إذا قررت شركة ما أن تلعب دورًا إيجابيًا في المجتمع المحيط بها، أو إذا كانت تمارس مسؤوليتها الاجتماعية ولكنها لم تجد الأثر المرجو من وراء ذلك، فمن المهم أن يتم التفكير في كيفية تحقيق النجاح في المسؤولية الاجتماعية للشركات.
وينطوي النجاح في المسؤولية الاجتماعية على بعدين كلاهما متعلق بالآخر ومرهون به؛ يتعلق البعد الأول بالمجتمع، الذي تتوجه إليه الشركة بخدماتها، فمن المحتم أن يشعر هذا المجتمع بالفارق الذي تحدثه هذه الشركة بعينها، وإلا لما كان هناك نجاح يُذكر، فالنجاح، في هذا الجانب، متعلق بتطوير المجتمع وتنمية مهارات أفراده.
أما البعد الثاني من أبعاد النجاح في المسؤولية الاجتماعية فهو ذاك المتعلق بالشركة ذاتها؛ حيث إنها حين تقدم خدمات اجتماعية من نوع ما لهذا المجتمع أو ذاك فإنها تسعى إلى تعزيز صورتها الذهنية، وزيادة معدلات مبيعاتها، والإسهام في الحفاظ على البيئة، والتقليل من الهدر في الموارد.. إلخ.
فإذا لم تجد الشركة أن هذه الأهداف تحققت، وأن القضايا التي تعمل على التسويق لها تم تعزيزها، ورفع الوعي بأهميتها، فهذا يعني أنها فشلت في دورها، وفي ممارستها مسؤوليتها الاجتماعية، ولكي لا يحدث هذا، إليك هذه المفاتيح الأساسية لنجاح الشركات في دورها الاجتماعي.
اقرأ أيضًا: 7 مبادئ للمسؤولية الاجتماعية
إقران القول بالفعل
لن تحظى الشركة بأدنى احترام يُذكر من قِبل المجتمع الذي تعمل فيه طالما كانت أقوالها والقضايا التي تُسوق لها في وادٍ وممارساتها في وادٍ آخر، فليس مهمًا ما تقول بل ما تفعل، وبما أن الشركة التي التزمت بالمسؤولية الاجتماعية قررت أن تكون داعية للإصلاح البيئي، والحفاظ على الموارد الحيوية.. إلخ، فليس منطقيًا أن تُحدث هي ضررًا بالبيئة، أو أن تتسبب في هدر الموارد.
وحالما تفعل ذلك فليس لها أن تتوقع أي نجاح يُذكر، ولا تحقيق أي هدف من أهدافها، فالشركات التي تتدعي أنها تمارس المسؤولية الاجتماعية تكون تحت مجهر مراقبة المجتمع أكثر من غيرها.
الشفافية ومصارحة الجمهور
هذا المبدأ فرع عن المبدأ الذي سبقه؛ فالشفافية والمصداقية يجب أن يكونا قوام عمل الشركة في هذا الصدد؛ فليس من سبيل للحصول على ثقة الجمهور/ المجتمع المحيط سوى ذلك، ولنتذكر أن الإنسان قد يتقبل كل شيء إلا أن يتعرض للخديعة، وحين تفعل الشركة ذلك فمصيرها الفشل.
وواجب الشركات _إن هي أرادت النجاح في هذا المجال_ أن تكون قدوة للمجتمع، وأن تطبق، أولًا، على نفسها، ما تطلب من أفراد مجتمعها تطبيقه على أنفسهم. إن ممارسات الشركة كلها يجب أن تتناغم مع ما تنادي به من قضايا ومبادئ.
اقرأ أيضًا: علي الغدير: المملكة ساندت المنشآت الصغيرة والمتوسطة منذ بداية الجائحة
تعزيز التواصل
لنفترض أن الشركة تنادي بقضية ما وتتبناها، فمن المنطقي أن تعمم حديثها عنها، وأن تتواصل مع أكبر عدد من أفراد المجتمع، ومع أوسع شريحة من شرائحه، فهذا يضمن لها انتشار قضيتها من جهة.
ولكنه يمكّنها، من جهة أخرى، من الوصول إلى عملاء جدد؛ فالناس الذي يرون أن هذه الشركة تنادي بقضايا لصالح المجتمع ولصالحهم هم سيقررون دعمها، ومساعدتها في المضي قُدمًا.
ولا شك في أن هذا التواصل الكثيف سيرهق الشركة ويثقل كاهل أفرادها بالكثير من الأعباء، لكنه ضروري، وهي جهود لن تذهب هباءً أبدًا.
الإبلاغ عن النتائج
إذا أرادت الشركة النجاح في المسؤولية الاجتماعية فعليها أن تعلن للمجتمع الذي تعمل فيه عما أسفرت عنه جهودها، وما هي التحسينات التي طرأت على هذا المجتمع بالذات بفعل ممارساتها، وما هي الجوانب التي أخفقت فيها، وأن تعلن كذلك استراتيجيتها المقبلة للنجاح فيما فشلت فيه، وللوصول إلى أهداف جديدة، هكذا يمكن للشركة أن تحظى بدعم المجتمع وتعاطف أفراده، وتعزيز ثقتهم بها.
اقرأ أيضًا:
العدالة الاجتماعية للشركات.. تطور جديد ومنظور متصاعد
دعمًا لـ”جورج فلويد”.. آبل ترعى رواد الأعمال أصحاب البشرة السمراء
الاستدامة المؤسسية.. أهميتها وأبعادها