعزيز المساواة بين الموظف والمدير، أن يكون منفتحًا على الاقتراحات أو الشكاوى أو المناقشات دون قولبة أو إصدار إحكام على الناس.
لكن أيضًا ماذا يستفيد صاحب الشركة من سياسة الباب المفتوح تلك، ومن المساواة بين الموظف والمدير؟ الاستفادة العظمى هنا أنه سيقف على حدود المشاكل بدقة؛ إذ سيتاح له سماع جميع الأصوات، والاطلاع على كل الرؤى ووجهات النظر، ومن ثم سيكون قادرًا على اتخاذ قرارات حكيمة وموضوعية.
وعندما يشعر الناس بالانفتاح في الحديث يمكنك التخلص من المشكلات في مهدها قبل أن تتصاعد إلى عقبات حقيقية أو اكتشاف فرص كبيرة ربما لم تلاحظها من قبل.
اقرأ أيضًا: التواصل الدوري بين الموظفين.. مزايا لا حصر لها
العقوبات والحقوق
المؤكد أن المساواة بين الموظف والمدير إنما يجب أن تكون في كل شيء، وهو ما يمكن تلخيصه تحت هاتين الكلمتين (الحقوق والواجبات)؛ وإنما يتم ذلك من خلال وضع ثابت صارم وموضوعي للثواب والعقاب.
فإذا نصت اللائحة الداخلية للشركة على أن من أتى فعلًا معينًا يجب أن يُعاقب فلا بد أن توقع عليه العقوبة المنصوص عليها بغض النظر عن دوره ومنصبه الوظيفي.
من شأن هذه السياسة أن توفر حالة من الشعور بالعدالة والطمأنينة من قِبل الجميع، ومن ثم لن يشعر أحد بأنه قد يتعرض للظلم في أي لحظة، وبالتالي سيكون أكثر انتماءً للشركة؛ وتلك ميزة جليلة من مزايا المساواة بين الموظف والمدير.
اقرأ أيضًا: دعاء ميرة: ليس كل مدير قائدًا والكفاءة لا تكفي
التنوع
التنوع في مكان العمل يعني أنك توظف أشخاصًا من مجموعة واسعة من الخلفيات؛ ومن شأن فريق الموظفين المتنوعين تعزيز عملك؛ من خلال وجهات نظر وخبرات ومعرفة مختلفة.
وتظهر الأبحاث أن التنوع يمكن أن يكون مفيدًا للأعمال التجارية؛ إذ يضمن: إنتاجية أفضل من الموظفين، تفكير أكثر إبداعًا وابتكارًا بين الموظفين، تحسين صحة الموظفين ورفاهيتهم، تقليل مخاطر التمييز والتحرش في مكان العمل.
كل هذه الأمور ستتحق إن آمنت، كصاحب شركة، أن الاختلاف والتنوع قدر، وأن الناس مختلفون في كل شيء تقريبًا؛ ومن ثم عليك أن تتقبل هذا أولًا، وتسعى إلى صنع حالة من المساواة بين الموظف والمدير؛ فمن خلالها ستحصل على المزايا التي أتينا على ذكرها قبل قليل.
اقرأ أيضًا:
أهمية التعاون بين الزملاء.. فوائد تُعزز كفاءة العمل
أنواع الحوافز.. وسائل مهمة لزيادة الإنتاجية وتحقيق الأرباح
الانتماء الوظيفي.. أهميته وسبل تعزيزه
الموظف العنيد.. فهم دوافعه وطرق التعامل معه
الحافز المعنوي للموظفين.. ارتياد الجادة غير المطروقة