لا يزال الجدل قائمًا بين مؤيدي ومعارضي تقنية الذكاء الاصطناعي حول طريقة التفكير؛ حيث يظن قادة الـAI مثل OpenAI وAnthropic وGoogle، أن الذكاء الاصطناعي يصل إلى مستويات ذكاء العقل البشري، في حين يرى المعارضون أن تلك التقنية لا تفكر مثلنا.
أثبتت الدراسات أن شيئًا مقيدًا في البنية الأساسية لنماذج الذكاء الاصطناعي الحالية. فالذكاء الاصطناعي اليوم قادر على محاكاة الذكاء من خلال تعلم عدد هائل من القواعد الأساسية التي يطبقها انتقائيًا على جميع البيانات التي يجمعها.
الفرق بين التفكير البشري والذكاء الاصطناعي
هذا يتناقض مع الطرق العديدة التي يستطيع من خلالها البشر وحتى الحيوانات التفكير في العالم والتنبؤ بالمستقبل.
نحن الكائنات البيولوجية نبني ”نماذج العالم“ لكيفية عمل الأشياء، والتي تشمل السبب والنتيجة.
ويزعم العديد من مطوري تطبيقات الذكاء الاصطناعي، أنهم بنوا مثل هذه النماذج العالمية داخل شبكاتهم الواسعة من الخلايا العصبية الاصطناعية.
كما يتضح من قدرتهم على كتابة نثر فصيح يشير إلى التفكير المنطقي الواضح.
وقد أقنعت التطورات الأخيرة في ما يسمى بـ ”نماذج التفكير“ بعض المراقبين بأن ChatGPT وغيرها قد وصلت بالفعل إلى قدرة على مستوى الإنسان. والمعروفة في هذه الصناعة باسم الذكاء العام الاصطناعي للذكاء العام الاصطناعي.
لم تكن هناك رؤية لكيفية إنتاجها للمخرجات التي حققتها، لأنها كانت مدربة وليست مبرمجة.
كما أن العدد الهائل من المعلومات التي تشكل ”أدمغتها“ الاصطناعية كانت تشفرها والمنطق بطرق غامضة بالنسبة لمبتكريها.
لكن الباحثين يطورون أدوات جديدة تسمح لهم بالنظر داخل هذه النماذج. وتترك النتائج الكثيرين يتساءلون عن الاستنتاج بأنها قريبة من الذكاء الاصطناعي المصطنع.
تقول ميلاني ميتشل؛ الأستاذة في معهد “سانتا في” التي تدرس الذكاء الاصطناعي: ”هناك جدل حول ما تفعله هذه النماذج بالفعل. وبعض اللغة المجسمة المستخدمة لوصفها“.
الاستدلالات
في سلسلة من المقالات الأخيرة، أوضحت “ميتشل” مجموعة متنامية من الأعمال تظهر أنه يبدو من الممكن للنماذج تطوير ”أكياس ضخمة من الاستدلال“. بدلًا من إنشاء نماذج ذهنية أكثر كفاءة للمواقف ثم التفكير المنطقي من خلال المهام المطروحة.
وتظهر تقنيات جديدة لسبر النماذج اللغوية الضخمة، للباحثين الطريقة التي يقوم بها الذكاء الاصطناعي بإجراء العمليات الحسابية. أو تعلم ممارسة الألعاب أو التنقل عبر البيئات.
عندما علم كيون فافا؛ الباحث في مجال الذكاء الاصطناعي بجامعة “هارفارد”، للمرة الأولى بنظرية ”حقيبة الاستدلال“، قال: ”أشعر أنها فتحت لي شيئًا ما“. ”هذا هو بالضبط الشيء الذي نحاول وصفه“.
كان بحث “فافا” الخاص محاولة لمعرفة نوع الخريطة الذهنية التي يبنيها الذكاء الاصطناعي عندما يتم تدريبه على ملايين الاتجاهات خطوة بخطوة، مثل ما تراه على خرائط جوجل.
وقد استخدم “فافا” وزملاؤه شبكة “مانهاتن” الكثيفة من الشوارع والطرقات كمصدر للمعلومات.
تسمح ”الأدمغة“ الهائلة للذكاء الاصطناعي، المقترنة بقوة معالجة غير مسبوقة، بتعلم كيفية حل المشاكل بطريقة فوضوية يستحيل على الإنسان أن يتعلمها.
التفكير أم التذكير
كما يقول “فافا”: إن فهم أن هذه الأنظمة عبارة عن قوائم طويلة من القواعد الأساسية المجمعة يمكن أن يقطع شوطًا طويلًا في تفسير سبب معاناتها عندما يطلب منها القيام بأشياء ولو قليلًا خارج نطاق تدريبها. فهي تشبه آلات “روب غولدبرغ” المركبة والمليئة بالحلول المخصصة للإجابة على مطالباتنا.
عندما أغلق فريقه 1% فقط من طرق “مانهاتن” الافتراضية. أجبر الذكاء الاصطناعي على التنقل حول الطرق الالتفافية وانخفض أداؤه.
ويضيف أن هذا يوضح الفرق الكبير بين الذكاء الاصطناعي اليوم والبشر. فقد لا يستطيع الشخص أن يسرد الاتجاهات خطوة بخطوة حول مدينة نيويورك بدقة 99%، ولكنه قد يكون مرنًا عقليًا بما يكفي لتجنب بعض الأعمال على الطريق.
يشير هذا البحث أيضًا إلى سبب زيادة العديد من النماذج: فهم مضطرون لحفظ قائمة لا نهاية لها من القواعد الأساسية. ولا يمكنهم ضغط تلك المعرفة في نموذج ذهني كما يستطيع الإنسان.
وقد يساعد في تفسير سبب اضطرارهم للتعلم على مثل هذه الكميات الهائلة من البيانات. حيث يمكن للشخص أن يلتقط شيئًا ما بعد بضع تجارب فقط.
ولاشتقاق كل تلك القواعد الذهنية الفردية. عليهم أن يروا كل مجموعة ممكنة من الكلمات والصور ومواضع لوحة الألعاب وما شابه ذلك. ولتدريبهم جيدًا، يحتاجون إلى رؤية تلك التركيبات مرارًا وتكرارًا.
التفكير.. عامل مشترك بين الذكاء الاصطناعي والإنسان
قد يفسر هذا البحث أيضًا لماذا يبدو أن الذكاء الاصطناعي من شركات مختلفة يفكر بنفس الطريقة، بل ويتقاربون على نفس المستوى من الأداء – الأداء الذي قد يكون مستقرًا-.
علاوة على ذلك، عام 1970، قال الأستاذ مارفن مينسكي، في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لمجلة “لايف إن” الكمبيوتر: الذكاء الاصطناعي سيصل إلى مستوى ذكاء الإنسان العادي في غضون ”ثلاث إلى ثماني سنوات“.
وفي العام الماضي، ادعى إيلون ماسك، أن الـAI سيتجاوز الذكاء البشري بحلول عام 2026.
وخلال فبراير الماضي، كتب سام ألتمان، على مدونته أن الأنظمة التي بدأت تشير إلى الـAI الآلي المتقدم وأن هذه اللحظة من التاريخ، تمثل بداية شيء يصعب ألا نقول: “هذه المرة الأمر مختلف”.
وحذر كبير مسؤولي الأمن في شركة “أنثروبيك” من أن ”الموظفين الافتراضيين“ سيعملون بالشركات الأمريكية في غضون عام.
حتى لو ثبت أن هذه التكهنات سابقة لأوانها، فإن الـAI موجود ليبقى ويغير حياتنا. لقد بدأ مطورو البرمجيات للتو في اكتشاف كيفية استخدام هذه الأنظمة المثيرة للإعجاب التي لا يمكن إنكارها لمساعدتنا جميعًا على أن نكون أكثر إنتاجية.
ورغم أن ذكاءها الفطري قد يكون في طور الاستقرار، إلا أن العمل على تحسينها مستمر.
وفي الوقت نفسه، يمكن أن يكون البحث في حدود كيفية ”تفكير“ الـAI جزءًا مهمًا في تحسينها.
وقد كتب جاكوب أندرياس؛ الباحث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: أن الفهم الأفضل للتحديات التي تواجه نماذج اللغة يؤدي إلى طرق جديدة لتدريبها: ”يمكننا جعل النماذج اللغوية أفضل”.
المقال الأصلي: من هنـا