يتنامى الوعي البيئي في مجتمعاتنا بوتيرة سريعة في عالم اليوم. وأصبحت المزيد من الشركات تدرك ضرورة الاهتمام بالبيئة. ولم تعد فكرة المؤسسة الخضراء للشركة مسألة التزام فحسب، بل أصبحت أيضًا ميزة تنافسية. وعبر السطور القادمة سنوضح كيف يمكن للشركات تطوير صورتها الخضراء، والتداعيات الإيجابية التي يمكن أن تلقي بظلالها على الشركات التي تسير على هذا النهج.
مشاركة المؤسسة في الأنشطة الخضراء
إن إحدى أبسط الطرق وأكثرها وضوحًا لرسم صورة المؤسسة الخضراء للشركة هي المشاركة في الأنشطة الخضراء. وتشمل هذه الأنشطة زراعة الأشجار، وتنظيف الغابات، وزرع مروج الزهور، وتنظيم ورش العمل البيئية.
وتهدف كل مبادرة من المبادرات السابقة إلى حماية البيئة، وتعزيز أنماط الحياة المستدامة. كما تُظهِر الشركات التي تشارك في مثل هذه الأنشطة على أنها مسؤولة، وتهتم بمستقبل الكوكب الذي نحيا جميعًا على ظهره. ولا يجذب هذا الالتزام العملاء المهتمين بالبيئة فحسب. بل يبني أيضًا سمعة إيجابية بين المجتمعات المحلية والموظفين.
زراعة الأشجار
وتعد زراعة الأشجار أحد أكثر أشكال النشاط البيئي شعبية، فالأشجار تشكل عنصرًا أساسيًا في الحفاظ على التوازن البيئي. لأنها تمتص ثاني أكسيد الكربون وتنتج الأكسجين. ويمكن للشركات تنظيم أيام لزراعة الأشجار، بمشاركة موظفيها وعملائها والمجتمعات المحلية.
كما يمكن أن تكون مثل هذه المبادرات فعالة خاصة عند الشراكة مع منظمات، مثل: منظمة One More Tree Foundation. المتخصصة في مشاريع زراعة الأشجار في المناطق الأكثر احتياجًا. ولا شك أن التعاون مع مثل هذه المنظمات لا يسهل العمليات اللوجستية ويزيد من كفاءة الأنشطة فحسب. بل يعزز أيضًا صورة الشركة كمؤسسة خضراء مسؤولة ومنخرطة اجتماعيًا.
تنظيف الغابات
ومن الأمثلة الشائعة على الإجراءات البيئية تنظيف الغابات وغيرها من المناطق الخضراء. حيث يمكن لمثل هذه المبادرات أن تساعد في مكافحة مشكلة القمامة والتدهور البيئي. من خلال تخصيص الشركات أيام محددة للتنظيف، وتشجيع موظفيها على المشاركة بنشاط والاهتمام بنظافة النظم البيئية المحلية.
ولا يقتصر تأثير تنظيف الغابات على التأثير الإيجابي المباشر في البيئة فحسب. بل إنه يمتد ليترك أيضًا تأثيرًا تعليميًا؛ حيث يعمل على رفع الوعي البيئي لدى المشاركين والمجتمعات. ومن الممكن أن يؤدي الانخراط في مثل هذه الأنشطة بالشراكة مع المنظمات البيئية ذات الخبرة. في مثل هذه المشاريع إلى تحقيق فوائد أكبر، وتعزيز الصورة البيئية للشركة كمؤسسة خضراء.
وتعد زراعة المروج المزهرة مبادرة أخرى فعالة تدعم التنوع البيولوجي، وتحسن جودة النظم البيئية. حيث توفر تلك الزهور موطنًا للنحل الذي يؤدي دورًا رئيسًا في تلقيح النباتات. كما يساعد تنظيم حملات زراعة المروج الزهرية في حماية أنواع متنوعة مهمة من الحشرات، وتعزيز ممارسات الزراعة المستدامة.
ويمكن للشركات المشاركة في تلك المبادرات العمل مع المنظمات البيئية المحلية والمزارعين لتحديد المواقع المناسبة لزراعة المروج. وتقديم الدعم الفني والمالي. ومع ذلك، لا تعمل مثل هذه المبادرات على تحسين البيئة فحسب. بل تجذب أيضًا انتباه وسائل الإعلام، وتزيد من ظهور الشركة كقائدة في جهود الاستدامة.
تنفيذ ممارسات الأعمال المستدامة
تستطيع الشركات تطبيق تلك الممارسات التي تعود بفوائد بيئية طويلة الأجل. على سبيل المثال، توفير الطاقة باستخدام تقنيات موفرة للطاقة وأنظمة إدارة الطاقة. مثل: الإضاءة بتقنية LED، أو أنظمة التدفئة والتهوية، وتكيفات الهواء الموفرة للطاقة.
كما أن الاستثمار في المباني المعتمدة وفقًا لمعايير LEED “الريادة في تصميم الطاقة والبيئة” أو غيرها من معايير البناء الأخضر التي تضمن كفاءة الطاقة. وتقلل من البصمة الكربونية يعد خطوة مهمة، ومن الجوانب الأخرى التي لا يمكن إغفالها الحد من استهلاك المياه. من خلال تركيب أنظمة توفير للمياه، مثل: الصنابير والمراحيض منخفضة التدفق، وأنظمة جمع واستخدام مياه الأمطار.
إدارة النفايات وإعادة التدوير
وهي عنصرًا أساسيًا في الصورة الخضراء للشركة. حيث يسهم إدخال أنظمة فصل النفايات بالمكاتب ومرافق الإنتاج في تقليل كمية النفايات التي تذهب إلى مكبات النفايات. كما يساعد في إعادة التدوير، وترويج إعادة التدوير للموظفين والعملاء في تحسين إدارة النفايات. ويعد تقليل استخدام البلاستيك الذي يستخدم مرة واحدة. وترويج المواد القابلة للتحلل البيولوجي أو إعادة التدوير خطوة أخرى نحو الاستدامة.
المنتجات والخدمات الخضراء
يشكل إنشاء وترويج المنتجات والخدمات الخضراء جزءًا مهمًا من الصورة الخضراء؛ حيث أن استخدام المواد الخضراء أو المتجددة أو المعاد تدويرها في الإنتاج، مثل: الملابس المصنوعة من القطن العضوي أو الأدوات الكهربائية ذات الاستهلاك المنخفض للطاقة، يمكن أن يجذب العملاء المهتمين بالبيئة.
كما أن تصميم العبوات القابلة لإعادة التدوير أو إعادة الاستخدام بسهولة؛ ما يقلل من النفايات، أمر مهمًا أيضًا، بالإضافة إلى العمل مع الموردين الذين يلتزمون بمبادئ الاستدامة والحاصلين على شهادات بيئية، والذي يعزز من سلسلة القيمة بأكملها.
دور المؤسسة الخضراء في التعليم والتوعية البيئية
يعد تعزيز التعليم البيئي بين الموظفين وفي المجتمع أمر بالغ الأهمية. كما يعمل التدريب البيئي المنتظم وورش العمل للموظفين على زيادة وعيهم والتزامهم بالأنشطة البيئية، ولا يمكن إغفال تنظيم حملات تثقيفية للعملاء والمجتمع التي تروج لأنماط الحياة المستدامة وحماية البيئة. والتي تشكل أيضًا جزءًا مهمًا من بناء الصورة الخضراء للشركة.
الشهادات والمعايير البيئية
يؤكد الحصول على الشهادات البيئية التزام الشركة بحماية البيئة. كما تؤكد شهادة الأيزو 14001 أن الشركة قد نفذت نظام إدارة بيئية فعال. ومن خلال السعي للحصول على شهادات بيئية أخرى، مثل: “كاربون نيوترال”، أو “فير تريد”. يساعد الشركة في تعزيز التزامها بالممارسات الصديقة للبيئة.
الشفافية والتقارير
تغرس شفافية الأنشطة البيئية التي تؤديها المؤسسة الخضراء الثقة في نفوس المتعاملين معها. ويعد النشر المنتظم للتقارير البيئية التي توثق الأنشطة البيئية لها والأهداف التي حققتها والخطط المستقبلية أمرًا أساسيًا. كما يسهم التواصل المفتوح مع أصحاب المصلحة حول المبادرات والإنجازات الخضراء للشركة في بناء الثقة معهم.
الاستثمار في التكنولوجيا الخضراء والابتكار
يعد الاستثمار في التكنولوجيا الخضراء والابتكار وسيلة لتحقيق النمو الأخضر المستدام، ويعد أيضًا الاستثمار في البحث والتطوير للتكنولوجيات التي تقلل من التأثيرات البيئية السلبية هو أحد هذه الأنشطة، كما يسهم الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، مثل: الألواح الشمسية أو توربينات الرياح، في الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
فوائد الصورة الخضراء للشركات
من المؤكد أنه يمكن للشركات أن تجني الكثير من ثمار بناء صورتها الخضراء. ومن بين هذه الفوائد زيادة ولاء العملاء، الذين يختارون على نحو متزايد المنتجات والخدمات من الشركات التي تهتم بالبيئة. بالإضافة إلى الفوائد الأخرى، مثل: تحسين علاقة الشركات مع المستثمرين. الذين هم أكثر استعدادًا للتعامل مع الشركات المسؤولة اجتماعيًا وبيئيًا. بينما يشعر الموظفون بالانتماء أكثر إلى شركاتهم التي تروج للقيم الخضراء؛ ما يزيد من ارتباطهم بها. وأخيرًا، لا شك أن الصورة الخضراء الإيجابية تميز الشركة عن منافسيها وتجذب عملاء جدد.
خلاصة القول
من المؤكد أنه يمكن للشركات بناء صورتها الخضراء بفاعلية، وجني الكثير من الفوائد خلال المشاركة في الحملات الخضراء. وتنفيذ ممارسات الأعمال المستدامة، وإدارة النفايات، والترويج للمنتجات والخدمات الخضراء. والتعليم البيئي، والحصول على الشهادات، والشفافية بشأن الأنشطة والاستثمار في التقنيات الخضراء.
كما لا يمكن للشركات أن تغفل عن أهمية التعاون مع المنظمات البيئية، مثل: منظمة One More Tree الذي يعزز كل هذه الأنشطة. من خلال إظهار التزام حقيقي بحماية البيئة، ومن ثم لا يعد تطوير الشركة لصورة المؤسسة الخضراء استثمار لها فحسب، ولكنه استثمار في المستقبل سواء للشركة أو للبيئة.
المقال الأصلي: هنا