تزداد قوة العلاقات السعودية الروسية مع مرور الوقت، والفترة الماضية خير شاهد على صلابتها وعزم البلدين المضي قدمًا نحو تطويرها والاستفادة منها؛ حيث تطورت العلاقات الروسية السعودية، بشكل ملحوظ، منذ 4 سنوات في ملف الطاقة، وكثافة الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين خلال العامين الماضي والجاري في مختلف المجالات، خاصًة بعد الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز؛ إلى موسكو عام 2017.
دول صديقة.. وعلاقة صلبة
أكد فلاديمير بوتين؛ الرئيس الروسي، صلابة العلاقات بين موسكو والرياض، مستشهدًا بالعلاقة الطيبة التي تجمعه مع الملك سلمان؛ والأمير محمد بن سلمان؛ ولي العهد، بعد تعزيز العلاقة التاريخية الممتدة بينهما جذريًا خلال السنوات القليلة الماضية، مقارنًة بضعفها وما كانت عليه في العهد السوفيتي.
مجمع بتروكيميائي روسي بالسعودية
كما أعلن بوتين؛ عشية زيارته النوعية والأولى للمملكة العربية السعودية، منذ عام 2007، عن أن شركة “سيبور- هولدنغ” الروسية، تدرس إمكانية بناء مجمع بتروكيميائي في السعودية باستثمار يبلغ أكثر من مليار دولار، في إطار تطوير العلاقات بين البلدين.
منصة استثمارية بـ 10 مليارات دولار
وأشار بوتين؛ إلى أنه تم إنشاء منصة استثمارية مشتركة بـ 10 مليارات دولار لتمويل مشاريع مشتركة، ووضع مليارين منها قيد الاستثمار، قائلاً: “لا يزال أمامنا الكثير للقيام به في المجال الاقتصادي، لكن وتيرة التعاون جيدة، ففي العام الماضي نما التبادل التجاري بنسبة 15%، أما في النصف الأول من العام الجاري فقد ارتفع النمو إلى 28%”.
30 اتفاقية تعاون ووثائق عامة
من المتوقع أن يصبح ملف التعاون الاقتصادي بين البلدين الأكبر خلال الزيارة؛ حيث ستتوج المباحثات في مدينة الرياض، بتوقيع أكثر من 30 اتفاقية ومذكرة تعاون في ملفات الطاقة والصناعة والزراعة والتقنيات، بالإضافة إلى التعاون الثقافي، كما تشمل الجولة توقيع وثائق مهمة مع قيادتي البلدين تهدف لتعزيز العلاقات الثنائية، لا سيما في مجال الاستثمار، وتحفيز التبادل التجاري.
زيارة نوعية.. وأبعاد معززة
من جانبه، أكد كيريل ديمترييف؛ الرئيس التنفيذي للصندوق الروسي للاستثمار المباشر، أن زيارة الرئيس بوتين للسعودية نوعية بكل المقاييس، وتحمل دلالات مهمة، وذات أبعاد مُعززة للعلاقة بين الرياض وموسكو، وتعكس المستوى الرفيع لما وصلت إليه العلاقات بين البلدين، كاشفًا عن 8 محاور رئيسية يرتكز عليها برنامج الزيارة، من بينها عقد المنتدى السعودي – الروسي، الذي يضم أكثر من 300 مشارك من الطرفين.
نقلة في التحوّل
وتوقع ديمترييف؛ أن تضع زيارة بوتين للسعودية لبنة جديدة لمرحلة جديدة من العلاقات التي ستكون هي الأفضل في المستقبل القريب، مرجعًا ذلك لتطور المشاركات والتفاهمات واللقاءات عالية المستوى المستمرة والتي بلغت أعلى مستوى على الإطلاق؛ حيث تشهد هذه العلاقة الثنائية نقلة في التحوّل على مستويات متعددة.
المنتدى السعودي الروسي
وأوضح أن برنامج هذه الزيارة سيشهد نشاطًا مكثفًا؛ حيث تنطلق أعمال المنتدى السعودي الروسي الذي يضم أكبر وفد لرجال الأعمال الروس في المملكة، وبمشاركة أكثر من 300 رجل أعمال من الجانبين، مؤكدًا تشابه الأهداف الوطنية للتنمية في روسيا مع رؤية المملكة 2030.
استقرار الأسعار
واعتبر ديمترييف؛ أن الزيارة تكتسب أهميتها نتيجة آثارها الفعلية الإيجابية على الأرض، مؤكدًا أنها ستحقق قدرًا كبيرًا من الاستقرار بالمنطقة؛ نتيجة الموقع المحوري للبلدين ودورهما المؤثر؛ ما يساهم في استقرار الأسعار بسوق الطاقة ونمو الاقتصاد والتجارة، التي سوف يستفيد منها الجميع في المنطقة.
تعاون بلا سقف
وأكد الرئيس التنفيذي للصندوق الروسي للاستثمار المباشر، أن سقف التعاون السعودي الروسي لا تحدّه حدود، مشيرًا إلى تعدد المجالات والفرص التي ستكون بيئة خصبة لتعزيز التعاون بين البلدين، لا سيما تلك الفرص التي رسمتها الرؤية السعودية 2030، وشملت جميع المجالات الاقتصادية، الاستثمارات، التجارة، الطاقة والبتروكيماويات والغاز، القطاع السياحي، الزراعة، القطاع الثقافي، علوم الفضاء، القطاعات الصناعية والتكنولوجية الحديثة عالية المستوى، السكك الحديدية والذكاء الصناعي وغيرها من المجالات الحيوية المهمة للبلدين، متوقعًا تدفقًا استثماريًا وتجاريًا وإقبالاً على المنتجات بين البلدين.
تبادل المنفعة
وأشار ديمترييف؛ إلى عمل الصندوق الروسي للاستثمار (RDIF) وصندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF) على بناء تعاون متبادل المنفعة باستثمارات تزيد على 2.5 مليار دولار في أكثر من 30 مشروعًا، مبيّنًا أن تلك الاستثمارات شملت “مجمع ZapSib Neftekhin للبتروكيماويات”، و”HPPs الصغيرة في كاريليا”، و”الترام” عالي السرعة، ومطار “بولكوفو” في سان بطرسبرغ، بالإضافة إلى مشاريع أخرى في البنية التحتية واللوجيستية والبناء والقطاع الصناعي وتجارة التجزئة والتكنولوجيا وغيرها.
12 % عائدًا لمحفظة الصندوقين
وأفاد ديمترييف؛ بأنّ محفظة استثمارات الصندوقين حققت عائدًا بلغ 12% من عائد الاستثمار، في حين أن العمل يجري على أكثر من 25 مشروعًا جديدًا، تتجاوز قيمتها 10 مليارات دولار في مختلف القطاعات، بما في ذلك التكنولوجيا والزراعة وتطوير الأعمال في منطقة الشرق الأقصى الروسي، كاشفًا عن التركيز الخاص على التكنولوجيا المتقدمة، بما في ذلك الذكاء الصناعي (AI).
مصنع للبتروكيماويات بالجبيل
ولفت إلى أن العمل سيتم تعزيزه مع صندوق الاستثمارات العامة و«أرامكو» السعوديين، وغيرهما من الشركاء السعوديين، لمساعدة الشركات الروسية على دخول السوق السعودية، لافتًا إلى إنشاء أكبر مصنع للبتروكيماويات في حديقة الجبيل الصناعية (سيبور، أرامكو السعودية، توتال، سينوبك)، بالإضافة إلى خطط أكثر من 10 شركات روسية لتنفيذ مشاريع في السعودية.
مجمع بتروكيماويات هائل بالقطب الشمالي
وأخيرًا، قال ديمترييف؛ إنه من ثمار برامج هذه الزيارة العمل على زيادة العمل مع «أرامكو» السعودية في عدد من مشاريع البتروكيماويات؛ حيث تقوم «أرامكو» و«سابك» بتشكيل تحالف غير مسبوق لبناء مجمع بتروكيماويات هائل في منطقة القطب الشمالي يستخدم طريق البحر الشمالي لتوصيل المزيد من المنتجات إلى الأسواق الآسيوية، معتبرًا أنها فرصة فريدة للاستثمار في مجموعة من المشاريع تبلغ قيمتها أكثر من 400 مليار دولار في البنية التحتية ومجموعة واسعة من الصناعات.
إقرأ أيضًا:
بعد تعيينه رئيسًا لـ«معادن».. «الرميَّان» وخبرة أكثر من 25 عامًا