سواء كنا نتحدث عن المسؤولية الاجتماعية للجامعات السعودية أو الجامعات بشكل عام فإن المؤكد أن هذا الدور الاجتماعي للمؤسسات والقلاع البحثية إنما يطال الكثير من الجوانب؛ إذ لم تعد الجامعة مسؤولة عن التعليم فحسب.
وإنما تعمل المسؤولية الاجتماعية للجامعات على إحداث حالة من الانزياح من البحث إلى المجتمع، لا يعني هذا بطبيعة الحال إهمال العملية البحثية لصالح المجتمع، وإنما على العكس؛ إذ يتم تكييف هذه البحوث لتكون أكثر قيمة من الناحية الاجتماعية؛ كيما يمكن تعظيم الاستفادة منها.
وعلى كل حال فإن المسؤولية الاجتماعية للجامعات مفهوم أوسع وأشمل من مجرد خدمة المجتمع، وإنما يقع هذا الدور الاجتماعي على عاتق مؤسسات التعليم العالي بشكل خاص؛ استنادًا الى جملة من المبادئ والقيم، انطلاقًا من دورها الاجتماعي في التعليم والأبحاث العلمية والشراكة الاجتماعية وإدارة المؤسسات.
اقرأ أيضًا: أنماط الحوكمة.. المفاهيم والأبعاد
القيادة الرشيدة والجامعات
حظي قطاع التعليم في المملكة العربية السعودية، على مدى السنوات الست الماضية، باهتمام كبير ودعم من الحكومة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين؛ حيث أتاحت كل الإمكانيات من أجل تقديم أجيال جديدة لديها القدرة على التعامل مع التطورات التي يشهدها العالم يومًا تلو الآخر، وتأهيل الشباب من أبناء الوطن لتلبية احتياجات سوق العمل داخليًا وخارجيًا.
ويأتي ذلك انطلاقًا من إيمان الحكومة بدور المنظومة التعليمية في النهوض بالمجتمعات والتأهب لتحديات المستقبل، وتنمية شباب واعٍ، وكوادر مُطلعة على أهم أسس الفكر الإبداعي في إطار رؤية المملكة 2030.
وهذا التوجه يؤكد، من دون شك، إيمان القيادة الرشيدة وإدراكها الجازم بأهمية المسؤولية الاجتماعية للجامعات؛ فالمنطق أنه لا يمكن صنع مجتمع واع، أو إعداد جيل مستعد للمستقبل وتحدياته من دون التشديد على أهمية وقيمة المسؤولية الاجتماعية للجامعات.
ومما يُظهر وعي هذه المؤسسات بأهمية المسؤولية الاجتماعية للجامعات كونها تعمل على منح الطلاب والطالبات من أبناء المملكة فرصة للنجاح والقدرة على الابتكار وزيادة المهارات العليا وتحسين نوعية الحياة والتصدي للتحديات الاجتماعية والعالمية الرئيسية.
وإنما يتم ذلك عن طريق مجموعة من البرامج التعليمية المتنوعة التي تهدف إلى إعدادهم لقطاعات اقتصادية مختلفة، ومساعدتهم في البقاء والتقدم بسوق العمل لفترة طويلة، بالإضافة إلى البرامج التي تحدث فرقًا كبيرًا في نتائج سوق العمل؛ لمواكبة التغيرات التي يشهدها الاقتصاد العالمي يومًا بعد آخر.
اقرأ أيضًا: المسؤولية الاجتماعية للشركات الصناعية.. ما أهميتها؟
المسؤولية الاجتماعية للجامعات السعودية
تُعتبر المسؤولية الاجتماعية للجامعات توجهًا رئيسيًا من التوجهات/ أو المهام الملقاة على عاتق هذه الجامعات والتي تتمثل في: التعليم والبحث والشراكة المجتمعية أو المسؤولية الاجتماعية، والتي يرتكز دورها تجاه فئات المجتمع المختلفة: طلاب ومنسوبي تلك الجامعات وأفراد المجتمع.
ويتم تطبيق المسؤولية الاجتماعية للجامعات من خلال البرامج الدراسية، ودراسات وأبحاث وجهود أعضاء هيئة التدريس والطلاب والموظفين فيها، فضلًا عن الجهود المباشرة في دعم وتبني البرامج المجتمعية، وترسيخ الشراكات الاستراتيجية مع القطاعات المجتمعية المختلفة.
وقد عملت العديد من هذه المؤسسات -في إطار الالتزام بمقتضيات المسؤولية الاجتماعية للجامعات- على وضع أطر تنظيمية ومؤسسية لجهودها في مجال خدمة المجتمع وتحقيق ممارسات المسؤولية المجتمعية، سواء من خلال الإدارة العليا للجامعة، أو الكليات والمعاهد والعمادات المساندة؛ حيث أنشأت الكثير من الجامعات وكالات متخصصة لخدمة المجتمع وتعزيز المسؤولية المجتمعية.
وبعض هذه الجامعات أنشأ عمادات لخدمة المجتمع والتعليم المستمر، إضافة إلى وحدات ومراكز لخدمة المجتمع داخل الكليات وغيرها من الوحدات التنظيمية الهادفة إلى ترسيخ علاقة الجامعات بالمجتمع المحيط بها، ومن ثم التشديد على أهمية المسؤولية الاجتماعية للجامعات.
اقرأ أيضًا: كيف تبدأ مشروعك صديق البيئة؟
البحث والمجتمع
وتتجلى المسؤولية الاجتماعية للجامعات في بُعد مهم آخر وهو البُعد البحثي؛ إذ على الجامعة أن تنخرط في القضايا المجتمعية؛ وذلك من خلال التعامل مع قضايا البطالة، والمياه، والطاقة وغيرها من القضايا الحيوية التي تتطلب جهودًا متكاتفة وتنسيقًا بين الوزارات المعنية والجامعات.
بيد أن المسؤولية الاجتماعية للجامعات لا تتوقف عند هذا الحد وإنما يجب على الجامعات أن تبحث في التحديات المحلية والعالمية؛ مثل: البطالة والتصحر والتغير المناخي، والفقر، والصحة وشح المياه والطاقة البديلة.. وغيرها من القضايا الكبرى ذات الأهمية القصوى، وليس فقط بقبول وتخريج الطلاب، أو نشر أبحاث حاصة بالترقية أو ما شابه ذلك من أدوار تقليدية.
اقرأ أيضًا: الاستثمار في المشاريع صديقة البيئة.. أرباح ومزايا
الجامعة والمجتمع
لا يمكن الحديث عن المسؤولية الاجتماعية للجامعات من دون الإشارة إلى علاقة هذه المؤسسات البحثية بالمجتمع؛ إذ تُعَدُ الجامعات مركز إشعاع حضاري لأيّ مجتمع من المجتمعات، فالجامعة من المؤسسات الاجتماعية التي تُؤَثِر وتتأثر بالمناخ الاجتماعي المحيط بها، فهي من صنع المجتمع من ناحية، ومن ناحية أخرى هي أداته في صنع قيادته الفنية والمهنية والسياسية والفكرية.
وتنهض الجامعة بالعديد من الأدوار المهمة في خدمة المجتمع والتي تتحدّد في وظائف عديدة مثل: إعداد الموارد البشرية، واجراء البحوث العملية، والمساهمة في عملية التنشئة الاجتماعية، ونقل الثقافة، وحتى العمل على صياغة وتشكيل وعي الطلاب، وتناول قضايا ومشكلات المجتمع والعمل على خدمته وتنميته.
إن صلب المسؤولية الاجتماعية للجامعات يتجلى في الالتزام بالمسائل المتصلة بالعدالة، المصداقية، الالتزام، العدالة الاجتماعية، التنمية المستدامة، حرية وكرامة الفرد، احترام التنوع الثقافي، تعزيز واحترام حقوق الإنسان والمسؤولية المواطنية.
اقرأ أيضًا:
كتب المسؤولية الاجتماعية.. قضايا القرن الـ 21
حوكمة المعلومات.. تعريفها وأهميتها
مميزات إعادة التدوير.. سبل الحفاظ على البيئة
إدارة التطوع.. ماهيتها وأهميتها
أضرار عدم التزام الشركات بالأنظمة البيئية.. أساليب تُعطل نشاطك