من العسير موضعة كتاب Delivering Happiness؛ فهو ليس كتابًا في التخطيط الاستراتيجي أو التطوير الإداري، ولا هو مندرج أيضًا ضمن كتب التنمية البشرية والمساعدة الذاتية، وإن كان مؤلفه Tony Hsieh شغوفًا بهذا المجال، إلا أنه يمكن اعتباره كتاب سيرة ذاتية.
لكن شرط أن نفهم أن السرد هنا ليس ذاتيًا؛ فمؤلف كتاب Delivering Happiness عمد إلى بيان تجاربه، واستنتجاته الشخصية وإنما من خلال تجاربه في العمل، وفي تأسيس العديد من الشركات.
إذًا نحن إزاء مؤلف يعرض لنا خلاصة أفكاره وتجاربه، وهذا معناه أن أفكاره نابعة عن تجربة، أو أن التجربة كانت هي وعاء أفكاره ومصدرها الأول، دون أن ينفي هذا إمكانية الأخذ منه والرد عليه؛ فلئن كانت التجربة واقعة ثابتة فإن استنتاج الأفكار منها ستكون نسبية.
اقرأ أيضًا: كتاب First Break All the Rules.. كيف ينجح القادة باختلافهم؟
الأمل ليس خطة جيدة
ومن ضمن الاستنتاجات الكبرى والأساسية التي خَلُص إليها مؤلف كتاب Delivering Happiness أن «الأمل ليس خطة جيدة»، يبدو هذا الكلام مستغربًا في كتاب يتحدث عن السعادة، لكن المؤلف يذهب إلى أن السعادة سعي حثيث، عملي وممنهج، وليست عبارة عن آمال وطموحات.
فلو أنك رغبت في أن تكون سعيدًا _وهدف مؤلف كتاب Delivering Happiness أبعد من هذا في الواقع، وسنأتي على بيان ذلك في حينه_ فلا يكفي أن تأمل أو تطمح إلى ذلك، وإنما يجب أن تضع خطتك الخاصة للسعادة.
غير أن المؤلف توصل إلى فهم معنى السعادة في خاتمة المطاف، وقد يجسر المرء على أن ذلك جاء مصادفة؛ إذ هو قد تجشم عناء الكثير من التجارب التجارية (وربما الشخصية) قبل أن يتوصل إلى فهم معنى الحياة وأهمية الثراء، وكيفية النجاح في العمل.
اقرأ أيضًا: كتاب The Courage Habit.. كيف تتحدى الخوف؟
تعميم مبدأ السعادة
إحدى الأفكار الأساسية التي يطرحها مؤلف كتاب Delivering Happiness أن السعادة ليست مقتصرة على مجال دون غيره، وإنما يمكن للمرء أن يكون سعيدًا في المجالات المخلتفة.
أضف إلى ذلك أن المؤلف يبتغي؛ من خلال هذا الكتاب وعبر ورش العمل والندوات التي نظمها من قبل، سحب السعادة التي تحققت في العمل إلى الحياة الشخصية بشكل عام.
ومن هذا الطرح يأتي عنوان كتاب Delivering Happiness؛ إذ يسعى المؤلف إلى تقديم عصارة أفكاره، التي توصل هو نفسه من خلالها إلى أن يكون سعيدًا، إلى بقية الناس، وأن يأخذ بأيديهم إلى تجربة نمط عيش مختلف.
اقرأ أيضًا: كتاب 12 Months to $1 Million.. ماذا تتطلب لعبة الريادة؟
السعادة لا تبدأ من المال
عندما تمكن المؤلف من بيع شركته الأولى بمبالغ مالية كبيرة سأل نفسه: لماذا بعت الشركة التي كنت أستمتع بها ومن العمل فيها؟
هنا أدرك أن السعادة ليست مرتهنة بالمال، ولا تبدأ منه، بل يمكن القول إن المؤلف عانى، بعدما أصبح ثريًا جراء بيع شركته، من «أزمة في المعنى».
فهو راح يستقصي معنى الحياة، والهدف من العمل والثراء وما إلى ذلك. صحيح أنه لم يتوقف عند الشركة التي باعها، وإنما أسس شركات أخرى نجحت _حتى وإن تعثرت في الكثير من الأزمات_ نجاحًا أكثر من الشركة الأولى، ولعل أنجح شركاته هي شركة زابوس.
اقرأ أيضًا: كتاب Built to Last.. كيف تدوم الشركات؟
أطر كتاب Delivering Happiness
ينهض كتاب Delivering Happiness، أو قل إن السعادة في العمل بحسب المؤلف، على ثلاثة أطر أو محاور أساسية هي: الأول يمنح الموظفين السيطرة على حياتهم المهنية، والثاني يبني العلاقات مع العملاء؛ عبر الخدمة والاتصال، أما الثالث فيعمل على توفير متعة السعي وراء المهنة و”الهدف الأسمى”، ذاك الهدف الأسمى الذي يكون غاية الأشياء؛ أي ليس الثراء في حد ذاته، ولا النجاح في العمل، وإنما الغاية من كل هذا والهدف النهائي (الأسمى) منه.
ولا ينسى مؤلف كتاب Delivering Happiness _الذي رأى من قبل أن «الأمل ليس خطة جيدة»_ أن يشدد على أهمية عدم تقبل الوضع الراهن؛ إذ يقول:
«لا تقبل الوضع الراهن أبدًا أو تشعر بالراحة تجاهه؛ لأن الشركات التي تواجه مشاكل هي تاريخيًا تلك التي لم تكن قادرة على التكيف مع التغيير والاستجابة بسرعة كافية».
وهو ينادي بأمرين: لا تتقبل الواقع ولا تستسلم له، وفي الوقت نفسه عليك أن تحتضن التغيير، فإن لم تفعل فلن تعرف للسعادة معنى ولا طريقًا.
اقرأ أيضًا:
كتاب The Gifts of Imperfection.. التمرد على متلازمة الحياة المثالية
كتاب Dare To Inspire.. كيف تجعل الإلهام مستدامًا؟
كتاب The Hard Thing About Hard Things.. معاناة رواد الأعمال