يذكر جون سي ماكسويل؛ أحد أشهر المفكرين والكتاب في القيادة- في كتابه الشهير” 21 قانونًا لا تقبل الجدل في القيادة”- عدة قوانين استراتيجية، يهمني منها قانون الحدس والتأثير لعلاقته بصناعة صف ثانٍ من القادة ممن نحتاج إليهم في صناعة التحول والتغيير داخل المنظمة؛ وذلك لتحقيق رؤيتها وأهدافها الاستراتيجية.
ويعني قانون الحدس؛ قدرة القائد على قراءة ما يحدث حوله من مواقف أو اتجاهات، وقدرته على التأثير في الآخرين؛ في سلوكياتهم ومهاراتهم وأدائهم؛ حتى في بعض الأحيان مستوى ثقافتهم واطلاعهم على المواقف التي من حولهم.
وقد انطلقت رؤية المملكة 2030 ببرامجها ومبادراتها؛ إذ تمحورت مرتكزاتها الأساسية على “اقتصاد مزدهر، ووطن طموح”؛ ما يوضح أهمية اعتمادها على سواعد أبنائها، وليس الموارد الطبيعية فحسب؛ أي أهمية بناء رأس مال بشري وطني، يساهم في تنفيذ المبادرات والمشروعات الاستراتيجية، والتي أهمها برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية والمكلفة بتنفيذه وزارة الخدمة المدنية.
وما يبعث على التفاؤل بمخرجات هذا البرنامج الطموح، التحول التدريجي في إدارات شؤون الموظفين وإدارات الموارد البشرية، واستحداث إدارات وأدلة استرشادية للمواهب، والتعاقب الوظيفي، والسلامة في بيئة العمل، وإطارات الجدارة، والارتقاء بالأداء الحكومي كاحد أهم مدخلات تحقيق رؤية 2030 والتي يعكس تنفيذها استحداث مكاتب بالوزارات لتحقيقها؛ لتعمل بكل نشاط ومرونة، علاوة على تطوير أداء القطاع الخاص من حيث ساعات العمل، وبيئة العمل، والمزايا المالية.
ولكن لا أفهم سبب عدم تبني سياسيات وإجراءات واضحة لاختبار واكتشاف القادة، وتمكينهم من خلال مقاييس ومعايير واضحة، ناهيك عن اقتصار المفاضلة بالترقيات والمناصب القيادية على تقويم الأداء والأقدمية بالمؤسسات، دون النظر إلى البرامج التدريبية والتطويرية للمرشح؛ ما يؤدي إلى عزوف الموظف عن تطوير ذاته بالدورات التدريبية المختلفة ، سواء التي يقدمها معهد الإدارة كذراع تنفيذية للجهات الحكومية أو مراكز التدريب المعتمدة من المؤسسة العامة للتعليم الفني والتقني.
والأهم من ذلك كله، أنه من المتعارف عليه أن القيادة سلوك مكتسب وليس فطريًا، فأغلبية الشباب يحتاجون إلى برامج تطويرية وتدريبية، تساعدهم في اكتساب مهارات القائد؛ من أجل بناء صف ثانٍ من القادة يمكنه تنفيذ المشاريع والمبادرات بدلًا من الاعتماد على الشركات الاستشارية غير الوطنية التي تكلف الوزارات مبالغ طائلة، ولا تقدم كفاءات غير متوفرة لدى شبابنا.
خلاصة القول: “القائد هو من يكتشف القائد، ويصنعه، ويؤثر فيه، ويلهمه”.