رغم التوجه العالمي السائد نحو نمو المسؤولية الاجتماعية للشركات، والعمل على تحفيز الدور المجتمعي في عالم المال والأعمال؛ فإن الوضع يلقى نقدّا لاذعًا في الكثير من الأوقات.
يأتي انتقاد حركة نمو المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات؛ نتيجة للأعمال الزائفة التي تقوم بها بعض الشركات لتحقيق شهرة وهمية على حساب الدعم الأخلاقي للموظفين، والبيئة ككل.
وتُعد ممارسة المسؤولية الاجتماعية للشركات بمثابة موضع نقاش؛ حيث يرى المؤيد أن هناك طلبات قوية لهذه القضية، كما تستفيد الشركات بطرق عديدة؛ من خلال العمل مع منظور أوسع وأطول من آثارها المباشرة الخاصة؛ أى الأرباح قصيرة الأجل.
وعلى الجانب الآخر، يجادل المنتقد في التصرفات الخاصة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات، بداية من الدور الاقتصادي الأساسي للشركات، والبعض الآخر يرى أنه ليس أكثر من نافذة سطحية مزينة تسعى من خلالها العديد من الشركات لتحقيق الشهرة العالمية، أو محاولة لاستباق دور الحكومات كرقيب على الشركات القوية متعددة الجنسيات.
لا نغفل أن أخلاقيات الأعمال التجارية هي من أشكال الأخلاقيات التطبيقية التي تدرس المبادئ الأخلاقية والأدبية والمشكلات؛ التي يمكن أن تنشأ في بيئة الأعمال التجارية.
ويعتمد نمو المسؤولية الاجتماعية على الضمير في المقام الأول الذي يقوم بدور مهم كرقيب داخلي؛ لكنها في الوقت ذاته تتأثر بالطابع الاجتماعي، سواء عن طريق تعلم كل ما هو جديد، أو اكتساب الخبرات.
وتبدأ عملية نمو المسؤولية الاجتماعية عن طريق التعلم منذ أن يعي الناشئ تحمّل والديه المسؤولية في رعايته وتربيته وإشباع حاجاته المادية والمعنوية؛ ما يجعلها تنمو تدريجيًا عن طريق التربية والتنشئة.
وتحتمل العملية هذه إمكانية إعداد الفرد ليكون مواطن المستقبل، على أن يكون راعيًا وواعيًا لذاته ومسؤولياته؛ لذلك لا يمكن أن نهمّش دور التربية المساعد في تنمية ذكاء الشخصية وتطوير ملكاتها؛ من مهارة، قدرات، أو حِس أخلاقي ووجداني، مع وجود الإبداع وروح المبادرة.
ونحن في “رواد الأعمال” ندرك أن التربية هي أهم وسيلة يمكن عن طريقها تعزيز نمو المسؤولية الاجتماعية، وترتيبها في تكامل مع باقي عناصر الشخصية ومكوّناتها؛ فحب الخير يمكن تعلمه منذ الصغر.
إن ما يتعلمه الناشئ في مجال الأسرة والمدرسة يتأصل في شخصيته ويثبت في تفكيره؛ وهو ما يجعله إما يتمرد على أصوله، أو يتبنى صفات جديدة؛ وهو الأمر ذاته الذي ينبئ بوجود شخصية ريادية.
ويمكن القول إن كل أشكال الامتثالية السلوكية وحسن الالتزام بالمسؤولية ليست من قبيل الصدفة، وإنما مردّها إلى ما تشبع به الفرد.
ولأن الاتجاهات السلوكية التي نتميّز بها كأفراد هي في الغالب مكتسبة؛ يمكن الاهتمام بكيفية التعامل مع النشء وتربية جيل جديد بالكامل من رواد ورائدات الأعمال؛ أصحاب الفكر المتجدد الذي يحلق بعيدًا عن السرب، بينما يعرفون في قرارة أنفسهم أهمية الدعم الأخلاقي للآخرين.
وفي الضمير المتزايد _وهو المتحكم الأساسي عند الكبر في عملية المسؤولية الاجتماعية_ يتم التركيز على الأسواق، والموظفين على حدٍ سواء، علمًا بأن أكثر الشركات نجاحًا _خاصة في الفترة الأخيرة بالتزامن مع تداعيات جائحة كورونا_ كانت تعتمد على أسلوب ونهج متقدم من تحسين الأخلاقيات في مجال العمل، وإطلاق مجموعة من المبادرات لمؤازرة غيرها.
اقرأ أيضًا:
مبادئ المسؤولية الاجتماعية لدى جوجل.. ممارسات مستدامة
المركز السعودي لـ «المسؤولية الاجتماعية».. جهود تنموية فعالة
دراسة: 89% من موظفي المملكة يؤمنون بأهمية التقنيات الخضراء