إذا فهمنا السبب الكامن وراء بزوغ مفهوم ريادة الأعمال فسيكون بإمكاننا الوقوف على ماهية تأثير المنشآت الصغيرة والمتوسطة في النمو الاقتصادي؛ إذ إن ميلاد هذا النموذج الاقتصادي الاجتماعي (ريادة الأعمال) كان نتاج أزمة كبرى عانت منها الأنساق الاقتصادية السابقة، الاشتراكية والرأسمالية على حد سواء.
لكن الرأسمالية كانت ذكية _وهي كذلك على الدوام_ وحاولت القفز على المشكلة واجتراح نسق اقتصادي جديد هو ريادة الأعمال، بإمكانه معالجة الأعطاب التي سببتها ماكينة الإنتاج الرأسمالية الجبارة من ناحية، كما يحل الكثير من مشكلات وفرة الإنتاج التي تسم هذا القرن، وطالما أن ريادة الأعمال كانت ميلاد أزمة اقتصادية واجتماعية ما فمن السهل جدًا أن نقف على تأثير المنشآت الصغيرة والمتوسطة في معدلات النمو الاقتصادي.
اقرأ أيضًا: نصائح تاداشي ياناي لرواد الأعمال.. كبسولة ريادية لتحقيق النجاح
تأثير المنشآت الصغيرة والمتوسطة في النمو الاقتصادي
تمثل المنشآت الصغيرة والمتوسطة الرسمية وغير الرسمية، حسب تقرير شركة “جي وورلد”، أكثر من 90% من مجمل عدد المنشآت في العديد من البلدان.
وتمثّل العمالة في المنشآت البالغة الصغر والصغيرة بجانب العاملين لحسابهم الخاص نحو 70.2 من إجمالي العمالة في العالم و50% من الناتج المحلي الإجمالي في بلدان منظمة التعاون والتنمية بالميدان الاقتصادي.
ولك أن تعلم، فوق هذا، أن مشروعات رواد الأعمال تسهم في أمريكا بأكثر من 50% من إجمالي اقتصادها القومي، و60% في الصين، و70% في هونج كونج.
وبحسب الدراسة التي أعدها بنك HSBC فإن رواد الأعمال في الشرق الأوسط والصين وهونج كونج يعينون 100 موظف، ويحققون إيرادات تزيد قيمتها على 10 ملايين دولار، وتمثل هذه الأرقام ضعف النتائج التي تحققها المشاريع المماثلة في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا تقريبًا.
ووجد تقرير صادر عن معهد السياسات التقدمي لعام 2017 أن نمو الوظائف في القطاع الخاص أعلى بشكل ملحوظ في المناطق الاقتصادية التي يكون فيها نشاط الشركات الناشئة مرتفعًا.
ووجد تقرير صدر عام 2017 عن مركز الدراسات الاقتصادية في مكتب الإحصاء الأمريكي أن شركات الإنتاج عالية النمو تقدم مساهمات قوية في نمو الإنتاج.
وكان تقرير شركة “جي ورلد”، الذي أشرنا إليه سابقًا، قد تطرق إلى مساهمة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر في القيمة المضافة للاقتصاد ونسبة العمالة للدول على حسب تصنيف الدخل للدول في عام 2019، وتوصل إلى النتائج المبينة في الجدول التالي.
اقرأ أيضًا: 6 أخطاء يجب تجنبها عند بيع النشاط التجاري
توفير الوظائف
أظهرت دراسة أجراها “هانز ويستلوند” وفريقه أن الشركات الناشئة هي تطور رئيسي يؤثر في التوظيف والنمو السكاني، كما أن لهذه الأعمال المبنية حديثًا تأثيرًا إيجابيًا في مستويات متعددة مثل التعليم والخدمات الصحية والبناء وغير ذلك الكثير.
ولئن كانت المنشآت الصغيرة والمتوسطة صغيرة من حيث الحجم، فهي تلعب دورًا مهمًا في النمو الاقتصادي؛ لأنها توفر المزيد من فرص العمل.
ويمكن لشركة ناشئة أن توفر وظائف، في العام الواحد، أضعاف أضعاف ما توفره شركة عملاقة عمرها عشرات السنوات.
ففي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مثلًا يمكننا أن نلحظ جليًا تأثير المنشآت الصغيرة والمتوسطة المهم في توفر الوظائف، وقد ضمّن تقرير “جي ورلد” هذه المسألة في تقريره، وتوصل إلى النتائج المبينة بالجدول التالي.
اقرأ أيضًا: كل ما تريد معرفته قبل إتمام عملية بيع النشاط التجاري
ما بعد الآثار الاقتصادية
والحق أن تأثير المنشآت الصغيرة والمتوسطة لا يقتصر على توفير الوظائف فحسب بل إن هذا الأثر متعدٍ، يكفي فقط أن تعلم لهذا المنحى الريادي يؤثر إيجابيًا حتى في مستوى جودة حياة الأفراد، والدفع بهم قدمًا إلى ارتياد مناطق جديدة.
فضلًا عن أن هذا التوجه الريادي يعمل على فتح آفاق جديدة، ومطلات مختلفة في الفكر والحياة عمومًا. بل يمكن القول، دون كبير مجازفة، إن ريادة الأعمال هي النمط الاقتصادي الذي من شأنه أن يجعل الإنسان سيد مصيره.
اقرأ أيضًا:
نصائح جاكلين مارس لرواد الأعمال.. إرشادات تدفعك للقمة
أقوى 5 سيدات صنعن علامات تجارية في الشرق الأوسط
نصائح برنارد أرنو لرواد الأعمال.. فرصتك للانطلاق نحو العالم الريادي