لعل التحول الأبرز الذي يمكن ملاحظته على صعيد النسق الاقتصادي العالمي هو التوجه إلى نمط جديد من العمل وهو العمل الحر، وإنشاء نموذج مختلف من الاقتصاد، يلعب فيه رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الناشئة الدور الأساسي.
وما من شك أن هناك أزمات جمة هي التي قادت إلى هذا التحول، سواءً تمثلت هذه الأزمات في البطالة، أو شح المواد والرغبة في استحداث مشاريع تنهض على فكرة المسؤولية الاجتماعية، وتتخذ من التنمية المستدامة أساسًا لها.
ولكن ليست الأزمات وحدها هي التي تقود إلى تعزيز فكرة العمل الحر وريادة الأعمال؛ فثمة كثير من المكاسب والفرص التي ينطوي عليها هذا النموذج الجديد من العمل، وبالتالي يمكن القول إن الرغبة في زيادة إنتاجية الموظفين، ومنحهم في الوقت ذاته ساعات أكثر من أسرهم وعائلاتهم هي التي عززت الذهاب إلى نموذج العمل الحر.
اقرأ أيضًا: ما هي الطريقة المضمونة لكسب المال؟
طوق نجاة الاقتصادات الوطنية
والحق أن العمل الحر وريادة الأعمال بشكل عام ليست ذات فائدة فردية فحسب، بمعنى أن فوائدها لا تعود على القائمين عليها وحدهم، وإنما يلعب رواد الأعمال، من حيث الأصل، دورًا اجتماعيًا إيجابيًا؛ من خلال توفير فرص عمل جديدة، وتقليص نسب البطالة، وتأهيل الشباب لتحديات المستقبل.
والأهم من ذلك أن العمل يعد طوق نجاة للاقتصادات الوطنية خلال الأزمات المعقدة، صحيح طبعًا أنه ليس بمقدور المشاريع الصغيرة والمتوسطة إلغاء مفعول الأزمات الكبرى وإبطاله كليًا -فكّر في أزمة كورونا على سبيل المثال- ولكنها مع ذلك قادرة على الحد من غلواء هذه الأزمات والتقليل من آثارها.
اقرأ أيضًا: كيف تنجح في مشروعك الأول؟.. استراتيجيات ريادية لا تفوتك
توفير الفرص وتنمية الشباب
جميعنا يعلم أن نموذج دولة الرفاه الاجتماعي قد ولى من دون رجعة، وأمسى أحد مخلفات العصر القديم، ومن ثم تخلت الدول في جزء كبير منها عن فكرة توظيف الشباب في القطاع العام وما إلى ذلك، لكن الدول الأكثر ذكاءً والواعية بتحديات المستقبل، كالمملكة العربية السعودية مثلًا، راحت تعمل على صعيد مغاير.
وهو ذاك الصعيد المتعلق بإعداد الشباب للمستقبل، فراحت تعمل على تأسيس وجامعات مخصصة حصرًا لتدريس ريادة الأعمال، وتدريب وتأهيل الشباب، وغرس ثقافة العمل الحر لديهم، وتحويل اهتمامهم من مجرد الحصول على وظيفة أو انتظارها إلى إنشاء هذه الوظائف ذاتها؛ من خلال العمل الحر وتأسيس المشاريع الريادية.
اقرأ أيضًا: