المسؤولية الاجتماعية الداخلية هي أحد شطري العمل الاجتماعي الذي يمكن أن تقوم به أي مؤسسة من المؤسسات؛ فإما أن تتوجه المؤسسة بأنشطتها ومبادراتها إلى الخارج، إلى المجتمع، أو تعود أدراجها إلى بيتها الداخلي فتعني بموظفيها، وتوليهم ما يستحقون من رعاية واهتمام.
وطالما أننا نقيم هذه النمذجة فأحرى بنا أن نشير إلى أن المسؤولية الاجتماعية الخارجية للشركات تشمل ثلاث قضايا رئيسية وهي: العمل الخيري، والعمل التطوعي، وحماية البيئة، في حين أن جوهر المسؤولية الاجتماعية الداخلية للشركات يشمل الموظفين وعلاقة التوظيف.
وعلى ذلك فإن القضايا الرئيسية في المسؤولية الداخلية للشركات هي تلك المتعلقة بحقوق الإنسان، وظروف العمل الجسدية والنفسية، وعلاقة العمل، والتنمية البشرية وغيرها.
والحق أننا لسنا هنا بصدد بيان أهمية المسؤولية الاجتماعية الداخلية للشركات _فذاك مجال القول فيه مهيع متسع_ غير أنه يكفينا الإشارة إلى أنها توفر قيمة كبرى للمنظمات؛ لأنها تعزز تفاني الموظفين والتزامهم، وتزيد من مدى تحفيزهم ومشاركتهم وولائهم، وكلها أظهرت ارتباطًا إيجابيًا بأداء الشركة.
اقرأ أيضًا: 3 كتب عن المسؤولية الاجتماعية.. دليلك لممارسة جادة
الإبداع التنظيمي
لكن المسؤولية الاجتماعية الداخلية للشركات هي انعكاس، أو بالأحرى هي ذات تأثير كبير في العديد من العمليات داخل الشركات، أبرزها الإبداع التنظيمي.
فمن بين النتائج المحتملة لتطبيق المسؤولية الاجتماعية الداخلية للشركات تم اعتبار أن الإبداع التنظيمي؛ الذي يتضمن إبداع الموظف وبيئة العمل الإبداعية، يؤثر بشكل إيجابي في أداء الشركة.
ولضمان تحقيق عمليات الإبداع والابتكار لنتائج لا ينبغي فقط إشراك المتخصصين في البحث والتطوير، ولكن أيضًا إشراك الموظفين الآخرين، الأمر الذي قد يتطلب المزيد من ممارسات المسؤولية الاجتماعية الداخلية للشركات، بل يمكن المجازفة بالقول إن الشركات التي تعمد إلى تطبيق هذا النوع من المسؤولية الاجتماعية لن تبذل كبير جهد في التنظيم وخلافه؛ إذ سيأخذ الموظفون المسارات المرجوة من تلقاء أنفسهم.
فهم مرتبطون بالشركة على نحو وثيق، وإنما يتأتى ارتباطهم ذلك من ممارسات المسؤولية الاجتماعية الداخلية التي تنهض بها هذه الشركة نفسها؛ أي يمكن القول إنه نوع من رد الجميل، فكما أن أفراد المجتمع يردون الجميل للشركات التي تلعب أدورًا إيجابية فيه؛ عن طريق الإقبال على منتجاتها أو الولاء لها، فإن الموظفين يفعلون الأمر ذاته ولكن عن طريق المزيد من الانتماء للشركة، والانصياع لقوانينها وما إلى ذلك.
اقرأ أيضًا: 7 استراتيجيات لإعداد خطة المسؤولية الاجتماعية للشركات خلال جائحة كورونا
المسؤولية الاجتماعية الداخلية والموارد البشرية
طالما قررنا أن دور المسؤولية الاجتماعية الداخلية للشركات أو هدفها الأول هو الموظفون فما هو دور إدارة الموارد البشرية؟ أو بالأحرى ما هي تلك العلاقة الرابطة بين المسؤولية الاجتماعية الداخلية للشركات وإدارة الموارد البشرية؟
يمكن الدفع بأن المسؤولية الاجتماعية الداخلية للشركات تشترك مع إدارة الموارد البشرية أحيانًا في أهداف مشتركة، واهتمام مشترك، خاصة فيما يتعلق بممارسات التوظيف وكيفياته، كما أن المسؤولية الاجتماعية الداخلية للشركات تعمل، بطريقة ما، كأحد أنشطة إدارة الموارد البشرية الأساسية، وتعتبر استراتيجية فعالة لتشجيع رضا الموظفين، والالتزام والمشاركة العاطفية للموظفين، وأنشطة تبادل المعرفة.
وعلى هذا يمكن القول إن المسؤولية الاجتماعية الداخلية للشركات تساعد في إنجاح إدارة الموارد البشرية، وإيصالها إلى أهدافها ومساعيها، فضلًا عن أن هذا النوع من ممارسة المسؤولية الاجتماعية يعد هو الإطار المرجعي العام الذي يضبط إيقاع المؤسسة ككل.
وباختصار يمكن القول إن المسؤولية الاجتماعية الداخلية للشركات هي نوع من إدارة الموارد البشرية المسؤولة.
اقرأ أيضًا: تطبيق المسؤولية الاجتماعية.. عوائق وتحديات
الالتزام العاطفي
وإن كان لنا أن نتحدث عن إيجابيات ومحاسن تطبيق وممارسة المسؤولية الاجتماعية الداخلية للشركات فأجدر بنا الإشارة إلى أن أهمية نتيجة من نتائجها وهي تلك المتعلقة بتعزيز الالتزام العاطفي لدى الموظفين.
وذلك أمر منطقي إن لم يكن بديهيًا أيضًا؛ إذ ينصب تركيز المسؤولية الاجتماعية الداخلية للشركات على الموظفين، ويهدف إلى مساعدتهم في الحصول على بيئة عمل جيدة، وتطوير المزيد من الفرص التي تساعد في نموهم وارتقائهم، ومن ثم فمن غير المنطقي ألا يشعر هؤلاء الموظفون بنوع من الارتباط العاطفي بينهم وبين الشركة التي تنتهج هذا النهج.
ومن بين ثلاثة أنواع من الالتزام التنظيمي، وهي: الالتزام العاطفي، والالتزام المعياري، والالتزام المستمر، يبدو أن الالتزام العاطفي هو الأكثر فائدة للمنظمات؛ لأنه يمكن أن ينشط حب الموظفين ورغبتهم في المساهمة بالمنظمات.
ومن نافل القول إن الموظفين الذين يعملون في شركة ذات ممارسات داخلية أفضل للمسؤولية الاجتماعية للشركات من المرجح أن يُظهروا مساهمة إيجابية في تطوير مؤسستهم؛ إذ يبدو أنه رد فعل طبيعي للموظفين عندما تكون لديهم مشاعر الرغبة والحب والالتزام بأهداف الشركة، ووفقًا لذلك تؤثر ممارسات المسؤولية الاجتماعية الداخلية للشركات في الحالات العاطفية للموظفين.
وكلما كان الموظفون ينظرون إلى المنظمة بشكل أفضل زاد شعورهم بالارتباط ورغبتهم في المساهمة بنجاحها.
اقرأ أيضًا:
- المسؤولية البيئية للشركات.. التزام قانوني ودوافع أخلاقية
- قواعد المسؤولية الاجتماعية للشركات.. إطار مرجعي لممارسات جمة
- الاقتصاد الدائري للكربون وتعزيز الاستدامة
- مجالات المسؤولية الاجتماعية.. منهج جديد للتصنيف
- القيادة الأخلاقية والمسؤولية الاجتماعية للشركات