دائرة التكيف، أو ” coping cycle ” هي عملية نفسية طبيعية. يمر بها الأفراد عند مواجهة المواقف الصعبة أو المؤلمة أو التغيرات الكبيرة في حياتهم.
وتمثل دائرة التكيف سلسلة من الاستجابات التي تساعد الفرد في التعامل والتكيف مع الضغوط. وهي عملية تحول تضم خمس مراحل متميزة.
كما أن التعرف على هذه المراحل والاستجابة لها أمر ضروري لمعرفة طرق التعامل معها. حيث إن فشل ذلك يؤدي بدوره إلى فشل هذا التغيير. وبالطبع لا يحدث تغيير عقول الناس ومشاعرهم بين عشية وضحاها.
لذلك نوضح في “رواد الأعمال” مراحل دائرة التكيف أو “coping cycle”وفقًا لكتاب “تعديل دورة التكيف للكاتب كولين كارنال”.
مراحل دائرة التكيف:
تتكون دورة التكيف بشكل عام من عدة مراحل. ولكنها قد تختلف من شخص لآخر ومن موقف لآخر. إليك بعض المراحل الشائعة:
المرحلة الأولى: الإنكار ضمن دورة التكيف
إن المرحلة الأولى من دائرة التكيف هي الإنكار؛ وهذا يعني أن الناس ينكرون الحاجة إلى التغيير أو حدوث التغيير. كما أنهم لا يريدون رؤية الضروريات بل يرغبون في الحفاظ على الأمور كما هي.
وفي هذه المرحلة من المهم أن يتم توضيح ضرورة التغيير بطريقة واضحة وملموسة حتى يشعر الناس بها.
ونظرًا لأننا نتعامل مع المشاعر هنا فإن مجرد المزيد من الشرح لن يكون كافيًا عادةً. وبالتالي فان التوضيح عن طريق الأمثلة الحية يكون أفضل في هذه الحالة.
المرحلة الثانية: الدفاع
خلال هذه المرحلة يبدأ الناس في قبول الواقع ويرون أنك جاد بشأن التغيير. لكنهم قد يقاومون بنشاط ويدافعون عن طريقتهم القديمة في العمل. لكنهم في نهاية الأمر يكونون قريبين من الوصول إلى الحقيقة الواقعية.
وبالنسبة لك هذه مرحلة المثابرة. إنها ليست المرحلة الأكثر لطافة. ولكن تحتاج إلى المرور بها لتحقيق التغيير.
في حين أنه من المهم عدم أخذ الأمور على نحو شخصي، ولكن إدراك أن الناس يدافعون عن وضعهم الحالي.
المرحلة الثالثة: التخلص
وفي مرحلة ما ضمن مراحل دورة التكيف. يتخلى الناس عن ردود أفعالهم الدفاعية ويقبلون أن التغيير أمر حتمي.
وفي حين أنهم لا يتفقون أو يحبونه لكنهم يقبلون تغير الأمور. إذ إن هذه فترة “بينية” يفقد فيها الناس الثقة ويشعرون بعدم اليقين.
وتتمثل مهمتك الرئيسية في عدم فعل أي شيء: بل امنح الناس الوقت لتقبل الأمر في هدوء.
المرحلة الرابعة: التكيف
تركز هذه المرحلة على المستقبل وتحقيق التغيير. من ناحية، يوفر ذلك طاقة إيجابية، وحتى الثقة المفرطة أو التفاؤل المفرط إذا نجح شيء ما.
ولكن إذا لم تنجح الأمور فقد يؤدي ذلك إلى الإحباط. كما يمكنه أن يسبب الغضب. الذي يؤثر في مسار حياة الشخصية بشكل ملحوظ خلال الممارسات اليومية الروتينية.
بينما تتمثل مهمتك الرئيسية في إدارة عملية التغيير بنشاط والحفاظ على مستويات الطاقة مرتفعة؛ نظرًا لأن هذه هي المرحلة التي يجب فيها تنفيذ التغييرات الرئيسية.
المرحلة الخامسة: التأصيل
تعيد هذه المرحلة كل شيء إلى “الوضع الطبيعي الجديد”. كما يجد الناس مكانهم في المنظمة المتغيرة مختلف تمامًا عما كانوا عليه سابقًا.
كما تصبح الأمور لديهم أكثر هدوءًا، وقد يشعرون بالفخر والسعادة بالتغييرات التي مروا بها ولكن بعد فترة زمنية متباينة. وتتمثل مهمتك هنا في التأكد من أنهم لا يبدأون في الشعور بالراحة والثقة المفرطة؛ إذ إن هناك دائمًا تغييرًا قادمًا، وتريد أن يكون أكثر سلاسة من التغيير الأخير.
عوامل تؤثر في دورة التكيف:
- شخصية الفرد: تختلف استجابات الأفراد للضغوط بناءً على شخصياتهم وقوتهم النفسية. كما يمثّل العامل النفسي للمواقف السابقة التي مرّ بها الشخص دافع قوي ايضا.
- طبيعة الموقف: بينما تختلف شدة ودورة التكيف بناءً على طبيعة الموقف ومدى تأثيره في حياة الفرد. كما أن هذا الموقف برتبط أيضًا بالبيئة المحيطة بالفرد وقت حدوث الموقف.
- الدعم الاجتماعي: الدعم من الأصدقاء والعائلة يمكن أن يساعد الفرد في التكيف بشكل أفضل. كما أن دعم الأصدقاء له الأثر الأكبر حتى على المدى الطويل بعد أن يظن الفرد أنه تعافى من تأثير الموقف.
- مهارات التكيف: وجود مهارات التكيف مثل حل المشكلات وإدارة الوقت يمكن أن يقلل من تأثير الضغط.
أهمية فهم دورة التكيف
- الوعي الذاتي: يساعد الفرد في فهم ردود أفعاله وسبب حدوثها. كما يساهم في إمكانية تحليل الموقف بشكل منطقي وعقلاني.
- التعاطف مع الآخرين: يساهم في فهم ردود أفعال الآخرين في مواجهة الصعوبات. كما يعزز رد الفعل اللحظي ليتناسب مع الموقف.
تطوير استراتيجيات التكيف: يساعد في تطوير استراتيجيات فعالة للتعامل مع الضغوط. كما يبني شخصية قادرة على امتصاص الأزمات والتعامل معها.
كيفية دعم شخص يمر بدورة التكيف:
- الاستماع: استمع إلى الشخص بانتباه دون الحكم عليه وإظهار أعلى درجات الانتباه لكلامه.
- تعاطف: كما يجب إظهار تعاطفك مع مشاعره وتضامنك العاطفي معه حتى إذا لم تكن موافقًا بالكامل على تصرفه.
- التشجيع: شجعه على التعبير عن مشاعره. كما يمكن ممارسة نشاطات اجتماعية من شأنها استخراج المشاعر الخاصة به.
- تقديم الدعم: يجب أن تقدم له الدعم العملي والعاطفي الذي يحتاجه. في حين يمكنك المساهمة في الحفاظ على صحته النفسية.
- التحفيز: شجعه على البحث عن حلول إيجابية.
وفي نهاية الأمر يمكن تلخيص دورة التكيّف، أو “coping cycle” في أنها دائرة محكمة تشمل مزيجًا من الصبر والمثابرة.
كما أنها تعد مراحل طبيعية يمر بها الفرد، والاندفاع من خلالها أو محاولة تخطيها عادةً لا يعمل ولن يكون مفيدًا.