قيادة وريادة وطنياً وعالمياً
الجوهرة بنت تركي العطيشان
إن ما تحقّق من إنجازات في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- في كل مجالات الحياة يؤكّد الروح القيادية التي يتّسم بها، والتي من أهم سماتها شمولية النظرة، والرؤية المستقبلية الثاقبة، التي لا تترك شيئاً للمصادفة، وإنما تأتي الخطوات جميعها مرسومةً وممنهجةً ومتجهةً نحو الهدف بأقصر الطرق.
إن خادم الحرمين الشريفين -أيّده الله- وضع خريطة طريق واضحة من خلال مصفوفة من القرارات الملكية السامية التي أصدرها، والتي تتّسم بشموليتها، وامتدادها، وقدرتها على بعث روح التنمية الشاملة والبناء في مختلف الميادين في البلاد على الرغم من استثنائية الظروف التي واجهتها المملكة والعالم، وأبرزها الأزمة الاقتصادية العالمية الطاحنة، التي تجاوزتها المملكة -بحمد الله- برشد القيادة، وحسن استقرائها وتحليلها الأوضاع، واتخاذها التدابير والإجراءات التي نأت بالمملكة عن تأثيرات هذه الأزمة.
إن رؤية خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- بشموليتها تحيط بالأبعاد الدولية والإسلامية والعربية، وتنطلق من الدور القيادي للمملكة، الذي يتطلب منها أن تكون في موقع الريادة حضارياً، وثقافياً، وسياسياً، واقتصادياً؛ لذا كان توجّهه -حفظه الله- إلى المضيّ في التحديث والإصلاح لإقامة ركائز دولة عصرية تعيش حاضرها أخذاً وعطاءً، وترنو نحو مستقبل أكثر ازدهاراً، وأينع ثماراً، مع التمسّك بقوةٍ بثوابتها وقيمها الحضارية الراسخة.
ومن أهم ملامح السنوات الثمانية الماضية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- ترسيخ قيمة الحوار أساساً لبناء الثقة، وترسيخ الوعي، فكان الحوار الوطني الواسع على مستوى المملكة، وحوار الأديان والحضارات على مستوى العالم؛ لبناء جسور التفاهم والتعاون من أجل مصلحة الإنسانية على اختلاف الثقافات والمعتقدات، كما كان الاهتمام بالتعليم في كلّ مراحله؛ إيماناً بأنه أساس بناء الأمم والشعوب الوثّابة إلى التحضّر والتقدّم، إلى جانب السعي إلى امتلاك أدوات العصر، ومن أهمها التقنية، وقد تمثّل ذلك في تأسيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية.
وحرص المليك -حفظه الله- على أن يأخذ الشباب موقعه في بناء الوطن؛ فكان التركيز في توطين الوظائف، وتهيئة وسائل الارتقاء بقدراته من خلال التدريب والتأهيل، كما كان الاهتمام بتفعيل دور المرأة السعودية في الحياة السياسية، ودفع حركة التنمية، مع الارتقاء بالخدمات البيئية والصحية، وتوسيع قاعدة المستشفيات، والارتقاء بتأهيلها، والاهتمام برفع مستوى معيشة المواطنين، وضمان الحياة الكريمة لهم، وإلى جانب ذلك كان السعي الحثيث إلى أن تكون الشفافية عنواناً لعهده؛ فتلمّس -رعاه الله- كلّ السبل التي تشيع النزاهة، وتكافح الفساد.
نعم، هذه ملامح عهد زاهر تعيشه المملكة، ويلمسه كلّ منصف، وهو ما أكسب خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- محبة شعبه، والتفافه حول قيادته الرشيدة، وتقدير العالم وتثمينه الدور الرائد الذي تؤديه المملكة في ترسيخ القيم الإنسانية التي بها يشيع السلام، وتنطفئ نيران الحروب، وتنتفي أسباب الدمار.