إن الحديث عن كيفية دمج المسؤولية الاجتماعية وصهرها والأعمال التجارية في بوتقة واحدة يُعد دليلًا على حدوث نقلة براديجمية (paradigm) في هذا الصدد؛ فبدلًا من الحديث عن جدوى الأدوار الاجتماعية للشركات صرنا نتحدث الآن عن كيفية أداء الشركات لهذه الأدوار.
ولا شك في أن الشركات التي تفكر في دمج المسؤولية الاجتماعية في نطاق عملها هي ذاتها التي أدركت، بشكل لا لبس فيه، أن لهذه الأدوار الاجتماعية جدوى اقتصادية أيضًا، ما يعني أن هذه الشركات بعيدة النظر ترغب في استدامة أعمالها عن طريق ما تقدمه من خدمات اجتماعية، كما أنها، وفي الوقت ذاته، ملتزمة أخلاقيًا تجاه المجتمعات المحلية التي تعمل فيها.
ويرصد «رواد الأعمال»، فيما يلي، أهم الخطوات التي يمكن من خلالها دمج المسؤولية الاجتماعية في نطاق الأعمال وذلك على النحو التالي:
اقرأ أيضًا: التنمية الاقتصادية المستدامة.. فلسفة الحلول الوسط
إرساء وملاءمة القيم
إذا أردت جعل المسؤولية الاجتماعية للشركات جزءًا من ثقافة شركتك فعليك أن تضع في اعتبارك إرساء مجموعة من القيم التي تدعم ذلك، وتوليد نوع من الشعور بمدى عمق العلاقة التي تفسر سبب تحمل الشركة للمسؤولية الاجتماعية وما تقتضيه من أدوار.
ولهذا الأمر ميزة جانبية مهمة، فربما يكون أحد موظفيك أو بعضهم مهتمًا بمثل هذه القضايا التي تسعى إلى دمجها ضمن نطاق عمل شركتك، وبالتالي سيكون هذا حافزًا إضافيًا لهم للعمل معك في هذا المجال.
وهناك الكثير من القيم التي يمكن لشركتك أن تألو على نفسها الاهتمام بها مثل: الصحة، والتعليم، والتنوع، وعدالة التوزيع، وتكافؤ الفرص.. إلخ.
تحديد المهارات
بعد أن حددت، في الخطوة السابقة، القيم التي ستدافع عنها شركتك، والتي ستلعب دورًا في المجتمع من خلالها، حان الوقت لتعرف ما هي المهارات اللازم توافرها لديك أو لدى أعضاء فريقك؛ كي تتمكن من أداء الدور المجتمعي الذي أخذته على عاتقك على النحو الأفضل.
ليس الأمر مستحيلًا، إذًا، وحتى إذا لم تكن تمتلك بعض تلك المهارات فيمكنك تعلمها، وتعليمها لفريقك أيضًا الذي سينخرط معك في هذا المجال.
اقرأ أيضًا: المسؤولية الاجتماعية.. الملاذ الآمن لنجاحك وقت الأزمات
تحديد المشاريع المحتملة
لن تستطيع شركة بمفردها خدمة المجتمع من كل الجوانب؛ فهناك الكثير من المشكلات التي تستلزم حلولًا، والقضايا العالقة التي يجب أن يتصدى لها أحد/ منظمة ما، ولمّا كان من المستحيل أداء شركة بمفردها لكل شيء، كان لزامًا على كل شركة من الشركات التي تبغي دمج المسؤولية في أعمالها ونشاطاتها المختلفة أن تختار مشروعًا وتركز عليه.
ومن هذه المشروعات التي يمكن التركيز عليها نذكر ما يلي: بناء منازل، التشجير وبناء الحدائق، التطوع في برامج التعليم ما بعد وقت الدراسة للمحتاجين، تدريب القوى العاملة ورفع كفاءتها.. إلخ.
اختيار الآلية المناسبة
من هذه المشروعات المحتملة السابقة لا بد أنك تخيرت واحدًا منها على الأقل، وستصب عليه كل تركيز شركتك؛ ففي الأخير يجب أن تحقق نجاحًا في هذا الصدد؛ فمن شأن هذا تحقيق نفع مزدوج للشركة والمجتمع على حد سواء.
لكن من المهم أن تعرف الطريقة المناسبة لتنفيذ هذا المشروع الذي وقع عليه اختيارك، ربما تحتاج أن تجرب أكثر من طريقة، لكن لا بأس في هذا طالما أنه سيوصلك في النهاية إلى الطريق القويم.
اقرأ أيضًا: مفاتيح النجاح في المسؤولية الاجتماعية للشركات
بدء التنفيذ
منطقيًا تلك هي خطوة التنفيذ، فلم يبق إلا أن تطبق ما تخطط له منذ فترة، لكن المهم في هذا الصدد أن تعمد إلى السير الحثيث، بمعنى أنه لا يجب عليك أن تتعجل، وإنما أن تسير بشكل منهجي وليس شرطًا أن يكون سريعًا، المهم أن تواصل السير في طريق دمج المسؤولية الاجتماعية في نطاق عملك.
اقرأ أيضًا:
الاستدامة المؤسسية.. أهميتها وأبعادها
العدالة الاجتماعية للشركات.. تطور جديد ومنظور متصاعد