قد تعتقد أن عملية الاستمتاع بالوحدة لا تتطلب الكثير من الوقت والجهد، إلا أنها تخضع لشروط حسية صعبة؛ إذ إنها تتمكن من خلق شعور داخلي بالتواصل مع ذاتك، كما تعمل على تعزيز رؤيتك للجمال من حولك، فضلاً عن نشر نوع من الصمت والسلام داخل قلبك المشحون بأعباء الحياة.
تعتبر الوحدة بمثابة المهرب الوحيد من التواصل مع الآخرين؛ حاصة في ظل انتشار الأقنعة الزائفة التي يرتديها الناس خلال التعامل مع بعضهم البعض، خاصة في عالم الأعمال؛ حيث يزداد التعاون مع المنافسين، ولقائهم وجهًا لوجه في الكثير من الأحيان؛ لكن يبقى الخوف الأكبر من البقاء وحيدًا.
تزخر دنيا رائد الأعمال بالعديد من التعاملات اليومية، والعديد من العلاقات، الأمر الذي يأخذ من طاقته الكثير، ويبقى بالفعل وحيدًا أمام الإرهاق البدني، والنفسي على حدٍ سواء؛ لذا يجب أن تأخذ عطلة بعيدة عن ضوضاء العالم، وتعلُم كيفية مواجهة نفسك في وحدتك.
أهمية الاستمتاع بالوحدة
قبل أن تبدأ عملية الاستمتاع بالوحدة المطلقة، أن تعلم جيدًا أنه كلما أمضيت المزيد من الوقت في الجلوس بمفردك، والاستفادة من مواجهة أعماق كيانك، واستكشاف هويتك الحقيقية، كان بإمكانك التعرٌف على نفسك بطريقة أفضل، ومن ثم، التواصل مع الآخرين بشكل جيد، وهو الأمر الذي ينعكس في نهاية المطاف على شئونك العملية.
• حب الذات
لا شك في أن الوحدة أو قضاء بعض من الوقت بمفردك، يمكنك مصادقة نفسك حينها، واكتشاف طاقتك الخاصة، وهنا يمكنك أن تتعلّم كيفية قضاء أطول وقت ممكن مع ذاتك، ومن ثم، فإنك تلقائيًا يمكن أن تراقب الأنماط العقلية المختلفة التي ستتعامل معها مستقبلاً.
قد تكون الفترة التي تقضيها بمفردك هي الأنسب لفهم نفسك بطريقة أعمق، والاستفادة من قدراتك وتنميتها على المستوى الشخصي. كما تبدأ في استيعاب المخاوف، المحفزات، الآمال، والطموحات، والرغبات، والتي تظهر بحالة واضحة، خالية من تدخُلات الآخرين.
وعندما يزداد الوقت الذي تقضيه مع أفكارك الخاصة، ومشاعرك، فإن حياتك ستنقلب رأسًا على عقب؛ إذ يبدأ منظورك للأمور في التحوٌل، وقد تتبنّى آراءً مختلفة حول المواقف التي مررت بها.
• الاستقلال النفسي
تقوى العاطفية الداخلية في الوقت الذي تحب فيه الوحدة، وفي نهاية الأمر، ينعكس نجاح التجربة على الدخول في العلاقات مع الآخرين بصورة مستمرة، إلا أن الأهمية الكبرى تأتي عندما تستقل نفسيًا، وتصبح حرًا تمامًا أمام نفسك، وتبدأ مشاعرك الحقيقية تتبلور، وتظهر _كما هي_ دون شوائب أو رتوش خارجية.
عند التمتٌع بالاستقلال النفسي؛ فإنك تسمح بالعلاقات الإنسانية بالمرور بيسر واضح، والتعامل بسهولة كبيرة.
• الامتنان الشخصي
ربما تعزز المسافة التي تضعها مع أقرب الأشخاص إليك من أحباب، أصدقاء، أو أفراد العائلة، من إحساس الامتنان لوجودهم في حياتك، علمًا بأنه كلما طالت المدة الزمنية، تتخذ الأحداث مسارها الصحيح، ويبدأ التركيز على حقيقة العلاقات الإنسانية، وتنسى التفاصيل التي تشتتك عن الحُكم الجيد على الأشخاص، المواقف، والأمور كافة.
تحصد الذاكرة أثناء فترة الراحة أو الوحدة، جميع التجارب الإيجابية التي مررت بها، كما توفّر لك وقتًا مهمًا أو quality time للتأمُل والاستكشاف الذاتي، وتنظيم العلاقات فيما بعد.
• وضوح الروح
“كن نفسك”؛ غالبًا ما نسمع هذه الكلمة في الكثير من المقولات التي تصدر من أكبر الأدباء في العالم، ويبدو الأمر بسيطًا، إلا في الوقت الذي تستغل فيه طاقتك لإرضاء الآخرين، واتباع كل السبل؛ من أجل الشعور بالقبول.
لذا فإن الوحدة، تجعلك نقيًا، صافيًا، تبعدك عن المعيشة خلف رغبات الآخرين، وتطلعاتهم المستمرة، بل إنك ستمتلك حينها روحًا واضحة، يمكنك أن تتعرّف على نفسك بطريقة مثالية، كما ستقدّر نفسك، وتعاملها بكل الحب، والاحترام.
وأخيرًا، اعلم أن الهدوء يوفّر لك أروع شعور من السعادة، وخاصة عندما تتسلل إليك أحاسيس الميلاد من جديد، واكتشاف المزيد عن نفسك، والإبحار بعمق في ذاتك الداخلية، وهو المبدأ المطلق للشعور بالحرية.
اقرأ أيضًا: