هل لاحظت أن عبارة “الضرب من تحت الحزام” لا تعني غالبًا ما يعتقده الشخص العادي بمعناها؟؟.. إنّها تضليل، وخدعة يمارسها مديرو خدمة العملاء.
يشير ” الضرب من تحت الحزام ” إلى مصطلح قديم لصندوق الملاكمة؛ حيث يقوم الملاكم ذو اللباس الأحمر بإنزال ذراعه اليمنى، ويتركها مفتوحة ليوهم خصمه ذا اللباس الأزرق فيتقدم صوبه بحماس، مستغلًا هذه الفرصة، لكن يغيب عنه أن الذراع اليسرى في حالة استعداد لتنقض عليه، متجاهلًا التحذيرات وينطلق للأمام لتحقيق فوز سهل ، لكن يفاجأ أن خصمه يرديه أرضًا، تاركًا خصمه يضربه من تحت الحزام.
ويبدو أن مديري خدمة العملاء يستخدمون هذه الأسلوب مع زبائنهم، فبدلًا من أن يساعدوا عملاءهم، يقومون بضربهم من تحت الحزام.
لقد استرجعت تلك الأوقات، عندما كنت في محل بقالة أقول لمكتب خدمة العملاء إن الغلاء فاحش عندهم ، فشرحت لهم طريقة احتساب استرداد المبلغ كما توقعته، لكنهم فاجأوني بحساب مختلف، فذهب أحدهم يبحث عن مدير المحل، فانتظرت لأرى رجلين منهم يتحدثان لعدة دقائق، عندما دنت مني مديرة المحل لتسألني : ” كيف أساعدك؟”
هي بالفعل تعلم هذا، فما هو الشئ الآخر الذي يتحدثا عنه الرجلان؟ إنها لم تساعدني، بل ألقت علي محاضرة في سياسة الشركة، وقامت بتوبيخي لعدم استماعي لكل كلمة تقولها.
فلماذا إذن كنت تتظاهرين بمساعدتي؟ ولماذا نطقت بمثل هذه الكلمات المضلّلة؟
أبرزت القسيمة ( كوبون الشراء) في المطعم، فرفض الخادم احترام شروط الخدمة؛ فطلبت التحدث إلى المدير، وفي غضون دقائق اقترب رجل عبوس من طاولتنا وقال: ” كيف يمكنني مساعدتك؟”
بالتأكيد، لم يأتِ لمساعدتنا على الإطلاق؛ لأنه لم يعرّفنا بنفسه، ولم يحاول حتى أن يكون ودودًا معنا، بل إنه رفض أيضًا أن يراعي القسيمة المتعلقة بحق امتياز المطعم، واشتكى من مانح حق الامتياز.
للأسف لم يأتِ لمساعدتنا، فلماذا إذًا يفتتح حديثه بتلك العبارة المضللة؟!
اتصلت لاستفسر عن فاتورة الجوال، وبعد حديثي مع الممثل الأولي للشركة، أظهرت عدم امتناني لرده. فحولني إلى شخص آخر يمكنه أن يساعدني، وانتظرت عدة دقائق ، حتى جاء وقال لي:” “كيف يمكنني مساعدتك؟”
أجبته: ” أنت تعرف مسبقًا ما أريده”؛ فكان رده السريع: “لتخبرني بما تستطيع القيام به” ، وكرر الحديث عن سياسة الشركة. كان في حديثه أقل وُدًا من الممثل الأول. من الواضح أنه يعرف مسبقًا ماذا أريد، ولم يكن بحاجة لأن أشرح له ثانية. وكانت ردوده على أسئلتي: إما “أنا لا..”،أو “لا يُسمح لي”، أو “لن..”. إنه لم يساعدني كما أشار. وفي النهاية، لم يساعدني أحد.
لماذا يسأل موظفو “خدمة العملاء”، العميل: ” كيف يمكنني مساعدتك؟”
قد لا تعني لهم تلك العبارة شيئًا، فقد تدربوا على ترديدها كالببغاء ، من دون فهم المعنى وتحليله.
مثل موظف الخدمة الذي يقول:” أتمنى لكم يومًا سعيدًا”، يقولها بلا حرارة أو عن اقتناع، وربما يكون كالمحاسب الذي سألني:” هل وجدت كل ما كنت تبحث عنه؟”، فأجبت مرة ” كلا”. وتابعت حديثي معه وسألته:” ما الذي كنت أبحث عنه ؟” فرمقني بنظرة كما لو كنت أبرص!. لم يبذل مجهودًا لمساعدتي، بل تمتم بعبارات من هذا القبيل: ” ربما في المرة القادمة” طبعًا، والآن تمرست على تجاهل هذا السؤال في ذلك المحل وكنت أتمتم بشئ ما في ردي.
قد يعتقد موظفو خدمة العملاء أنهم يساعدون العميل بحديثهم عن سياسة الشركة، وقد يعتقدون أنّ شكوى العميل ترجع إلى عدم معرفته بسياسة الشركة، وأنه بمجرد أن يعرفها سيشعر بالمساعدة وعندها يغتبط.
قد يشجع مديرو خدمات العملاء على معالجة شكاوي العملاء الذين هم كالبراغيث المزعجة، وقد يتم تقييمهم أو ترقيتهم بناءً على قدرتهم على تقليل حجم شكاوي العملاء الرسمية. قم باصطحابهم معك بطريقك، وحينئذٍ لن تبقى الشكاوي رسمية، سيكون الجواب على الحد من حجم شكاوي العملاء، هو العمل بأسلوب “الضرب من تحت الحزام”.
كيف يمكنني مساعدتك؟ هه – هه ! واحصل على مغفلك!!