يمتلئ عالم الشركات الناشئة بالتحديات والعقبات التي قد تؤدي إلى الفشل؛ حيث تشير دراسة حديثة صادرة عن كلية هارفارد للأعمال إلى أن 90% من الشركات الناشئة تفشل تمامًا. هذه النسبة المرتفعة تستدعي الوقوف على أسباب فشل الابتكار داخل هذه الشركات. وتسليط الضوء على العوامل التي تساهم في ذلك المصير المحتوم.
علاوة على ذلك تتنوع أسباب فشل الابتكار في الشركات الناشئة؛ حيث يتصدرها عدم فهم احتياجات السوق. وعدم القدرة على تقديم منتج أو خدمة تلبي هذه الاحتياجات بشكل فاعل. وفي حين أن بعض الشركات الناشئة قد تفشل بسبب نقص التمويل أو سوء الإدارة فإن البعض الآخر يقع ضحية للتنافس الشديد في السوق. أو عدم القدرة على التكيف مع التغيرات السريعة في بيئة الأعمال.
أسباب فشل الابتكار
من ناحية أخرى يرى بعض الخبراء أن أسباب فشل الابتكار في الشركات الناشئة تعود إلى عوامل داخلية. مثل: ضعف ثقافة الابتكار داخل الشركة، أو عدم وجود فريق عمل مؤهل قادر على تحويل الأفكار إلى واقع ملموس.
كذلك قد تؤدي العقلية المتحجرة لبعض المديرين دورًا في إعاقة عملية الابتكار؛ حيث يفضلون التمسك بالطرق التقليدية في العمل. ويرفضون تبني أفكار جديدة أو تجريب حلول مبتكرة.
وبينما تواجه الشركات الناشئة تحديات كبيرة في مجال الابتكار. فإن هناك بعض الخطوات التي يمكنها اتخاذها لزيادة فرص نجاحها. على سبيل المثال: يتعين على الشركات الناشئة أن تولي اهتمامًا كبيرًا بفهم احتياجات السوق. وتسعى جاهدة لتقديم منتجات أو خدمات مبتكرة تلبي هذه الاحتياجات بشكلٍ فاعل.
كما ينبغي عليها بناء ثقافة تنظيمية تشجع على الابتكار. وأن تستثمر في تطوير مهارات فريق العمل، وتمكينه من تحويل الأفكار إلى واقع ملموس.
أخطاء التنفيذ القاتلة للابتكارات
ثمة مجموعة من الحقائق الصارخة التي تشير إلى أن غالبية الأفكار المبتكرة لا تفشل بسبب رداءتها أو عدم جدواها. بل يعود السبب الرئيسي وراء إخفاقها إلى سوء التنفيذ.
فكم من فكرة عظيمة بقيت حبيسة الأدراج أو طواها النسيان لعدم قدرة أصحابها على تحويلها إلى واقع ملموس. وكم من مشروع مبتكر تعثر في منتصف الطريق أو انتهى إلى الفشل الذريع نتيجة أخطاء في التنفيذ.
1. تجاهل حاجة السوق:
إن من أبرز الأخطاء التي يرتكبها المبتكرون هو التركيز على حل مشكلة لا يهتم بها أحد أو لا تمثل أولوية بالنسبة للجمهور المستهدف. فإذا لم يكن هناك ألم حقيقي يشعر به المستهلكون أو حاجة ملحة يسعون إلى تلبيتها. فمن المؤكد أنهم لن يدفعوا مقابل الحل الذي تقدمه، مهما كان مبتكرًا أو متطورًا.
ولتجنب هذا المطب ينصح الخبراء بضرورة إجراء دراسة متأنية للسوق المستهدف والتحقق من وجود حاجة حقيقية للمنتج أو الخدمة التي يتم تطويرها. ويمكن تحقيق ذلك من خلال التحدث إلى 10+ مستخدمين محتملين وطرح أسئلة مفتوحة عليهم حول أكبر الإحباطات التي يواجهونها في مجال معين.
2. هوس الكمال:
لا شك أن السعي إلى الكمال في كل مرحلة من مراحل تطوير المنتج أو الخدمة يمكن أن يسبب تأخير إطلاقها إلى السوق. وبالتالي تفويت فرصة ذهبية لتحقيق النجاح. ففي عالم الأعمال المتسارع غالبًا ما يكون السبق الزمني عاملًا حاسمًا في تحقيق الميزة التنافسية.
ولهذا السبب ينصح المبتكرون بالتخلي عن هوس الكمال والتركيز بدلًا من ذلك على إطلاق نسخة أولية من المنتج أو الخدمة في أقرب وقت ممكن. ثم جمع ردود الفعل من المستخدمين والعمل على تحسينها وتطويرها بشكل تدريجي.
3. إهمال التسويق:
بالتأكيد تجاهل أهمية التسويق والترويج للمنتج أو الخدمة يؤدي إلى فشل الابتكار، حتى لو كان يتمتع بجودة عالية ويلبي حاجة حقيقية في السوق. فإذا لم يكن الجمهور المستهدف على علم بوجود هذا المنتج أو الخدمة. فمن المؤكد أنه لن يقبل على شرائها.
لذلك ينصح المبتكرون بوضع خطة تسويقية محكمة تتضمن استخدام مختلف القنوات المتاحة للوصول إلى الجمهور المستهدف. مثل: وسائل التواصل الاجتماعي والإعلانات المدفوعة والعلاقات العامة.
4. غياب الدعم الداخلي:
لا يخفى على أحد منا أن عدم وجود دعم من المستثمرين أو فريق العمل يمكن أن يحول دون تحقيق النجاح للابتكار، حتى لو كان يتمتع بإمكانيات كبيرة. فالدعم المالي والمعنوي من هؤلاء الأطراف يعد ضروريًا لتوفير الموارد اللازمة لتطوير المنتج أو الخدمة وتسويقها.
لذا ينصح المبتكرون بالعمل على كسب ثقة المستثمرين وأفراد فريق العمل. من خلال تقديم عرض مقنع للفكرة وتسليط الضوء على الفوائد التي يمكن أن تعود عليهم من خلال دعمهم لهذا المشروع.
5. فقدان الزخم:
يُعد فقدان الزخم من الأخطاء الشائعة التي تواجه المبتكرين. فالفكرة الرائعة التي لا تجد طريقها إلى التنفيذ تبقى مجرد حلم بعيد المنال. ولكي تتحول الفكرة إلى واقع ملموس ينبغي على المبتكر أن يضع خطة عمل واضحة المعالم. ويلتزم بتنفيذها بشكلٍ تدريجي.
ومن أهم الخطوات التي يمكن اتخاذها للحفاظ على الزخم هو تحديد مواعيد نهائية لتسجيل الوصول الأسبوعي. وتقسيم المشروع إلى 3 معالم رئيسية، وتحديد المسؤوليات وتوزيعها على أفراد الفريق.
6. الخوف من الفشل:
بالطبع يعد الخوف من الفشل من أكبر العوائق أمام تحقيق النجاح في مجال الابتكار. فالكثير من المبتكرين يخشون المخاطرة ويترددون في اتخاذ خطوات جريئة. ما يسبب ضياع فرص ذهبية لتحقيق النجاح.
ولكي يتغلب المبتكر على هذا الخوف ينبغي عليه أن ينظر إلى حالات الفشل كبيانات قيّمة يمكن الاستفادة منها في تطوير وتحسين المنتج أو الخدمة. كما ينصح بتخصيص ميزانية صغيرة للاختبار 500 دولار و30 يومًا -على سبيل المثال- بهدف جمع المعلومات والتعلم من الأخطاء.
7. توقع النجاح الفوري:
إن توقع النجاح الفوري وهم يقتل الابتكار، فمعظم الاختراعات والاكتشافات العظيمة استغرقت وقتًا طويلًا وجهدًا مضنيًا قبل أن تحقق النجاح المنشود. لذا على المبتكر أن يتحلى بالصبر والمثابرة ويدرك أن التعديلات الصغيرة والتراكمية تحقق مكاسب كبيرة على المدى الطويل.
وينصح الخبراء بإعطاء المشروع فترة زمنية كافية (6-12 شهرًا على الأقل) قبل الحكم عليه. مع التركيز على تتبع الإشارات المبكرة للنجاح بدلًا من التركيز فقط على الإيرادات.
فشل الابتكار في الشركات الناشئة
في النهاية يمكن القول إن فشل الابتكار في الشركات الناشئة ليس قدرًا محتومًا. بل هو نتيجة طبيعية لمجموعة من العوامل المتداخلة التي يمكن تجنبها أو التخفيف من آثارها.
فمن خلال الفهم العميق لاحتياجات السوق، والقدرة على تقديم منتجات أو خدمات مبتكرة تلبي هذه الاحتياجات. وبناء ثقافة تنظيمية تشجع على الابتكار، والاستثمار في تطوير مهارات فريق العمل. تتغلب الشركات الناشئة على التحديات وتزيد من فرص نجاحها في عالم الأعمال.