تُمثّل الكوارث الطبيعية أحد أهم مصادر الأخطار التي تهدد دول العالم، سواء النامية أو المتقدمة، خاصةً في ظل تحديات التغيرات المناخية، التي يخلط كثيرون بينها وبين الاحتباس الحراري بافتراض أنهما يدلان على نفس المعنى، لكنَّ الاحتباس الحراري يشير إلى ارتفاع درجة الحرارة قرب سطح الأرض، بينما يشير التغير المناخي إلى تغيرات طبقات الغلاف الجوي؛ كدرجة الحرارة، وهطول الأمطار، وغيرها ممن يتم قياسها على فترات طويلة قد تمتد لعقود.
وعلى الرغم من إنشاء العديد من الدول، أنظمة مختلفة- كالإنذار المبكر، وتأسيس مراكز بحثية لإدارة الكوارث- فإن ذلك لم يحد من تداعياتها؛ فهناك كوارث لا مفر من وقوعها، تتطلب من الدول إيجاد وسائل وطرق للتكيف معها، والحد من آثارها.
وهناك تأثيرات جمة للكوارث الطبيعية التي تتعرض لها الدول؛ كالتأثيرات الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة، أو التأثيرات الاجتماعية والبشرية؛ مثل وقوع قتلى وجرحى وتأثيرات سياسية، قد لا تقتصر آثارها على الدولة فقط، بل تمتد إلى الدول المجاورة أيضًا؛ كالآثار البيئية التي ترتبت على حرائق غابات الأمازون؛ حيث تجاوزت البرازيل، وامتدت إلى الدول المجاورة؛ إذ نتج عنها ملوثات كبيرة وسامة؛ كغاز ثاني أكسيد الكربون، وأول أكسيد الكربون، وأكاسيد النيتروجين والمركبات العضوية في الغلاف الجوي؛ ما أضر بالأمن البيئي المحلي والإقليمي والعالمي.
إن الاستغلال الخاطيء للموارد الطبيعية عبر الأنشطة البشرية المختلف، بات يهدد الأرض على مستويات عديدة، أبرزها انقراض بعض الحيوانات والنباتات؛ بسبب التطور العمراني السريع والتدهور البيئي؛ فذلك يحدث في ظل عدم وجود هيكليات لحوكمة مخاطر الأزمات والكوارث الطبيعية، التي من بينها تغير المناخ؛ ما يعني عدم وجود اتفاق على عملية استخدام وإنتاج وتوزيع الموارد بين البشر.
كل هذه العوامل تؤدي إلى إفشال عمليات التنمية، وازدياد حالات الفقر المدقع؛ ما يؤدي بدوره إلى تزايد هشاشة وضعف الدول وعدم قدرتها على تأمين الخدمات الرئيسة؛ وبالتالي تفاقم النزاعات والصراعات المسلحة حول العالم هذا من جانب.
ومن جانب آخر، فإن مسؤولية البشر لا تقتصر على الاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة فحسب، بل تشمل التنمية العشوائية التي لا تأخذ في الاعتبار جهود إدارة الأزمات والمخاطر أيضًا؛ ما يؤدي إلى ارتفاع درجة المخاطر على الأنشطة الاقتصادية والسكان والتجمعات البشرية بوجه عام.
وعند حدوث أزمة غير متوقعة في دولة ما، فقد تمتد تأثيراتها لدول العالم المختلفة في ظل العولمة؛ ما يعني تأثر الاقتصاد العالمي، خاصةً إذا كانت تلك الدولة من الدول الكبرى المؤثرة في الاقتصاد العالمي؛ مثل الصين، التي تأثرت بسبب فيروس كورونا المستجد، الذي أدى انتشاره السريع وتركزه في مدينة “ووهان” إلى حالة من الهلع العالمي، انعكست آثارها وتداعياتها سريعًا على أسواق المال العالمية، فتكبدت خسائر فاقت المليارات، كما مُنيت أسواق النفط بخسائر كبيرة لانخفاض سعر النفط؛ بسبب حالة القلق العالمي الذي سيطر على المتعاملين بسبب تأثير كورونا؛ فتراجع الطلب على النفط.
ومع تكرار الأزمات والكوارث التي تتعرض لها الدولة، يتراكم لديها خبرات ومهارات تُمكنها من التعامل مع الأزمة بشكل أكثر احترافية، وبطرق مبتكرة ومن منظور مختلف أيضًا، وهو ما اتضح في طريقة تعامل الصين مع ” كورونا المستجد ” التي كان لها خبرة سابقة في التعامل مع فيروس مماثل؛ وهو “سارس”؛ ما ساعدها على إدارة الأزمة بطريقة مختلفة هذه المرة.
لقد تعلمت الصين من أخطاء الماضي؛ فاتخذت الإجراءات اللازمة لمواجهة انتشار الفيروس بعزل ” ووهان “؛ بؤرة الفيروس، وحصرت الأعداد المصابة وأعلنت عنها بشفافية، ووفرت لها العلاج اللازم والفرق الطبية المدربة؛ ما جعلها تسيطر سريعًا على الأزمة مما يؤهلها لتحسين صورتها على مستوى دول العالم؛ وهو ما يرجع إلى علم إدارة الأزمات.
إن للأسلوب المتبع في علم إدارة الأزمات، أهمية كبيرة في تحقيق الفاعلية والكفاءة في إدارة هذه المخاطر، مع وجود رؤية واضحة وخطط وتنسيق داخل مختلف القطاعات؛ لذلك ينبغي تعزيز إدارة الأزمات بغرض التخفيف والوقاية والتعافي وإعادة التأهيل؛ ما يعزز من التعاون والشراكة بين الآليات والمؤسسات التي تتولى تنفيذ الأنشطة والتدابير ذات الصلة؛ للحد من الأزمات والكوارث، وتحقيق التنمية المستدامة.
اقرأ أيضًا: