مشاريع الشباب في انتظار الدعم
العربية للابتكارات: نحظى بمساندة جميع الجهات الداعمة للبحث العلمي في مصر
تحقيق- نيروز طلعت:
وسط هذا العدد الكبير من الحلول الابتكارية يصطف شبابنا المبدع على قائمة الانتظار، أملا في أن يمد لهم مستثمر يده إيمانا بتجارب جديدة ومتفردة تحمل الخير للوطن وتدفع عجلة النهوض بالبلاد، وبين الأمل وانتظاره يتساءل الشباب عن الأسباب الحقيقية وراء عزوف المستثمرين عن مشاريعهم، فالأخير في حاجة حقيقية لمحتضن يعمل على إخراجها للنور ودعمها بشتى السبل؛ ما يسهم في حل المشكلات التي تواجه مصر في مجالات عديدة مثل البيئة والزراعة والإسكان وأزمة الطاقة.
أفكار جديدة.. وحلول أكيدة
قال المهندس شريف الشقري، باحث في مجال رواد الأعمال: إن سخر أبحاثه للوصول إلى حلول جذرية من أجل تحويل النفايات إلى وقود حيوي بأسلوب علمي قليل التكلفة، ورغم أن تحويل النفايات العضوية إلى وقود حيوي بالطريقة المتبعة بالفعل يكلف مبالغ طائلة، إلا أنه استطاع التوصل إلى هذه النتيجة بطريقة أقل تكلفة، مضيفا أنه تقدم بورقة عمل لهذه الفكرة من قبل الفريق التنفيذي لمركز تكنولوجيا الوقود الحيوي بكلية الهندسة جامعة حلوان.
وتابع الشقري: أبرز المشكلات التي تعاني منها الدولة ويحاول مشروعي القضاء عليها تتمثل في أن الكهرباء لا تصل إلى مناطق عدة؛ بسبب نقص الوقود اللازم لمحطات التوليد، وكذا هناك أطنان من المخلفات المنزلية والزراعية في الطرق؛ فضلا عن مشكله تراكم العوادم والغازات الضارة.
وعن كيفية تطبيق الفكرة واستثمارها، يقول: من الممكن أن تولي الجهات المعنية بالبيئة جزءا من ميزانياتها لتلك المشاريع التي تساعد على خلق حلول عملية لهذه المشكلات مجتمعة، كما أن المستثمرين من جهة أخرى يريدون ناتجا نهائيا دون الأخذ في الاعتبار أنه من الممكن تطوير هذه الفكرة؛ لضمان الربح.
في السياق نفسه أكد المهندس مصطفى عصمت، باحث ومؤسس نظام “Build Green” للبناء الخفيف الذي يتغلب على مشكلات البناء والإسكان، أن فكرته قائمة على بناء منزل من كتلة واحدة ذاتيا دون عمال، الأمر الذي يساعد في حل أزمة مواد البناء، موضحا أن الدولة والمستثمرين يحتاجون عند البناء إلى تعيين المساحة وإعداد التصميمات اللازمة وجس التربة للأحمال ومكوناتها، ومن ثم البدء في حفر الأساسات وعملية البناء مستخدمين مواد تسليح وخلطات أسمنتية وبعدها وضع الأعمدة وتكوين الأسقف ويلي ذلك بناء الحوائط، وهو ما يحتاج إلى أيدي عاملة ومعدات رفع ونقل من وإلى مكان المبني، ولكن نظام المباني سابقة التجهيز تقلل من كل هذه الخطوات وتصلح لجميع الأغراض.
صنع في مصر.. حلم على الأبواب
من جانبه أضاف المهندس أحمد عبده، باحث ومبتكر، أنه من الممكن البدء في تصنيع مواد القيمة المضافة مثل قطع الغيار والأجزاء البسيطة في مصر بدلا من استيرادها من الخارج، موضحا أن هناك حربا تحول دون انطلاق الصناعات المصرية؛ لأن ذلك يضر بمصلحة المستثمرين؛ ونظرا للفجوة بين القطاع الخاص والحكومة ففرص الصناعة المحلية ما زالت تحتاج مشكلاتها إلى حلول من الطرفين.
فيما ترى الدكتورة هادية حمدي، مدير مركز ريادة الأعمال في الجامعة الألمانية، أن المستثمر يطمح إلى عائد كبير وفكرة مكتملة، بينما يركز المخترع على الفكرة دون بحث احتياجات السوق، مطالبة المخترعين والمبتكرين بوضع فريق للبحث والتطوير ليجد الطريق للوصول إلى السوق.
وأضافت أن هناك محاولات بسيطة مثل صندوق التنمية الاجتماعية، ولكن المنهجية تساعد أعدادا بسيطة ولا تقدم استثمارا عاليا، لافتة إلى أن نسبة 2% من إجمالي الناتج المحلي لا يخرج في شكل دعم مالي، ولكن في الحقيقة يمثل رواتب الموظفين.
أما الباحث محمد جاب الله، أكد أن المبتكر يقف في حلقة والمستثمر يقف في حلقة أخرى، وأنه يجب على كل مبتكر الوصول إلى نتيجة ملموسة ومدروسة ومبهرة تتيح الوصول إلى المستثمر.
سيمفونية موحدة يسمع صداها العالم
علي نحو ذي صلة، أوضح سيد إسماعيل، رئيس الشبكة العربية للابتكارات وريادة الأعمال، أن عدم وجود مكان موحد يجمع الطرفين المبتكر والمستثمر يؤدي إلى فقدان التواصل؛ لذا أسسنا الشبكة العربية للابتكارات لتكون منصة لتجميع المبتكرين ورواد الأعمال وعرض أفكارهم ومشاريعهم، وفي الوقت نفسه يوجد على هذه المنصة المؤسسات الحاضنة والداعمة وشركات رأس المال المخاطر والمستثمرين والباحثين عن فرص، ويتم عمل التلاقي بين الأطراف، وهذا ما كان ينقصنا من زمن بعيد.
وأضاف بقوله: يعيبنا في مصر أن كلا منا يعزف بشكل منفرد، من خلال ندوة هنا ومؤتمر هناك، ومبادرة لجهة وأخرى لجهة مغايرة، دون تنسيق لعزف سيمفونية موحدة يسمع صداها العالم؛ لذا بادرنا بهذه المنصة ونأمل أن نحظى بمساندة جميع الجهات الداعمة للبحث العلمي والابتكار في مصر، وأيضا القطاع الخاص الذي سيسهم بشكل كبير ويساند تحويل هذه الابتكارات والاختراعات لمنتجات اقتصادية تعود على البلد بالنفع الكبير.
مجمعات صناعية للمشاريع الصغيرة
بينما أشار المهندس محمد أيمن قرة، رئيس مجلس إدارة مجموعة “كونسو قرة”، إلى أن هناك جهودا جيدة تتم لدعم ريادة الأعمال في مصر، متمثلة في جهات تمويل كبرى مثل الصندوق الاجتماعي للتنمية، إضافة إلى جهات ومؤسسات دولية ومحلية وحاضنات أعمال تقدم الدعم الفني والتوجيه، مؤكدا أن مبدأ العمل في جزر منعزلة يعوق نجاح كل هذه المحاولات ويحولها إلى فشل محقق، وكذا لا يوجد حتى الآن جهة بعينها تعمل على تنسيق التواصل بين المخترع والمستثمر، لتحقيق نتائج عالية ترضي طموحنا، ولكن مع التوجيه الجديد بإضافة المشاريع الصغيرة والمتوسطة إلى وزارة الصناعة والتجارة نأمل في بناء مجمعات صناعية للمشاريع الصغيرة.
أول معمل متنقل في مصر
من ناحية أخرى التقت “رواد الأعمال” المهندس أحمد عبده، المسؤول عن مشروع “Tok Tok Fab Lab”، الأخير عبارة عن معمل متنقل، ويعد من الأفكار الإبداعية التي تخدم المهندسين والمبتكرين والباحثين والطلاب بشكل جديد.
كما أن المشروع حاصل على تمويل من أكاديمية البحث العلمي، وتم تنفيذه عبر وحدة نقل التكنولوجيا والابتكار التابعة لجامعة أسيوط.
عن فكرة مشروع “Tok Tok Fab Lab”، يضيف عبده: “العربة مساحتها تتراوح بين 6 – 14 مترا مربعا، وهي أيضا قابله للفتح والغلق أثناء توقفها، ويستوعب المعمل فى حدود عشرة طلاب يوفر لهم المعمل مكتبة باللغة العربية لنشر العلوم وتلفازا وحاسوبا وعارضا للبيانات، وتكلفته تتراوح بين 25 – 30 ألف جنيه، ويتكلف التنقل من مكان لآخر ألف جنيه حال الخروج إلى القاهرة، حيث يستهدف المعمل القرى والنجوع الفقيرة التى لا تستطيع أن توفر معامل علمية للطلاب الباحثين”.
منتج مصري خالص بسواعد الشباب
وأضح مسؤول المشروع، أن فريق العمل مكون من 15 باحثا، حيث تعتمد فكرة المشروع على تشجيع الصناعة المحلية وإنتاج منتجات نهائية خالصة من مصادر سلعية ومواد خام متوفرة في البلد؛ لأن معظم الفنيين في مصر حرفيون بالفطرة؛ ولذلك فلا بد من الاهتمام بالتعليم الفني وتشجيع الحرف والمهن الصغيرة.
سبل خلق منتج مصري خالص بمهارة وسواعد الشباب من وجهة نظر الباحث أحمد عبده تلخصت في تكاتف الوزارات مجتمعة، مطالبا بأن يكون البحث بالجامعات المصرية من أجل إيجاد حلول مبتكرة تخرج إلى الصناعة، لا من أجل مسائل أكاديمية فقط؛ ما يخلد حالة الركود والثبات عند المربع صفر.
وتابع قائلا: الهدف الأساسي من هذا المشروع هو التحول من فكر زراعي إلى فكر صناعي، حيث تحتوي العربة على طاولات للطلاب ووحدة إطفاء حريق، وكذا مزودة بأدوات سمكرة وأدوات يدوية وماكينة تصوير.